كشفت دراسة أعدها باحث في شؤون الجماعات المسلحة والارهابية أن عدد الهجمات الانتحارية التي شهدها العراق خلال شهر شباط (فبراير) الماضي كان 15 هجوما ارهابياً نفذه 45 انتحاريًا، معظمهم من العراقيين والسوريين وبينهم إيراني، في أول إعلان يتبناه تنظيم داعش بشأن مشاركة إيرانيين في عملياته في العراق.
&
بغداد: قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية ونشاط الميليشيات في العراق مهند الغزي ان 15 هجوماً انتحارياً شهدها العراق خلال شهر شباط نفذها 45 انتحارياً بسيارات مفخخة وأحزمة ناسفة وجلهم من العراقيين والسوريين وبينهم إيراني وباكستاني وليبي.
&
وأوضح الغزي في حديث خاص لـ"إيلاف" ان هذه الحصيلة "تعد منخفضة مقارنة مع شهر كانون الثاني يناير الماضي حيث انخفض عدد منفذي التفجيرات من 54 الى 45 انتحارياً، لكن الهجمات الأخيرة خلال شهر شباط فبراير كانت أشد وأعنف، وبخاصة الهجمات الثلاث الأخيرة في بغداد والمقدادية".
&
واضاف ان عديد الانتحاريين الأجانب من جنسيات مختلفة انخفض أيضا مقارنة مع أشهر ماضية ما يكشف عن هجرة مقاتلي التنظيم من العراق نتيجة المعارك الجارية والهزائم التي تعرض لها سواء في الانبار او في صلاح الدين.
&
خريطة التفجيرات وجنسيات الانتحاريين
&
وقال الغزي إن "45 انتحارياً نفذوا 15 هجوما انتحاريا خلال شهر شباط لكن الهجمات انقسمت بشأن آلية تنفيذها حيث كان هناك 33 انتحارياً بأحزمة ناسفة و12 انتحارياً نفذوا هجماتهم بسيارات مفخخة".
&
وبشأن خريطة الهجمات الانتحارية قال انها توزعت على خمس محافظات عراقية حيث سُجلت في بغداد اربع عمليات انتحارية وفي الانبار 34 عملية انتحارية وفي ديالى عملية واحدة وفي كركوك ثلاث عمليات انتحارية ومثلها في محافظة صلاح الدين.
&
اما عن جنسيات الإرهابيين الذين نفذوا تلك العمليات فقال الغزي ان "عدد الانتحاريين العراقيين كان 18 انتحارياً في مقابل 11 انتحاريا سورياً وانتحاري باكستاني واحد وانتحاري ليبي واحد و13 انتحاريا مجهول الهوية".
&
لكن الغزي لفت الى انه يسجل لأول مرة الإعلان عن "قيام إيراني بتنفيذ عملية انتحارية في غرب بغداد، وتبناها تنظيم داعش في اعلان عبر وسائل تذيع خطاباته".
&
وقال إن "تلك العملية هي التي مهدت لحدوث الخرق الأمني في منطقة أبو غريب في 29 من شهر شباط، حيث قام انتحاري عرّف باسم (سلمان الفارسي) بتنفيذ هجوم إرهابي بسيارة مفخخة في منطقة الكرمة، وقد نعاه تنظيم داعش عبر مواقعه وقال انه إيراني".
&
الانغماسيون&
&
ولفت الى ان معظم الهجمات نفذها ما يعرفون باسم "الانغماسيين" وهم انتحاريون بأحزمة ناسفة ويحملون سلاحا رشاشا او مسدساً ويدخلون منغمسين بين المدنيين او القوات الامنية صوب الهدف ويقومون بإطلاق النار ويقتلون من يمكنهم قتله قبل ان يفجروا انفسهم او ينسحبون في حال فشلهم.
&
وعن تفاصيل العمليات يسرد الغزي قائلا "انه في الأول من شهر شباط قام (انغماسيان) اثنان بتنفيذ هجوم قرب ناحية العلم في صلاح الدين لكن الشرطة تمكنت من قتل احدهم فيما عاد &الثاني بعد ان فشل في تفجير نفسه.
&
وفي عملية ثانية قال الغزي ان "ثلاثة انتحاريين هم أبو البراء العراقي وأبو مسلم العراقي وأبو محمد الباكستاني فجروا في الأول من شباط الماضي ثلاث سيارات مفخخة في منطقة طوز خورماتو".
