إيلاف من لندن: منذ قليل فتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة 07:00 (06:00 ت غ) صباح الخميس في بريطانيا للاستفتاء حول عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي، والذي تتابعه الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد بقلق.
وأمام 46.5 مليون بريطاني سجلوا أسماءهم للمشاركة في الاستفتاء مهلة حتى الساعة 22:00 (21:00 ت غ) للإجابة عن السؤال الآتي: "هل على المملكة المتحدة البقاء عضوًا في الاتحاد الأوروبي أو مغادرة الاتحاد الأوروبي؟".&
على الرغم من الترهيب والشكوك، التي أطلقها بعض السياسيين البريطانيين، واختلاف صيحاتهم المتناقضة، المطالبة بـ"البقاء" أو بـ "الخروج"، سجل أكثر من مليوني بريطاني أسماءهم في اللوائح الانتخابية، منذ ديسمبر، ما يرفع عدد الناخبين المحتملين في استفتاء الخميس إلى 46.5 مليونا، حسب اللجنة الانتخابية، التي قالت إن العدد قياسي.
وبعيدًا عن استطلاعات الرأي المتتالية، التي تتأرجح على وقع الانقسام الواضح لدى السياسيين وانعكاساته على الشارع البريطاني، وقبيل بدء الاقتراع الحاسم لمستقبل بريطانيا، ومعها أوروبا، ببضع ساعات، يبدو المعسكران متعادلين، مع تقدم طفيف لمؤيدي البقاء في الاتحاد، بنسة 51 بالمئة من نوايا التصويت، حسب معدل آخر ستة استطلاعات للرأي، أعدّها موقع "وات يوكي ثينك" الإلكتروني.
تضارب آراء
البروفسور عبد الإله بنيس، نائب الرئيس التنفيذي للمنتدى العالمي للدبلوماسية، يقول لـ"إيلاف"، إن الوضع الاقتصادي البريطاني لن يبقى على حاله في حال خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية، موضحًا أن ذلك سيفقدها الحق في الاستفادة اللا مشروطة من السوق المشتركة الأوروبية، ومن كل الاتفاقيات الكبرى، التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع مختلف التكتلات الاقتصادية الكبرى.
تابع بنيس: "صحيح أن البيروقراطية داخل الاتحاد الأوروبي أصبحت عملاقة، وتتجاوز حدود التصرف الديمقراطي في عدد من القرارات التي يتم اتخاذها من دون موافقة البرلمانات القومية. لكن إصلاح العملاق الأوروبي لا يمكن أن يتم إلا من الداخل".&
أضاف: "خروج بريطانيا سوف يحرمها من إمكانية إحداث التغيير داخل الاتحاد وإصلاح هياكله"، متهمًا الفريق المساند لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي باستخدام أرقام اقتصادية قائمة على التمني.
تخويف في غير محله
وبالحديث عن تدفق المهاجرين، قال بنيس "إن فريق "المغادرة" يستخف بالرأي العام البريطاني، عبر استغلال مشاهد تدفق اللاجئين إلى بعض دول الاتحاد. وتابع أن هذا "التخويف غير قائم على أسس علمية، لأن بريطانيا أصلًا ليست عضوًا في اتفاقية شينغن، وبالتالي فإنها لا تسمح بانسياب الأشخاص عبر الحدود من دون حسيب ولا رقيب".&
ووسط توزع مناصري "البقاء" و"الخروج" على الحزبين الرئيسين المحافظين والعمّال، قال النائب العمالي جون مان، المؤيد لخيار "الخروج" لـ "إيلاف"، إنه "من المستحيل إصلاح أو تغيير الاتحاد الأوروبي، بعدما أصبح فاشلًا".&
أضاف أن "ليّ الذراع الذي استعملته أوروبا ضد بريطانيا جعل صوت الأخيرة غير مسموع، وأضعف دورها في القيام بأية إصلاحات. وبالتالي، فالخروج من الاتحاد هو الحل الوحيد للحدّ من تأثير المهاجرين على الخدمات العامة". وعن تأثّر اقتصاد البلاد بالخروج، قال مان إن بلاده "تملك خامس أكبر اقتصاد في العالم.. فكيف سينهار إذا وفرت أكثر من 250 مليار دولار تصرف شهريًا من دون الاستفادة منها؟"، على حد قوله.
