يعقد وزراء خارجية دول أوروبية والولايات المتحدة ودول الجوار الليبي، الاثنين، في فيننا، اجتماعًا لمناقشة الأزمة الليبية، يتناول بشكل رئيس الملف الأمني، بعد التقدم الأخير لتنظيم الدولة الإسلامية في مناطق سيطرة حكومة الوفاق الوطني.

فيينا: يترأس الاجتماع وزير الخارجية الايطالي باولو جنتيلوني ونظيره الاميركي جون كيري، على ان يحضره "كبار الفاعلين" الاقليميين والدوليين، بحسب ما اعلن جنتيلوني سابقًا.

يأتي الاجتماع المرتقب حول ليبيا في وقت تواجه حكومة الوفاق الوطني، المدعومة من المجتمع الدولي، تهديدات اضافية من قبل تنظيم الدولة الاسلامية وصعوبات سياسية تتمثل في عجزها عن توحيد سلطات البلاد بعد شهر ونصف شهر من دخولها الى طرابلس.

وكان التنظيم "الجهادي" المتطرف نجح في السيطرة خلال الاسبوع الماضي على منطقة ابو قرين الاستراتيجية في غرب ليبيا، والتي تقع على طريق رئيس، يربط الغرب الليبي بشرقه، بعد معارك مع القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني.

وتبعد ابو قرين حوالى 130 كلم غرب مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الاسلامية منذ يونيو 2015، وعلى بعد نحو 100 كلم جنوب مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، مركز القوات الموالية لحكومة الوفاق. وهي المرة الاولى التي ينجح فيها تنظيم الدولة الاسلامية في السيطرة على منطقة تقع الى الغرب من قواعده في سرت، علمًا انه يسيطر ايضًا على مناطق شرق المدينة.

توحيد الصفوف 
قال جون كيربي المتحدث باسم كيري إن وزراء الخارجية، الذين يجتمعون الاثنين في فيينا، سيبحثون "الدعم الدولي لحكومة الوفاق الوطني الجديدة مع التركيز على القضايا الامنية".

والخميس، افاد مسؤولون ودبلوماسيون اميركيون وكالة فرانس برس أن الولايات المتحدة مستعدة لتخفيف الحظر المفروض من الامم المتحدة على تصدير الاسلحة الى ليبيا، وذلك بهدف مساعدة حكومة الوفاق الوطني الليبية على محاربة تنظيم الدولة الاسلامية.

ويمكن للامم المتحدة، بموجب مشروع قرار يدعمه البيت الابيض، ادراج استثناءات على حظر أقره مجلس الامن الدولي في 2011 على بيع الاسلحة الى ليبيا في اثناء سعي معمر القذافي إلى قمع الانتفاضة الشعبية التي اطاحت به.

جاء نجاح التنظيم في التمدد غربًا، في وقت تعلن قوات حكومة الوفاق الوطني وقوات الحكومة الموازية غير المعترف بها دوليًا في الشرق عن قرب مهاجمة قواعد التنظيم لاستعادة سرت في حملتين عسكريتين منفردتين. وتخضع القوات العسكرية في الغرب الليبي الى سلطة حكومة الوفاق الوطني، بينما يقود الفريق اول ركن خليفة حفتر مدعومًا من البرلمان، القوات في الشرق الليبي.

وتخشى الحكومة الليبية الجديدة من أن يؤدي شن حفتر أو غيره لهجوم أحادي ضد تنظيم الدولة الاسلامية الى وقوع اشتباكات بين جماعات مسلحة مختلفة وزج البلاد في حرب اهلية.

وقال رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الايطالي نيكولا لاتوري لوكالة فرانس برس، إن "السباق" على تحرير سرت "خطأ (...) ولا يمكننا ان نقبل بهذا الانقسام"، مضيفًا أن اجتماع فيننا "قد يكون مفيدًا في التأكيد على هذا الرأي"، والاستعداد لكل الاحتمالات. ورأى أن لقاء فيينا يهدف ايضًا "الى البحث في توحيد صفوف الدول المنخرطة في ليبيا (...) من اجل وضع خطة تحرك موحدة لكون الشعور الحالي لا يدل على ان كل الدول تسير في الطريق نفسه".

تحديات سياسية 
في موازاة الشق الامني، يبحث وزراء الخارجية في اجتماع فيينا سبل تقديم دعم سياسي اضافي الى الحكومة الليبية، التي يترأسها فايز السراج، في ظل الصعوبات التي تواجهها هذه الحكومة في سعيها الى فرض سلطتها على كامل مناطق البلاد.

وبعد شهر ونصف شهر من دخولها الى طرابلس، نجحت حكومة السراج في ترسيخ سلطتها في العاصمة ومعظم مناطق الغرب الليبي مع تلاشي سلطة الامر الواقع السابقة، الا انها لم تنل حتى الآن تأييد السلطة الموازية في شرق ليبيا.

وتدير حكومة مدعومة من البرلمان المعترف به دوليًا، ومقره مدينة طبرق (شرق)، معظم مناطق الشرق الليبي، بمساندة القوات التي يقودها حفتر، وترفض هذه الحكومة تسليم السلطة الى حكومة السراج، قبل منح البرلمان في جلسة تصويت الثقة للحكومة المدعومة من الامم المتحدة.

وعجز البرلمان على مدى اسابيع في عقد جلسة للتصويت على منح الثقة لحكومة الوفاق المنبثقة من اتفاق سلام وقع في ديسمبر في ظل رفض النواب المعارضين لهذه الحكومة السماح بعقد الجلسة. وتستند حكومة الوفاق في عملها الى بيان موقع من قبل غالبية النواب، اعلنوا فيه منحها الثقة، الا أن توسيع رقعة سيطرتها، لتشمل الشرق الليبي، لا تزال تصطدم بعقبة التصويت في البرلمان.

وفرضت الولايات المتحدة الجمعة عقوبات على رئيس البرلمان عقيلة صالح، متهمة اياه بعرقلة جهود تطبيق اتفاق السلام، الذي ينص على توحيد سلطات البلاد في حكومة الوفاق الوطني، والتي من المفترض ان تقود مرحلة انتقالية لعامين تنتهي بانتخابات تشريعية.

ويدفع المجتمع الدولي نحو ترسيخ سلطة حكومة الوفاق الوطني، بهدف توحيد الجهود الليبية في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، انطلاقًا من السواحل الليبية التي تبعد نحو 300 كلم عن اوروبا.

واعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في الاسبوع الماضي عن تمديد ولاية عملية صوفيا لمكافحة تهريب المهاجرين قبالة سواحل ليبيا لسنة واحدة، مع اضافة مهمة جديدة اليها تتمثل في "بناء قدرات وتدريب خفر السواحل الليبي والبحرية".