&
وأضاف "فيما نفذ في الخامس من شهر شباط فبراير خمسة (انغماسيين) هجوما انتحاريا في ناحية البغدادي بمحافظة الانبار وهم (أبو حذيفة الليبي وأبو ياسين العراقي واسد الله الشامي وسيف الله العراقي وأبو عائشة العراقي)".
&
وفي الخامس من شهر شباط فبراير أيضا قام، وفقا للغزي، انتحاري يدعى (أبو هيمن البصراوي) بتنفيذ هجوم إرهابي بسيارة مفخخة قرب حقول علاس النفطية في محافظة صلاح الدين.
&
وفي الـ15 من شباط فبراير اقدم الانتحاريان أبو بكر الشامي وأبو شعيب الشامي على تفجير سيارتين مفخختين في هجوم إرهابي في ممنطقة الكليو 60 في الانبار.
&
وفي الانبار أيضا وفي الحادثة الشهيرة التي استهدفت القوات الأمنية العراقية التي حققت انتصارات في مدينة الرمادي قال الغزي ان " 10 (انغماسيين) قاموا بتنفيذ هجوم على قوات الجيش العراقي في منطقة الكيلو 35 حيث تمت مواجهة الهجوم الارهابي ولم يستطع الوصول منهم سوى أربعة"، و(الانغماسيون)، بحسب الباحث مهند الغزي، هم "أبو يوسف الكبيسي وأبو مريم الفلوجي وأبو عمر الهيتي وأبو خالد العراقي وأبو جليبيب الشامي وأبو جراح الشامي وأبو الدرداء الشامي وأبو عمر الشامي".
&
وفي هذا اليوم نفسه نفذ ثلاثة (انغماسيين) هجوما إرهابيا قرب حديثة وهم "أبو الزبير العراقي وأبو حمزة الشامي وثالث لم تعرف هويته" كما يؤكد الغزي الذي يلفت أيضا الى ان مدينة حديثة تعرضت في الـ22 من شهر شباط فبراير الى هجوم بثلاثة انتحاريين لم تعرف هويتهم ايضاً.
&
وأضاف الغزي بشأن الهجمات الأعنف نهاية شهر شباط، قائلا ان "هجوما انتحاريا عنيفا في منطقة الشعلة في بغداد نفذه انغماسيان فجرا نفسيهما وهما أبو رواح الانصاري وأبو تراب الانصاري".
&
وتابع " في الـ27 من شباط فبراير الماضي نفذ أربعة انتحاريين هم أبو زيد الشامي وأبو عمر المرعاوي وأبو البراء الشامي هجوما إرهابيا بجرافة وسيارتين مفخختين في منطقة الكيلو 18 في محافظة الانبار، مشيرا الى انه في اليوم نفسه "سجل قيام إرهابي هو أبو عبد العزيز الانصاري بتنفيذ هجوم انتحاري بسيارة مفخخة".
&
وبشأن التفجير العنيف الذي شهدته مدينة الصدر في بغداد، قال الغزي ان من نفذه هما (انغماسيان) يعرفان باسمي "أبو قدامة الانصاري وأبو ذر الانصاري".
&
كما أشار الغزي الى ان التفجير الإرهابي المؤلم الذي استهدف مجلس عزاء في قضاء المقدادية نفذه إرهابي يعرف باسم "أبو أيوب البدري" في 29 شباط فبراير، مشيرا الى انه في ذلك اليوم " نفذ خمسة (انغماسيين) هجوما انتحاريا ارهابياً قرب حديثة في الانبار".
&
ونوه الى ان نسبة الإرهابيين من العراقيين والسوريين لم تتغير كثيرا مقارنة مع شهر كانون الثاني يناير الماضي حيث سجل قيام 23 عراقيا و10 سوريين بتفجير انفسهم، لكن شهر يناير شهد قيام خمسة طاجيكيين وشيشاني وجزائري وروسي وماليزي ومغربي وسعودي ومصري بتفجير انفسهم إضافة الى ثمانية مجهولي الهوية.
&
تحول خطير&
&
عن خريطة التفجيرات هذه قال الباحث إبراهيم الصميدي لـ"إيلاف" ان "اكثر من ثلثي العمليات الإرهابية والانتحارية تجرى في المناطق السنية وبالفعل كانت ولا تزال الانبار تحتل المركز الاول، فيما تأتي بعدها محافظتا بغداد وصلاح الدين وكذلك ديالى".