حشد أخير
هذا الاختلاف في التوقعات ليس بعيدًا عمّا تشهده بريطانيا هذه الأيام. إذ يبذل مؤيدو بقاء بريطانيا، ومعارضوه، جهودهم الأخيرة قبيل الموعد الحاسم اليوم، لإقناع المتردّدين على بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، أو خروجها منه، عبر خطابات ومقابلات ومناظرات وتوزيع منشورات.
وفي مناظرة نظمتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وحضرها حوالى ستة آلاف شخص في ملعب ويمبلي في شمال غرب لندن، عكست المناقشات في بعض مراحلها حدة الحملة. إذ لم يتردد المشاركون في مقاطعة بعضهم البعض، وتبادل اتهامات كلامية ملتهبة بين عمدة لندن السابق بوريس جونسون وخلفه العمدة صديق خان.&
مساجلات خان وجونسون
وشنّ خان، الذي يقود كتلة "البقاء"، هجومًا شرسًا على جونسون، واصفًا إياه بـ "الكاذب"، و"عليه أن يشعر بالعار" عندما يقول إن "تركيا يمكن أن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي في مستقبل قريب". وشدّد خان (عمّالي) وفريقه على أن بلادهم أقوى داخل الاتحاد، كما قدم الشكر إلى المهاجرين الأوروبيين على مشاركتهم في دعم اقتصاد البلاد. مضيفًا أن البقاء يسهّل من عملية تسويق المنتجات البريطانية في الأسواق الأوروبية، ويقوي مكانة المملكة عالميًا ويجعلها أكثر أمانًا.
في المقابل، رد جونسون (محافظ)، الذي بدا هادئًا، على عكس غريمه، بالقول "بالتأكيد أن معسكر مؤيدي البقاء ركز طوال حملته على الخوف من العواقب الاقتصادية للخروج من الاتحاد". وأضاف "من يقولون إنه ليس لدينا خيار آخر سوى الانصياع أمام بروكسل، نحن نقول إنهم يسيئون تقدير هذا البلد بشكل مؤسف". وختم مناظرته بمقولته الشهيرة: "انتخبوا للمغادرة، واستعيدوا السيطرة (على مقدراتكم)".
هذا، وكان رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ديفيد كاميرون حذر في نقاش متلفز مفتوح مع مواطنين يوم الاثنين السابق، من أن الخروج من الاتحاد يمثل "مخاطرة هائلة" على الاقتصاد البريطاني. وكرر "الأمر الأهم هو الاقتصاد، الذي سيكون أقوى، إذا بقينا في الاتحاد، وأضعف إذا غادرنا"، مضيفًا أن "قرار الخروج لا عودة عنه، وسيتعيّن على الجيل التالي أن يتحمل العواقب".
أقوى اقتصاديًا
في المقابل، ينتقد مؤيدو الخروج هذه التجربة، ويعارضون المساعي الرامية إلى تحويل المفوضية الأوروبية، التي تقوم حاليًا باقتراح التشريعات وتنظيم المنافسة، إلى "شيء يشبه الحكومة".&
ويرون أن "بلادهم تعتبر خامس أكبر اقتصاد في العالم"، متسائلين بالتالي "فلماذا لا تكون عضوًا حرًا وجزءًا من التجارة الحرة في أنحاء أوروبا، وليس من الضروري أن تكون ضمن وحدة سياسية تخضع للمحكمة الأوروبية". ويعتقدون أن الانسحاب هو الخيار الآمن، لكي تستعيد بريطانيا ديموقراطيتها وتحمي اقتصادها وحدودها.
&
التعليقات