بعد شهر من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انسحابًا جزئيًا لقوات بلاده من سوريا، تراجعت أعداد الطلعات الجوية من قاعدة حميميم العسكرية، لكن موسكو لا تزال تلعب دورًا رئيسًا في المعارك.

دمشق: هناك نحو عشر طائرات على مدرج مطار هذه القاعدة في شمال غرب سوريا. وفي مكان قريب، يعمل رادار عملاق لمنظومة إس-400 للدفاع الجوي، أحدث ما انتجته الترسانة الروسية.

مهام محصورة
لكن خلال زيارة منظمة، تحت اشراف مباشر من السلطات الروسية، لاحظ صحافي من وكالة فرانس برس تراجعًا كبيرًا في الأنشطة الروسية في القاعدة منذ كانون الاول/ديسمبر عندما بلغت عمليات القصف ذروتها.

آنذاك، خلال أول زيارة مماثلة، كان الضجيج يصم الآذان من الحركة المتواصلة للطائرات الروسية. لكن هذه المرة، لم يكن هناك أي إقلاع في المكان وانخفض عدد الطائرات التي يمكن رؤيتها.

وقال إيغور كوناشنكوف، المتحدث العسكري لوكالة فرانس برس، من القاعدة "تم سحب اكثر من عشرين طائرة، وضمنها سو 34، سو 24 وسو 25 &فضلاً عن مروحيات من طراز ام اي 8 وام اي 24 . اقل من نصف طائراتنا بقيت هنا".

وفي اواخر ايلول/سبتمبر، سارعت روسيا الى دعم حليفها بشار الاسد، عبر نشر قوات في سوريا، البلد الذي يمزقه منذ خمس سنوات نزاع معقد، ادى الى مقتل اكثر من 270 الف شخص، وارغم الملايين على الفرار من منازلهم.

وفي آذار/مارس، أخذ بوتين الجميع على حين غرة، من خلال اعلانه سحب غالبية القوات الروسية، بعد ايام قليلة من بدء هدنة بين المعارضة والنظام اقترحتها موسكو وواشنطن. وبعد ذلك، بدأت مباحثات بين الاطراف السورية في جنيف تحت رعاية الامم المتحدة.

واعتبر الرئيس الروسي أن مهمة القوات الروسية "انجزت بشكل عام". وقد أدى تدخل موسكو التي شنت تسعة آلاف ضربة جوية الى استعادة قوات النظام المبادرة من المعارضة.

دور مهم
لكن روسيا اكدت انها ستبقي على وجود عسكري في سوريا. ومنذ "الانسحاب"، واصلت موسكو بالفعل دعم دمشق، ومساعدتها على تحقيق العديد من الانتصارات ضد تنظيم الدولة الاسلامية المستثنى من الهدنة.

وتمت استعادة تدمر، التي تصنف اليونيسكو مدينتها القديمة على لائحة التراث العالمي الانسانية، في اواخر اذار/مارس من قبل قوات النظام. وبعد فترة وجيزة، استعادت هذه القوات بلدة القريتين في ريف حمص.

ويشدد الجيش الروسي على أن مشاركته في هذه الهجمات، كانت في معظمها ضربات جوية لمواقع تنظيم الدولة الاسلامية حول هذه المدن وقوافل تعزيزات كانت تحاول الوصول الى "الجهاديين".

في ما يتعلق بالقوات البرية، لا يزال الموقف الرسمي الروسي يؤكد عدم وجود للمدفعية والمشاة في الجبهة، رغم الاعتراف بلعب مستشارين وقوات خاصة دورًا "مهمًا" في الاعداد للعمليات وتنفيذها.

هدنة هشة
مع ذلك، اعترف الجيش الروسي بمقتل أحد جنوده على الارض في تدمر، موضحًا انه طلب قصف موقعه، لانه كان محاطًا من قبل مقاتلين "جهاديين". وبعد الانتصار في تدمر، الذي كانت له اصداء دولية، تبدو المشاركة الروسية في سوريا بعيدة عن الانتهاء.

بانتظار الجولة الثانية من مفاوضات السلام بين السوريين، التي من المتوقع ان تبدأ الاربعاء في سويسرا، يبدو وقف اطلاق النار هشًا بشكل متزايد، خصوصًا حول مدينة حلب (شمال)، حيث يتهم الروس جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، باقناع الفصائل المقاتلة بالوقوف الى جانبها رغم وقف اطلاق النار، وبالتالي حشد آلاف المقاتلين.

ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الانسان، تشن جبهة النصرة هجمات ضد قوات النظام في محافظتي حماه واللاذقية. ولدى اعلانه عن انسحاب روسيا، حذر بوتين من أن الامر سيستغرق "بضع ساعات" لكي تقرر موسكو العودة عبر عملية اعادة انتشار اذا لزم الامر. وقال كوناشنكوف في هذا الصدد: "كل ما نحتاجه (للعمليات في سوريا) موجود" في حميميم.


&