بدأت انتقادات توجه إلى ميليشيات الحشد الشعبي في العراق بالدفع إلى تقليص دورها ومنع تغولها حيث أعلن اليوم عن تسريح ثلث مقاتلي هذا التشكيل العسكري ولكن بذريعة الازمة المالية التي تمر بها البلاد.. فيما حذرت القوى السنية العبادي من اجراء التغيير الوزاري المنتظر من دون استشارتها.

لندن: أعلنت قيادة الحشد الشعبي اليوم عن تسريح ثلث عناصر الحشد الشعبي للميليشيات العراقية التي تقاتل تنظيم "داعش" متذرعة بالأزمة المالية التي تمرّ بها البلاد من دون إعطاء توضيحات أخرى في بيانها الذي أصدرته الاربعاء حيث أخذت هذه الميليشيات ترتكب انتهاكات جسيمة باسم الحشد الذي تشكل اساسا لمحاربة داعش لكن انتهاكاته هذه طالت العراقيين أيضا.

وجاء هذا القرار بعد 24 ساعة من اعلان قيادة الحشد أوامر باعتقال من وصفتهم "منتحلي صفة الحشد الشعبي" في اعتراف ضمني بتجاوزات عناصره.. كما تقضي الاوامر بالتنسيق مع قيادة عمليات بغداد لغلق ما قالت انها "المقار الوهمية" لفصائل الحشد وفق القانون وبأوامر قضائية وهي اوامر أصدرها نائب رئيس هيئة الحشد أبو مهدي المهندس المعروف بأنه كان احد عناصر الحرس الثوري الايراني لدى وجوده في ايران هاربا من العراق في حقبة النظام السابق.

وبعد 20 شهرًا من تشكيل الحشد الشعبي فقد بدأت أصابع اتهام رسمية توجه إلى قياداته وعناصره بتجاوزات وفساد مالي من الواضح انها تستهدف إلى تحجيم عمليات الانفلات التي رافقت مسيرته منذ ان دعا إلى تشكيله المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني عقب احتلال داعش مدينة الموصل الشمالية وتهديده بالزحف على مدينتي النجف وكربلاء المقدستين لدى الشيعة في حزيران (يونيو) عام 2014.

وتقول قيادات الحشد إن عدد عناصره يبلغ مائة ألف مسلح لكن مصادر شبه رسمية تقول إن عددهم لايزيد على 60 ألفا ما اثار شبهات فساد في سرقة رواتب اعداد من عناصره الموجودة اسماؤهم فقط في قوائم تشكيله زورا.

والاثنين الماضي دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي قادة الحشد إلى كشف الفساد ومحاربته وقال إن ادارة الحشد الشعبي فيها مشكلة تتعلق بزيادة العدد خارج التخصيصات. واوضح ان "هناك فضائيين يتقاضون رواتب في الحشد بدلا من المقاتلين المجاهدين في ساحات المعركة". واتهم العبادي جهات لم يسمها بامتلاك جزء صغير من المقاتلين في الحشد الشعبي لكنها تتقاضى رواتب كبيرة لتمول نفسها في الانتخابات المقبلة.

وكانت الممارسات الطائفية لعناصر الحشد خلال تحرير مدينة تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين الغربية الصيف الماضي قد أثارت انتقادات داخلية وخارجية ضده وصلت إلى حد اتهامه بجرائم حرب ضد الانسانية. وقد دفع ذلك القوات الاميركية والعراقية إلى منع الحشد من المشاركة في معركة تحرير مدينة الرمادي عاصمة محافظة الانبار الغربية وهو الامر نفسه الذي يثير جدلا حاليا حول مشاركة الحشد في معركة تحرير الموصل المنتظرة من عدمه.

مصادر عراقية تحدثت اليها "إيلاف" كشفت عن توجه نحو ضم الحشد تنظيميا إلى القوات الامنية لوضعه تحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة وهو العبادي نفسه الامر الذي سيحد من سطوته ويضعها تحت سيطرة القيادة العسكرية.

