نايبيداو: قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري خلال زيارة الى بورما الاحد ان زعيم حركة طالبان الملا اختر منصور شكل هدفا للضربات الجوية الاميركية لانه كان يمثل "تهديدا" للقوات الاميركية والافغانية وكذلك المدنيين الافغان وعملية السلام في افغانستان.
واوضحت الولايات المتحدة ان الغارات التي شنتها السبت استهدفت سيارة تقل منصور وراكبا ثانيا في جنوب غرب مقاطعة بلوشستان الباكستانية على الحدود مع افغانستان.
ولفت كيري في حديث للصحافيين في العاصمة البورمية نايبيداو الى ان "منصور (...) كان يشكل تهديدا وشيكا للطاقم الاميركي والمدنيين الافغان والقوات الامنية الافغانية"، مشيرا الى انه "كان ايضا يعارض مفاوضات السلام بشكل مباشر".
وتابع ان الولايات المتحدة "لطالما اعتبرت ان مصالحة يقودها الافغان هي الطريقة الاضمن لتأمين عملية السلام (...) السلام هو ما نريد، ومنصور كان يشكل خطرا على ذلك". ولم تعلق حركة طالبان حتى الان على الضربات الاميركية، ولم تنف مقتل منصور الذي تم تعيينه في يوليو الماضي.
وشنت طائرة من دون طيار تلك الضربات بعد ايام من جولة جديدة من المحادثات في اسلام اباد بين مسؤولين اميركيين وصينيين وباكستانيين وافغان تهدف الى استئناف عملية السلام المتوقفة بين الحكومة الافغانية وحركة طالبان.
ماذا سيحصل بعد الغارة؟
قال مسؤولون اميركيون السبت ان غارة شنتها طائرة اميركية بلا طيار "قتلت على الارجح" زعيم حركة طالبان الملا اختر منصور في محافظة بلوشستان بجنوب غرب باكستان. واذا تأكد مقتله، فانه قد يغير مسار التمرد في افغانستان الذي نما بشراسة في ظل قيادة منصور.
- من سيخلفه؟
عين منصور زعيما لحركة طالبان في تموز/يوليو 2015، بعد الكشف عن ان مؤسس الجماعة الملا توفي قبل عامين.
وواجه الملا منصور انتقادات واسعة بسبب تستره على وفاة الملا عمر. وستشمل لائحة المرشحين لخلافته اسماء شخصيات كثيرة خاضت المعركة الانتخابية في العام الماضي.
ومن بين هؤلاء، نجل محمد عمر الملا يعقوب الذي اختاره بعض القادة زعيما جديدا لكنه اعتبر في ذلك الوقت صغير السن وعديم الخبرة، اضافة الى شقيق عمر الملا عبد المنان اخوند. وكان منصور اعطاهما مناصب عليا في مجلس قيادة الحركة، وينظر اليهما على انهما المرشحان المفضلان لتولي المسؤولية.
اما الشخصان الاخران المحتملان لخلافة منصور، فهما نائباه الزعيم الديني المؤثر اخوندزاده، وسراج الدين حقاني زعيم شبكة حقاني المتحالفة مع طالبان والمسؤولة عن بعض من اسوأ الهجمات على اهداف افغانية واميركية.
وقال المحلل الامني الباكستاني امير رانا "هذا هو الوقت الذي سيحاول فيه حقاني السيطرة على الحركة بكاملها".
- هل سيزيد ذلك من انقسام طالبان؟
الجواب شبه المؤكد هو "نعم". فقد كان الملا اختر منصور فعالا بشكل خاص في اخضاع معارضيه والقضاء على منافسيه.
وقتل الملا داد الله، القائد المنشق البارز في العام الماضي في تبادل لاطلاق النار مع موالين لمنصور. ووردت تقارير عن ان الملا رسول الذي شكل فصيلا منشقا عن طالبان، قد اعتقله الجيش الباكستاني رغم ان اتباعه يواصلون القتال باسمه.
واذا كان منصور قد قتل بالفعل، يعتقد المحللون ان الاختلافات ستطفو مجددا الى السطح بين عناصر الحركة.
- كيف سيؤثر ذلك على الوضع الأمني؟
قال احمد راشد مؤلف كتاب "النزول الى الفوضى" ان "ذلك قد يساعد عملية السلام، اذا سمح للفصيل المعتدل بان يطفو على السطح".
ويمكن ان يشكل الاقتتال الداخلي متنفسا للقوات الافغانية المحاصرة لكن استراتيجية "فرق تسد" قد تأتي ايضا بنتائج عكسية.
وقال امتياز غول مدير مركز الدراسات الامنية ومقره اسلام اباد "اولا الملا عمر، والان منصور - بمجرد انتزاع الاعضاء الاساسيين في اي حركة، فانها قد تبدأ بالانهيار".
واضاف "من ناحية اخرى، ستصبح عملية السلام اكثر صعوبة اذا كنت تتعامل مع العديد من القادة. هذه كانت الاستراتيجية على مدى سنوات عدة - دفعهم الى الانقسام وعقد الصفقات معهم - لكننا لا نعلم ما اذا كان ذلك سينجح".
واعتبر رانا ان مقتل منصور قد يمهد الطريق ايضا لجماعات مثل تنظيم الدولة الاسلامية وحركة اوزبكستان الاسلامية التي كانت تعمل منذ فترة طويلة في ظل حركة طالبان، للظهور بشكل اقوى من ذي قبل.
ماذا تعني الغارة الجوية بالنسبة الى باكستان؟
كانت باكستان من حلفاء طالبان الرئيسيين اثناء حكمهم افغانستان بين 1996 و2001، واستمرت في ممارسة ضغط على تمردهم.
في مارس، اقر ارفع مسؤول في وزارة الخارجية الباكستانية سرتاج عزيز علنا بما كان كثيرون يشتبهون به لسنوات - وهو ان القيادة العليا لحركة طالبان الافغانية تحتمي في باكستان.
لكن جهود السلام المتوقفة قد تكون ادت الى نفاد صبر واشنطن، رغم تشكيل مجموعة رباعية تضم الولايات المتحدة والصين وباكستان وافغانستان في يناير لاستئناف تلك الجهود.
فحقيقة ان الضربة نفذت في عمق الاراضي الباكستانية، وليس في المناطق القبلية الحدودية حيث حصل هجوم شبيه في السابق، ستزيد التكهنات في شأن رضوخ اسلام اباد. وحصلت الجولة الاخيرة من المحادثات الرباعية الاربعاء في اسلام اباد. في تلك المرحلة، كانت الولايات المتحدة مستعدة ظاهريا لاجراء محادثات مع طالبان وزعيمها. لكن عناد منصور قد يكون ادى الى سقوطه.
وقال رانا "كان هناك اتفاق على انه في حال رفض حركة طالبان الجلوس الى الطاولة، فان باكستان ستتعاون مع العمليات ضد طالبان. كان هناك التزام".
التعليقات