في تصريحات مثيرة وغير مسبوقة لمسؤول عراقي، اتهم النائب مشعان الجبوري الطبقة السياسية في العراق بالفساد، وأكد أن أعضاء البرلمان والحكومة كلهم فاسدون، مشددًا على أن هذا الفساد قد حرق العراق.
لندن: قال النائب مشعان الجبوري في مقابلة مع قناة عراقية، تابعتها "إيلاف"، إن جميع الطبقة السياسية في العراق فاسدة ولكل منا دوره في هذا الفساد.. وعندما سُئل كيف ذلك؟ اجاب: نحن في البرلمان مثلاً عندما تكون هناك ملفات فساد يجب علينا فتحها يأتي صاحب الملف فيدفع رشوة مغرية فلا يتم المضي بفتح ملف فساده.
وفيما اذا كان هو قد أخذ رشوة من هذا القبيل، قال: نعم والله وبشرفي أخذت رشوة بعدة ملايين من الدولارات لإغلاق ملف فساد لكنني أخذت الرشوة ولم اغلق الملف، ما دعا صاحبه الى شتمي بأقذع الكلمات.
وشدد النائب الجبوري بالقول.. الجميع فاسدون من لابس العقال الى لابس العمامة الى الافندي أي صاحب البدلة الرسمية.. وأضاف: اعضاء البرلمان والحكومة كلهم فاسدون وغير الفاسد جبان لايستطيع الحديث عن الفساد أو كشفه، أو هو سعيد بالامتيازات الضخمة التي يحصل عليها من السيارات المصفحة والحراسات والهيبة، التي تفتح له ابواب جميع الحواجز الامنية ليمر عبرها.
وفيما اذا كان يعتقد أن الطبقة السياسية الحاكمة في العراق حاليًا هي المسؤولية عن خراب البلاد، اجاب الجبوري: نعم كل الطبقة السياسية هي دمار العراق.. واذا كان هناك جائع في الشارع وطفل ينام دون طعام وشخص يموت بسبب عدم وجود أو عدم القدرة على الحصول على الدواء، فالسبب هي الطبقة السياسية الموجودة في المنطقة الخضراء المحمية وسط بغداد والطبقة السياسية الاخرى التي تدير المحافظات.
واكد قائلاً: كلنا نتحمل المسؤولية.. كلنا نأخذ رشوة ولا يوجد من لا يأخذها مهما علا شأنه، ومن يقول عكس ذلك فهو كاذب.. ومن يكشف أي فساد فإنه سرعان ما يتم قتله. وقال: اقسم بالله العظيم لديّ قصص فساد لو عرف بها العراقيون لهاجموا المنطقة الخضراء ومن فيها واحرقوها لكنني لا استطيع كشفها لاني سأقتل.
وأشار إلى أن أي شخص يقيم دعوى ضد قضية فساد فإنه يقتل بعد ساعات وحاليا هناك عناصر من المحتجين في تظاهرات الجمعة ضد الفساد قد اختطفوا ولم يعد يعرف احد مصيرهم.. وحتى القاضي او رئيس مجلس القضاء الاعلى اذا حاول فتح قضية فساد فإنه سرعان ما سيطاح به.
وشدد النائب مشعان الجبوري في الختام قائلاً: الجميع متورطون في الفساد حتى اصبح الفساد امرًا طبيعيًا وغير معيب وانما يفتخر به من يأخذ رشاوى.. الفساد سحق العراق سحقًا.
ومشعان الجبوري سياسي عراقي سني مثير للجدل، كان مقيم في سوريا ثم عاد إلى العراق، وقد هرب من العراق خلال الحرب العراقية الايرانية (1980-1988) واستقر في سوريا معارضًا لنظام صدام حسين. وعاد مجددًا إلى العراق بعد تغيير النظام عام 2003 ليعين حاكمًا للموصل لفترة وجيزة، كما قام بتأسيس قناة فضائية بإسم الزوراء.. ثم لجأ مجددًا إلى سوريا بعد اتهامه بالتعاون مع مجموعات معادية للدولة فأنشأ فيها قناة الرأي، التي كانت تدعم الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي غير أن السلطات السورية قامت بإغلاق القناة فعاد مجددًا إلى العراق بعد أن تم العفو عنه وبعدها قام بفتح قناة الشعب.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد استبعدته من الترشيح للانتخابات النيابية لعام 2014 عازية ذلك إلى "اساءته للكرد"، وهو مخالف لنظام الدعاية الانتخابية بعد ترشحه ضمن ائتلاف العربية الذي يتزعمه نائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك، وتمت اعادته للانتخابات بقرار قضائي آخر، ولكنه لم يحصل على مقعد نيابي لأنه حلّ بالمركز الثالث لكنه بعدها بأشهر تمكن من الحصول على مقعد في مجلس النواب بسبب صعود النائب أحمد عبد الله الجبوري إلى الحكومة كوزير، حيث ادى مشعان الجبوري اليمين نائبًا برلمانيًا في ايلول (سبتمبر) عام 2014.
العراق ضمن الدول العشر&الاكثر فسادًا في العالم
وكانت منظمة الشفافية الدولية قد اشارت الاربعاء الماضي الى أن العراق قد احتل المرتبة السادسة ضمن الدول العشر الاكثر فسادًا في العالم لعام 2015، وجاء في المركز 161 ضمن 167 دولة شملها تقرير لها.
وقالت مديرة إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة الشفافية الدولية غادة الصغير، "مرة أخرى فإن ثلاث دول&من بين أكثر 10 دول فسادًا في العالم موجودة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي العراق وليبيا والسودان". وأضافت: "استمرار الصراعات الكارثية في هذه الدول، وفي دول أخرى، يعني أن أي جهود لتعزيز المؤسسات والدولة قد واجهت عقبة كبيرة".
يذكر أن العراق يعاني فسادًا واسعًا في مؤسساته الدولية، حيث اطلق رئيس الوزراء حيدر العبادي في اب (اغسطس) الماضي حزمًا اصلاحية تضمنت إقالة نوابه الثلاثة ونواب رئيس الجمهورية الثلاثة، وتقليص عدد الحقائب الوزارية في حكومته. لكنّ كثيرًا من العراقيين يرون ان هذه الاجراءات لم تؤتِ ثمارها وينتقدها المواطنون الذين يتظاهرون ايام الجمعة في محافظات البلاد المختلفة، مطالبين بإجراءات حقيقية وعملية لمواجهة الفساد وملاحقة الفاسدين واسترجاع اموال الدولة التي نهبوها.
&والجمعة الماضي، اتهم المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيد علي السيستاني الحكومات، التي تعاقبت بعد سقوط النظام السابق، بسرقة أموال البلاد، وقال السيد أحمد الصافي معتمده وخطيب جمعة كربلاء أنّه خلال الفترة الاخيرة، وعلى الرغم من انبثاق حكومات من خلال انتخابات حرة، لكن الاوضاع لم تتحسن إلى الافضل في كثير من المجالات، بل ان معاناة الشعب زادت وتفاقمت نتيجة الحجم الواسع للفساد المالي والاداري. واشار الى أن المرجعية الشيعية العليا تطالب منذ العام الماضي السلطات الثلاث لرئاسات الجمهورية والبرلمان والحكومة والجهات المسؤولة الاخرى باتخاذ خطوات جادة في اصلاح اوضاع البلاد ومكافحة الفساد وملاحقة كبار الفاسدين والمفسدين.
التعليقات