أعلن مجلس الشورى السعودي انه يدرس ايقاع عقوبة التشهير "بالدعوجية"، وهم الأشخاص الذين يمارسون مهنة المحاماة خلافاً لأحكام نظامها، فيما برز جدل قانوي واجتماعي حول هذه الظاهرة، لا سيما لجهة ضرورة تنظيمها وتدريب أفرادها، أو منعهم بشكل مطلق.

الرياض: كشف مجلس الشورى السعودي انه بصدد دراسة فرض عقوبات إضافية على منتحلي شخصية المحامي أو من يعرفون محليا "بالدعوجية"، حيث أوصت لجنة متخصصة بإدراج عقوبة التشهير إضافة إلى العقوبات السابقة وهي السجن مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تقل عن ثلاثين ألف ريال، وذلك بحسب بيان صادر عن مجلس الشورى السعودي.

والدعوجية هم الأشخاص الذين يقومون بالترافع نيابة عن الآخرين من دون ترخيص لمزاولة مهنة المحاماة حيث يتم ذلك عن طريق وكالات شرعية، ويكونون في الغالب مراجعين سابقين للدوائر الحكومية، تطوروا مع الممارسة المستمرة في مراجعة المحاكم إلى أن اكتسبوا خبرة خوّلتهم الترافع في القضايا المختلفة.

وتتيح اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة، توكيل الأفراد &لغير المحامي للترافع عنهم &أمام المحاكم، لا سيما في الإجراءات الأسرية والإدارية، وذلك بهدف التيسير على أصحاب تلك القضايا لاستخدام الأقارب ومن في حكمهم لمباشرة قضاياهم، فيما يحدد النظام ثلاث حالات يحق لمن يمتهن مهنة الدعوجي الترافع فيها من دون أن يتولى قضايا أخرى.

مثيرة للجدل

العقوبات الجديدة التي يدرس مجلس الشورى السعودي تطبيقها، قد تشمل عقوبة التشهير إضافة للسجن والغرامة بحق كل من ترافع وهو "غير محامٍ" &أو "دعوجي" أوكل إليه أكثر من ثلاث وكالات شرعية، وهو ما يخالف النظام الذي يعطي حق الترافع لمن لديه وكالات شرعية من ثلاثة أشخاص كحد أقصى، كما يلزمه بتعبئة نموذج في المحكمة بهذا الخصوص، فيما يشترط في &الوكيل أن لا يكون موظفا في الدولة وأن يكون سعوديا.

الدكتور عيسى الغيث ، قاضي الاستئناف عضو مجلس الشورى السعودي ، أوضح أن هناك عدة أسباب وقفت عائقا أمام عدم اندثار ظاهرة "الدعوجية"، من أبرزها النظام الذي يتيح لهم الترافع حتى ثلاث قضايا ، وانخفاض أتعابهم مقارنة بالمحامين ، مشيرا في حديثه لـ "إيلاف" إن غالب المراجعين الذين يترافعون عن وكلائهم هم &أصيلون وليسوا وكلاء ، مثل الزوج عن زوجته &أو الأصهار وذوي القربى في ما بينهم، وعن العقوبات المقرر فرضها من قبل &الشورى ، قال الغيث انه هذه الإجراءات غالبا ما تبدأ &بمقترح من عضو ثم تدرج في جدول الأعمال وتسير في إجراءات إدارية، ومن السابق لأوانه الحديث عنها.

ولا تزال مهنة "الدعوجي" تثير الجدل في المرافق القضائية في السعودية، حيث يتهمهم المحامون بأنهم يسيئون للمهنة ويخفضون مستواها، و"الدعوجي" مصطلح رائج في المجتمع الحجازي يقصد به المحامي الذي لا يحمل شهادة المحاماة، حيث يتسلح&بالتوكيل الذي حصل عليه من قبل موكله وهو الذي يعطيه الحق في الترافع ، وإضافة إلى علاقاتهم الواسعة، لدى الدعوجية &ملكات شخصية مثل القدرة على الإقناع واللسان الجميل والتعامل مع الآخرين إضافة الى الوجاهة في الملبس بحيث يجبر الشخص المتعامل معه على احترامه.&