&
اما بشأن جنسياتهم فقد اشار الصميدعي الى انه "في البداية كان الأجانب هم من يقوم بالتفجيرات الانتحارية وبدور (الانغماسيين) فيما كان التنظيم يحتاج الى العراقيين في العمليات اللوجستية وكأدلاء ولكن بعد ان تمكن التنظيم من فرض خريطته طلب زعيمه أبو بكر البغدادي من عناصر التنظيم العراقيين تنفيذ الهجمات الانتحارية".
&
وأضاف "اليوم ووفقا لهذه النسبة لا يمكن القول ان عناصر التنظيم الأجانب قد هربوا اوغادروا العراق في هجرة عسكرية ، بل نستطيع ان نقول قلّ تدفقها بسبب عمليات التطويق التي ينفذها العراق ومعه اطراف التحالف الدولي وكذلك الدور الذي بدأت تقوم به تركيا مؤخرا والتضييق على مصادره المالية والبشرية".
&
وبشأن الإعلان عن قيام انتحاري إيراني بتفجير نفسه قال الصميدعي ان هذا "تحول خطير في خريطة التنظيم وهو بحاجة الى دراسة، ويمكن القول هنا ان اشهار التنظيم بهوية مقاتليه الايرانيين يلفت الى مسألتين مهمتين الأولى هي انه يمتلك قواعد ثابتة وخلايا نائمة في ايران بدأ بتحريكها، والمسألة الثانية استغلال ما يمكن ان اسميه (طريق الحرير) وهو طريق زيارة العتبات المقدسة لتسلل عناصره سواء كانوا إيرانيين او من جنسيات أخرى عبر ايران".
&
فيما قال الدكتور انس العزاوي عضو حركة الحل ان اعلان التنظيم عن قيام إيراني بتنفيذ احدى هجمات يبدو انه "تسريب غير مسيطر عليه" لافتا الى ان ثمة دلائل ومعلومات تشير الى تورط ايران بتسهيل مرور انتحاريين كما يحصل الامر مع دول جوار أخرى للعراق.
&
وأضاف العزاوي ان هناك معلومات استخبارية عراقية مسربة تشير الى "العثور على جوازات سفر لارهابيين عليها اختام معابر حدودية إيرانية"، وفي ما يتعلق بانخفاض نسبة الانتحاريين الأجانب قال العزاوي "ألفت هنا الانتباه الى حادثة قيام تنظيم داعش بإعدام ثمانية هولنديين واحتجاز 50 آخرين حاولوا الهرب، وهو على ما يبدو تمرد داخل التنظيم بعد النجاحات الأمنية العراقية الأخيرة".
&
وأشار الى ان اعداد العراقيين والسوريين واغلبهم ليسوا قيادات ميدانية تعني انهم" اصبحوا بين المطرقة والسندان ، بين مواجهة حقيقة الواقع الحالي وسراب دولتهم المزعومة وقرب زوالها وبين مواجهة القضاء العراقي الذي حتما سيقتص منهم بالاعدام وبالتالي لم يعد امامهم اﻻ قتل انفسهم بحجة وهم الجهاد".
&
براءة العشائر&
&
من جهته قال عضو لجنة الامن والدفاع محمد الكربولي لـ"إيلاف" ان التفجيرات في معظمها وبحسب خريطتها كانت تتوزع بين هدفين "الأول عرقلة تقدم القوات الأمنية والثاني اثارة فتنة طائفية في العراق".
&
وبشأن الحوادث في الانبار قال الكربولي ان "اغلب العشائر الانبارية تبرأت من المنتمين لتنظيم داعش ومن المبايعين او المتورطين مع هذا التنظيم وبالتالي تم هدر دمهم، فلا سبيل لهم اﻻ الموت على الباطل وهو ما يقومون به غير مأسوف عليهم".
&
وفي ما يتعلق بخريطة التفجيرات قال المتحدث باسم عصائب اهل الحق نعيم العبودي لـ"إيلاف" ان الوضع الحالي "لا يمكن التكهن به فثمة معلومات دقيقة في حزام بغداد انها لا تزال مناطق رخوة وان هناك خلاية نائمة".
&
العبودي يلفت الى ان منطقتي "الكرمة والفلوجة" يجري فيهما "تجهيز السيارات المفخخة"، مشيرا الى ان الهدف من التفجيرات الأخيرة هو "المشاغلة" ولفت النظر عن انكسارات داعش وضرب أمثلة بتفجيرات مدينة الصدر والمقدادية والشعلة.
&
وقال ان هذا "نهج يضع الحكومة والمسؤولين عن الملف الأمني امام تحدي الارتقاء بالجانب الاستخباري وامتلاك زمام المبادرة".
&

&