بدأت فصائل سورية معارضة تسلّحها جهات أميركية مختلفة تتقاتل في ما بينها في المناطق الواقعة بين حلب المحاصرة والحدود التركية، ليتضح أن ضباط المخابرات الأميركية والمخططين العسكريين الأميركيين لا يستطيعون السيطرة على الفصائل التي يموّلونها ويدرّبون مقاتليها.&
&
حلب: أكد مسؤولون أميركيون وقياديون في المعارضة السورية تصاعد حدة القتال خلال الشهرين الماضيين بين فصائل تسلحها وكالة المخابرات المركزية الأميركية وأخرى يسلحها البنتاغون، للسيطرة على مناطق متنازع عليها في ريف حلب الشمالي. &
اللعب المنفرد
وكانت قوات "فرسان الحق"، التي تسلحها وكالة المخابرات المركزية، طُردت من بلدة مارع في شمال حلب، خلال هجوم شنته القوات الديمقراطية السورية، التي يسلحها البنتاغون، انطلاقًا من المنطقة الخاضعة للقوات الكردية شرقًا في منتصف شباط/فبراير الماضي. &
وقال قائد لواء فرسان الحق المقدم فارس بيوش في مقابلة مع صحيفة لوس أنجيليس تايمز: "إن أي فصيل يهاجمنا سنقاتله بصرف النظر عمّن يدعمه". &وتحدث مقاتلون آخرون في المعارضة السورية عن وقوع اشتباكات مماثلة في بلدة أعزاز، التي تشكل نقطة مرور استراتيجية للمقاتلين، والإمدادات بين حلب والحدود التركية. &
تبيّن الهجمات التي تشنها فصائل مدعومة من الولايات المتحدة ضد بعضها البعض المصاعب التي تواجه الولايات المتحدة في التنسيق بين عشرات الفصائل المسلحة التي تقاتل ضد نظام بشار الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وضد أحدها الآخر في وقت واحد. &
فشل التنسيق
قال زعيم الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي آدم شيف إن الاشتباكات بين فصائل مدعومة أميركيًا "ظاهرة جديدة، وهي جزء من رقعة الشطرنج ثلاثية الأبعاد، التي تشكل ساحة القتال السورية"، واصفًا التنسيق بين الفصائل المختلفة بأنه "تحدٍ هائل". &
ونقلت صحيفة لوس أنجيليس تايمز عن مسؤول أميركي طلب عدم كشف اسمه، "أن هذه حرب معقدة متعددة الأطراف، خياراتنا فيها محدودة بشدة. فنحن نعرف أننا نحتاج شريكًا على الأرض، ولا نستطيع أن نهزم داعش من دون هذا الرقم من المعادلة، ولهذا نستمر في محاولة بناء هذه العلاقات". &&
وكان البنتاغون أرسل في العام الماضي نحو 50 من قوات العمليات الخاصة إلى مناطق تسيطر عليها القوات الكردية في شمال شرق سوريا لرفع مستوى التنسيق مع الفصائل المحلية، ومنع التنظيمات المدعومة أميركيًا من الاقتتال في ما بينها. لكن مثل هذه المناوشات أصبحت أمرًا مألوفًا. &
صراع البنتاغون - المخابرات
وقام البنتاغون بدور كبير في تشكيل ائتلاف جديد باسم القوات الديمقراطية السورية لتسليحه وإعداده ضد داعش في شرق سوريا وتقديم معلومات إلى الطائرات الأميركية في ضرباتها الجوية ضد داعش. &
وتسيطر وحدات حماية الشعب الكردية على القوات الديمقراطية السورية، التي انضمت إليها بعض التشكيلات العربية، لكي لا تبدو قوة كردية محضة، هدفها اجتياح المنطقة. وتلقى الائتلاف الجديد أسلحة وإمدادات أميركية أُلقيت إليه جوًا، ومساعدة من القوات الخاصة الأميركية. &&
وقال قائد العمليات الخاصة الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل إن الأكراد يشكلون نحو 80 في المئة من مقاتلي القوات الديمقراطية السورية. في هذه الأثناء، تقود وكالة المخابرات المركزية عمليات خاصة بها لدعم فصائل سورية سلحتها بصواريخ تاو المضادة للدبابات. وفي حين أن عمليات البنتاغون تأتي في إطار مجهود التحالف الدولي ضد داعش، فإن نشاط وكالة المخابرات المركزية يشكل جزءًا من عملية أميركية موجّهة ضد نظام الأسد.&
لردع التقسيم
في البداية كانت الفصائل المسلحة من البنتاغون تعمل في شمال شرق سوريا، والمدعومة من وكالة المخابرات المركزية تعمل في الشمال الغربي، لكن الغارات الجوية الروسية أضعفتها، وأتاح هذا للقوات التي يقودها الأكراد توسيع الرقعة الواقعة تحت سيطرتها إلى أطراف حلب، وبذلك زيادة احتكاكها بالفصائل المدعومة من وكالة المخابرات المركزية.&
وقال الخبير في شؤون الأزمة السورية في مركز الأمن الأميركي الجديد للأبحاث في واشنطن نيكولاس هيراس، "إن القتال على الأرض في حلب يبيّن الصعوبة التي تواجه الولايات المتحدة في التعاطي مع هذه النزاعات ذات الطابع المحلي، وفي بعض الحالات تكون نزاعات مزمنة". أضاف "إن منع الاشتباكات من القضايا الدائمة في غرفة العمليات المشتركة مع تركيا". &
وقال مقاتل في&لواء صقور الجبل، الذي له ارتباطات بوكالة المخابرات المركزية الأميركية، إن ضباط الاستخبارات الأميركية يعرفون أن الفصائل التي يدعمونها اشتبكت مع الفصائل التي درّبها وسلحها البنتاغون. أضاف المقاتل لصحيفة لوس أنجيليس تايمز "إن مركز العمليات المشتركة يعرف أننا نقاتلهم، وسنقاتل كل من يهدف إلى تقسيم سوريا أو إلحاق الأذى بشعبها".&
سلطات ميدانية
لاحظ الخبير هيراس أن الاشتباكات بين القوات الكردية المدعومة من البنتاغون والفصائل المدعومة من وكالة المخابرات المركزية في بلدة مارع أثارت خلافات بين المسؤولين الأميركيين والأتراك. أضاف أن القوات الديمقراطية السورية انسحبت إلى أطراف مارع بعد ضغوط أميركية على الأكراد. &
وقال خبراء إن استمرار القتال بين فصائل مختلفة مدعومة كلها من الولايات المتحدة قد يكون حتميًا. وبحسب جيفري وايت، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات الدفاعية، فإن هذه الاشتباكات يمكن أن تتفاقم إلى "مشكلة أكبر نتيجة القتال من أجل الأرض والسيطرة على منطقة الحدود الشمالية في محافظة حلب".
التعليقات