وتقول بيان زهران، وهي أول محامية سعودية، إن الدعوجي مهنة لم ترق إلى مستوى الوظيفة في السلم الوظيفي، مشيرة في حديثها &لـ "إيلاف" إلى انه عبارة عن شخص احترف عمل المحاماة من خلال الاحتكاك بالكثير من الدوائر الحكومية، لكن هذا &الأمر لا يعني في نهاية المطاف بأنه محامٍ، &وأضافت: "غالبًا من يلجأ للدعوجي يتوقع أنه يوفر عليه في الجانب المادي، لكنه بعد ذلك يتعرض لمشكلات قانونية يصعب علاجها نظرا للجوئه لشخص غير مؤهل وغير مختص".

وأوضحت زهران انه من السهل أن تكتشف أن الذي يترافع دعوجي وليس محاميا، وذلك من خلال عدم إلمامه بالنصوص القانونية المستندة إلى نظام المحاماة في السعودية، وهم يرهقون المحكمة كثيرًا، عكس المتخصص الذي يسهل عمل المحكمة، مشددة على أن مهنة المحاماة يجب أن تكون مبنية على التحصيل والتأسيس العلمي الكامل بدراسة القانون أو الشريعة، فليست الممارسة وحدها كافية دون التأسيس العلمي".

خبرات عملية

من جهته، يقول أبو سعود، وهو احد السعوديين الذين يمارسون مهنة "دعوجي"، إنه اكتسب خبرة الإلمام بإجراءات المحاكم من خلال سعيه لسنوات في قضية لشقيقته التي وكلته لأخذ حق أولادها من ميراث أبيهم المتوفي، مشيرا في حديثه لـ "إيلاف" انه ومن خلال احتكاكه بالإجراءات أصبح أقرباؤه يقومون بتوكيله في قضاياهم المختلفة ومن ذلك الوقت أصبح معروفا بين &قبيلته بأنه دعوجي، مؤكدا أن دوره لا يتجاوز كتابة المعاريض والخطابات.

ويقول ابو سعود انه يساعد أقاربه الذين لا يملكون ثقافة قانونية في كتابة المذكرات، لاسيما أنهم يقومون بكتابة عقود ركيكة وبصيغ بدائية لا تحفظ حقوقهم ، مبينا أنه يتقاضى مبالغ زهيدة جراء هذا العمل مقارنة مع ما يتقاضاه المحامي وأحيانا لا يتقاضى ويعمل ذلك كخدمة بحسب وصفه، وأضاف: "أما في مسائل الترافع في قاعات المحاكم، فقليلا ما أقوم بذلك، وفي قضايا صغيرة جدًا، وغالبا في قضايا الأحوال الشخصية".

إلى ذلك، يرى البعض ضرورة في عدم إخراج هذه الفئة من دائرة العمل وعدم التضييق عليهم، حيث يقول محمود الحربي، وهو باحث قانوني، إنه من الأفضل أن يمنح "الدعوجية" دورات تثقيفية مع تقييد عملهم في بعض المجالات، مشيرا في حديثه لـ "إيلاف" انه يرى عدم إخراجهم من دائرة العمل لعدة أسباب، منها حاجة سوق العمل لهم، وأن تكاليفهم تناسب بعض الأشخاص لانخفاض تكلفتهم عن تكلفة المحامي.

تجدر الإشارة، إلى أن مهنة المحاماة تعتبر من المهن الناشئة في المجتمع السعودي، حيث لا تلزم المحاكم المتخاصمين بوجود محام في كل مرافعة، وأن الناس هم من يترافعون عن أنفسهم، في حين أن المحاكم الإدارية هي من يوجد بها محامون بشكل أكبر، باعتبار أن القضايا المرفوعة فيها قضايا تجارية أو أمور متعلقة بالشركات، وتعمل السعودية بشكل مستمر في التوعية القانونية وحث الناس للجوء إلى المحامين، حيث من شأن ذلك أن يريح القضاة.
&