لندن: ينشر اليوم الاربعاء اخيرا تقرير لجنة التحقيق حول مشاركة بريطانيا المثيرة للجدل في الحرب في العراق في 2003 المنتظر منذ سبع سنوات، ويتوقع ان يكون قاسيا حيال رئيس الوزراء الاسبق توني بلير.

وافضى عمل "لجنة شيلكوت" التي تحمل اسم رئيسها جون شيلكوت الى تقرير طويل من 2,6 مليون كلمة يفترض ان يركز على الظروف المثيرة للجدل التي احاطت بدخول بريطانيا الحرب في العراق بقرار من توني بلير عام 2003.

واستمعت اللجنة في اطار تحقيقها الى 120 شاهدا بينهم العمالي توني بلير وغوردون براون الذي تولى رئاسة الحكومة خلفا له.

وهذا التقرير الذي طلب في 2009 وكان يفترض ان تنشر نتائجه خلال عام، تحول بحد ذاته الى قضية مثيرة للجدل بعد ارجائه مرات عدة، مما دفع عائلات الجنود الذين قتلوا في العراق الى توجيه انذار للسلطات تحت طائلة ملاحقات قضائية.

وينوي بعض هؤلاء مقاطعة جلسة عرض التقرير الذي سيجري في قاعة للمؤتمرات في لندن اعتبارا من الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش من ارلابعاء، بدعوة من ائتلاف "اوقفوا الحرب" (ستوب ذي وور).

وقالت جانيس بروكتر التي قتل ابنها مايكل ترينش في العراق في 2007 وهو في الثامنة عشرة من عمره، لوكالة الانباء البريطانية ان التقرير "لن يقدم لي اي نتائج او تعزية". واضافت ان توني بلير "ارسل 179 فتى الى المجزرة. ليست هناك اي عدالة".

ورفع متظاهرون تجمعوا امام منزل بلير صباح الاربعاء لافتة كبيرة كتب عليها "بلير يجب ان يلاحق لجرائم حرب".

وبلير الذي ترأس الحكومة بين عامي 1997 و2007 متهم بتضليل الشعب البريطاني بتأكيده وجود اسلحة للدمار الشامل في العراق، وهو ما لم يتم التثبت منه ابدا. 

وقتل عشرات الالاف من العراقيين في الحرب والعنف الطائفي الذي اعقب ذلك. وشارك نحو 45 الف جندي بريطاني في الحرب بين عامي 2003 و2009، لقي 179 منهم حتفهم.

أساس ممكن للجوء الى القضاء

واكد جون شيلكوت مساء الثلاثاء "اذا وجدنا قرارات او تصرفات تستحق الانتقاد فلن نتردد في ذلك"، وان كان هدف هذه الاعمال ليس تحديد ما اذا كان التدخل في العراق شرعيا.

واكد تقرير رسمي اول نشر في 2004 ان توني بلير بالغ عندما تحدث امام البرلمان عن الخطر الذي يشكله الرئيس العراقي صدام حسين، لكن معد التقرير روبن باتلر اوضح الاثنين ان رئيس الوزراء السابق كان "يصدق فعلا" ما كان يقوله حينذاك.

وعبر بلير مرارا عن اسفه للخسائر في الارواح، لكنه لم يأسف للاطاحة بصدام حسين. وقد عبر عن اعتذاراته العام الماضي لان "المعلومات التي قدمتها اجهزة الاستخبارات كانت خاطئة".

ويعتزم عدد من النواب، بدءا بأليكس سالموند من الحزب الوطني الاسكتلندي اغتنام الفرصة من اجل اطلاق اجراءات "اقالة" قد تكون نتيجتها المحتملة تجريد بلير من لقب رئيس الوزراء السابق. 

واجراءات "الاقالة" التي تستند الى قانون استخدم للمرة الاخيرة في 1806 ويعتبر قديما، ترتدي طابعا رمزيا.

وقد تشكل المعدات غير الكافية لدى القوات البريطانية، نقطة ثانية يمكن ان يعتمد عليها معارضو بلير لمهاجمته. ويتعلق الامر خصوصا باستخدام اليات "لاند روفر" مصفحة بشكل خفيف بما لا يسمح لها بمقاومة العبوات الناسفة، ويصفها الجنود بأنها "نعوش على عجلات". 

وقال محامو عائلات 29 جنديا قتلوا في العراق انهم سيدققون في تقرير شيلكوت. وقال مكتب ماك كيو وشركائه لوكالة فرانس برس ان التقرير "يمكن ان يشكل أساسا من اجل اتخاذ اجراءات قانونية ضد بلير ووزرائه أو الحكومة بشكل عام".

والتأخير في نشر هذا التقرير يعود اساسا الى الحق بالإجابة الذي منح الى جميع الأشخاص الذين تم انتقادهم او كانوا موضع شك. 

وتعثر نشر التقرير ايضا بسبب وثائق سرية رفعت عنها السرية، بما فيها محادثات بين بلير والرئيس الاميركي جورج دبليو بوش والتي سينشر بعض منها. 

ولا تزال مسألة التدخل في العراق تؤثر على السياسة البريطانية حتى اليوم. وهذا ما يفسر الامتناع القوي للمملكة المتحدة عن المشاركة عسكريا في اي حرب منذ ذلك الحين، وهذه المسألة تؤرق بانتظام حزب العمال بقيادة جيريمي كوربن.

وكتبت صحيفة "الغارديان" الاربعاء انه اذا كان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي "هو الحدث السياسي الاهم للبريطانيين منذ الحرب العالمية الثانية، فان غزو العراق في 2003 ليس بعيدا كثيرا عن ذلك".

واضافت ان "الذين يعيشون في ظل النظام القاتل للدولة الاسلامية او لنظام بشار الاسد يحق لهم القول ان الغزو الذي حدث قبل 13 عاما هو الذين فتح ابواب الجحيم".