أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الجمعة ان الاصلاح الدستوري الذي يعطي رئيس البلاد سلطات موسعة يجب ان يعرض سريعا على استفتاء وذلك غداة اقصاء رئيس وزرائه احمد داود اوغلو الذي كان على خلاف معه حول هذا الملف.


انقرة: قال إردوغان في خطاب في اسطنبول "ان دستورا جديدا ونظاما رئاسيا يشكلان ضرورة ملحة" داعيا الى عرض المشروع "في اقرب وقت" على استفتاء.

من جانب آخر، اعتبر إردوغان ان تدخله في السياسة الداخلية "امر طبيعي" بعد تنحي رئيس وزرائه احمد داود اوغلو.

والخميس أعلن رئيس الوزراء التركي نيته التنحي من رئاسة حزب العدالة والتنمية الحاكم ما يعني تخليه عن رئاسة الحكومة، في قرار يعزز موقع إردوغان في مسار إحكام قبضته على البلاد.

وقال إردوغان في خطابه "البعض منزعجون من متابعتي عن كثب التطورات المتعلقة بالحزب، ما الذي يمكن ان يكون امرًا طبيعيا اكثر من هذا؟".

من جهة اخرى، رفض إردوغان تعديل قانون مكافحة الارهاب التركي نزولا عند طلب الاتحاد الاوروبي مقابل إعفاء الاتراك من التأشيرات.

وقال في خطابه "الاتحاد الاوروبي يطلب منا تعديل قانون مكافحة الارهاب. ولكن في هذه الحالة نقول: نحن في جهة وأنتم في جهة ثانية".

وكانت المفوضية الاوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الاوروبي، منحت الاربعاء تأييدها المشروط لاعفاء الاتراك من تأشيرات الدخول إلى فضاء شنغن في اطار الاتفاق المبرم بين الاوروبيين وتركيا لإدارة أزمة الهجرة.

لكن المفوضية الأوروبية أوضحت أنه ما زال لدى تركيا خمسة معايير حول التأشيرات من أصل 72 عليها أن تطبقها "بحلول نهاية يونيو" لجعل الإجراء ممكنا، وفقا لنائب رئيس المفوضية فرانز تيمرمانز.

وتتعلق هذه المعايير خصوصا بمواجهة السلطات التركية للفساد، وإعادة النظر أيضا في التشريعات المتعلقة بالإرهاب.

وينص الاتفاق حول إدارة أزمة الهجرة على ترحيل كل المهاجرين الساعين الى دخول اليونان بشكل غير شرعي، الى تركيا مقابل تعهد أوروبي باستقبال لاجئ سوري مقابل كل لاجئ يبعد الى الاراضي التركية.

رجل تركيا القوي صار بلا منازع

يتيح الاعلان عن تنحي رئيس الوزراء احمد داود اوغلو عن منصبيه الحزبي والحكومي تعزيز سلطات الرئيس رجب طيب اردوغان، الرجل القوي بلا منازع في البلاد، سواء نجح في ارساء النظام الرئاسي الذي يريده ام لا.

وسيضع تنحي داود اوغلو عن منصبه قريبا بعد عشرين شهرا من تعيينه رئيسا للوزراء ورئيسا لحزب العدالة والتنمية حدا لمرحلة وصفها اردوغان في اغسطس 2014 كالتالي "رئيس قوي، رئيس وزراء قوي، تركيا قوية".

لكن المعلق في صحيفة "حرييت" عبد القادر سيلوي الخبير في شؤون حزب العدالة والتنمية قال لفرانس برس ان ثنائي السلطة سيكون "رئيسا قويا، ورئيس وزراء مطيعا".

وقد صرح ايدين اونال النائب عن حزب العدالة والتنمية والمقرب من اردوغان مساء الخميس ان "ثنائيا يضم رئيسا قويا ورئيسا قويا للوزراء لا يؤدي الى نتائج جيدة" وتوقع ان "يكون رئيس الوزراء المقبل اقل بروزا".

وقال آيكان اردمير، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات لوكالة فرانس برس ان اردوغان يريد رئيسا للوزراء "يطيع اوامره مئة في المئة من الوقت" وخصوصا من حيث النظام الرئاسي الذي لم يكن من اولويات داود اوغلو.