واشارت المصادر إلى أنّ الحل الاخر للحد من سطوة الميليشيات المسلحة هو التوجه الحالي لمجلس النواب لاقرار قانون التجنيد الالزامي الذي سيؤدي إلى انخراط الشبان العراقيين من مختلف طوائفهم وقومياتهم في تشكيلات القوات الامنية ما يحقق توازنا للمكونات العراقية فيها حيث يشكو السنة ان تمثيلهم في هذه القوات لا يتعدى نسبة 15 بالمائة وهو ما اشار اليه رئيس المجلس سليم الجبوري مؤخرا.
&
السنة: استشارتنا بالتغيير الوزاري شرطنا لدعمه

اشترطت القوى السنية العراقية لدعم التغيير الوزاري المنتظر استشارتها في التشكيلة الحكومية الجديدة التي سيعلن عنها رئيس الوزراء حيدر العبادي وحذرت من أن الانفراد في اتخاذ قرار التغيير سيزيد المشهد العام تعقيدا. وأكد تحالف القوى العراقية "السني" تأييده مساعي العبادي في اجراء تغييرات في وزراء الحكومة الحالية وفق شروط ورقة الاصلاح التي تشكلت بموجبها في ايلول (سبتمبر) عام 2014.

وقال "اننا مع الإصلاح وأي تغيير من شأنه ان يضمن التنفيذ الدقيق لبنود وثيقة الاتفاق السياسي التي أصبح بموجبها العبادي رئيسا للحكومة وعودة المهجرين والنازحين إلى مناطقهم وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار وإعمار المدن المحررة من دنس داعش الارهابي وحصر السلاح بيد الدولة والعمل على اطلاق سراح المختطفين من قبل الميليشيات الخارجة على القانون ومحاسبتها على جرائمها وبسط الامن والاستقرار في عموم العراق".

وطالب التحالف في بيان عقب اجتماع لهيئته السياسية اليوم واطلعت على نصه "إيلاف" بأن يكون التغيير الوزاري المنشود ناتجا من قيام العبادي بحوار جاد وبناء مع الكتل والقوى السياسية للوصول إلى موقف موحد لاختيار الالية المناسبة للوصول إلى تشكيلة وزارية قادرة على النهوض بأعباء المرحلة الحالية الاقتصادية والسياسية والأمنية وبما يؤدي إلى إنقاذ البلد من الاخطار المحدقة به داخليا وخارجيا والرامية إلى النيل من وحدته الوطنية ونهب ثرواته ومسخ هويته العربية والإسلامية".

وحذر التحالف من ان الانفراد في اتخاذ قرار تغيير التشكيلة الوزارية وعدم الالتزام بالتوافق السياسي من شأنه ان يزيد المشهد العام تعقيدا ويعيد الأمور إلى المربع الاول وهذا ما لا يستطيع العراق تحمله في ظل ظروف داخلية واقليمية ودولية شديدة الخطورة بحسب قوله.

يذكر أن مواقف القوى السياسية العراقية التي تتوإلى حاليا من التغيير الوزاري "الجوهري" الموعود تباينات في الموقف من شمول رئيس الحكومة بهذا التغيير ومن متطلباته وشكله المنتظر. وكان العبادي دعا الثلاثاء الماضي البرلمان إلى التعاون معه لاجراء تغيير وزاري "جوهري" يضم شخصيات "تكنوقراط" مشددًا على أن العراق سيتجاوز ما أسماها "المحنة" التي يمر بها حاليا.

ودفعت تظاهرات احتجاج في عموم العراق مستمرة منذ تموز (يوليو) الماضي والدعوات التي أطلقها المرجع السيستاني لاجراءات تكفل محاربة الفساد وإنهاء أزمات البلاد الامنية والاقتصادية.. دفعت العبادي إلى محاولة البدء بتفكيك نظام المحاصصة في البلاد واجتثاث الفساد لكن حملته هذه تعثرت بسبب طعون قانونية ومعارضة من قطاعات مقاومة للتغيير ما ادى إلى تعرضه لانتقادات لعدم اتخاذه إجراءات حاسمة.

ويتوقع سياسيون ودبلوماسيون أن يواجه التغيير الوزاري المقترح مقاومة من الكتل السياسية الرئيسة وقد ينتهي بخسارة العبادي منصبه.