والتعيين المتوقع لحليف اكثر طواعية من دواد اوغلو الذي برزت التوترات معه فجاة الاسبوع الحالي، يمنح اردوغان فرصة ليمضي بمشروعه تغيير الدستور لاقامة نظام رئاسي وهو مشروع يؤيده رئيس الوزراء علنا لكنه يبدو متمهلا لتطبيقه.

وقال فاروق لوغوغلو، السفير التركي السابق لدى واشنطن والنائب السابق عن حزب الشعب الجمهوري المعارض ان "الرئيس اردوغان بعث برسالة مفادها&:لا احد يستطيع منعي".

واضاف لفرانس برس "لن يتردد في اتخاذ الخطوات اللازمة لتغيير الدستور لاقامة نظام رئاسي تنفيذي بشكل كامل".

بدوره، قال كمال كيرشجي من معهد بروكينغز للابحاث "بغض النظر عمن سيتم تعيينه، فان مهمته القصوى ستكون التأكد من ان دستورا جديدا سيضفي شرعية على حكم الرجل الواحد لاردوغان، وتدعيم ذلك من خلال استفتاء".

وانتقدت وسائل اعلام المعارضة ما وصفته بانه "انقلاب" مدني، مشيرة الى ان اردوغان طرد فعليا رئيس وزراء حصل على 49,5% من الاصوات في انتخابات نوفمبر.

ويثير احتمال تعزيز سلطات اردوغان قلق معارضيه الذين يتهمونه بالنزعة السلطوية خصوصا في ظل مضاعفته الشكاوى ضد الصحافة بذريعة "الاهانات" ومطالبته برفع الحصانة البرلمانية عن النواب المؤيدين للاكراد الذين يمكن ان يحاكموا بتهمة دعم المتمردين الاكراد.

كما يشكل الاتفاق مع الاتحاد الاوروبي حول الهجرة في 18 مارس مسألة اخرى مثيرة للقلق نظرا لعدم حماسة اردوغان للاتفاق مقارنة&مع داود اوغلو، وأعربت برلين عن املها في مواصلة "التعاون الجيد والبناء".

تركيا=اردوغان=العدالة والتنمية

وكان داود اوغلو اعلن الخميس ان المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية سيعقد في 22 مايو مؤكدا انه لن يسعى الى ولاية اخرى. وتهميشه من قبل قيادة الحزب يعني نهاية ولايته كرئيس للوزراء، نظرا للربط بين المنصبين.

وقد اتخذ هذا القرار في ظل التوتر بين اردوغان وداود اوغلو رغم بقائه طي الكتمان لفترة طويلة قبل قرار حزب العدالة والتنمية تقليص صلاحيات التعيين التي يحظى بها الاخير. ويتواجه الاثنان بشكل خاص حول استئناف المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني والاعتقال الموقت للصحافيين خلال محاكمتهم.

وسعيا منه لوضع النقاط على الحروف، كتب مصطفى اكيش، وهو مستشار لدى اردوغان يتمتع بنفوذ قوي، في تغريدة الاسبوع الحالي معادلة "تركيا=اردوغان=العدالة والتنمية" وأرفقها بعبارة "اذ كنت تقرأها من اليمين الى اليسار ام من اليسار الى اليمين، فان هذا هو الوضع في تركيا حاليا".

ومن المفترض دستوريا ان يكون رئيس الدولة فوق الاحزاب لكن اردوغان في الواقع لا يزال يمسك بزمام حزب العدالة والتنمية الذي أسسه عام 2001. وبالتالي، فان لديه مطلق الحرية لاختيار رئيس وزرائه.

وفي خطابه الوداعي الخميس، قال داود اوغلو انه لا يشعر "بالغضب او الحقد" في خطوة يبدو انها تستبعد حرب خلافة في حزب العدالة والتنمية. ودفع ذلك برئيس بلدية انقرة مليح غوجك الى تقديم التهاني على تويتر منذ "الآن" الى "رئيس الوزراء المقبل" قبل انهاء كلمة داود اوغلو.

والمرشحون الاوفر حظا ثلاثة تبدأ&اسماؤهم بحرف الباء وهم بينالي يلديريم وزير النقل، وبكير بوزدك وزير العدل وبيرات البيرق وزير الطاقة وصهر الرئيس. وبالاضافة الى تقاسم الحرف ذاته في اسمائهم الاولى، يعرف عن الثلاثة موالاتهم الشديدة للرئيس التركي.