لم يستبعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تعلن موسكو وواشنطن قريبًا عن التوصل إلى اتفاق بشأن التسوية في سوريا، لكنه تساءل عن تماشي رحيل نظيره السوري، بشار الأسد، مع أحكام القانون الدولي.
إيلاف من موسكو: قال الرئيس الروسي في تصريحات لوكالة (بلومبرغ) الأميركية نشرها الكرملين على هامش منتدى الشرق الاقتصادي في فلاديفوستوك، "نتقدم شيئًا فشيئًا في الاتجاه الصحيح، ولا أستبعد أن نتفق قريبًا على أمر ما، ونعلنه للمجموعة الدولية".
وردًا على المطالب برحيل حليفه الأسد، الذي يقدم إليه الدعم في النزاع المستمر منذ 2011، قال الرئيس الروسي "عندما نسمع مطلب رحيل الأسد، أطرح هذا السؤال: إلام يؤدي هذا؟، وهل يتفق هذا وأحكام القانون الدولي؟".
يشار إلى أن مصير الأسد يعدّ العقد الأبرز في مسار حل النزاع، إذ تطالب المعارضة ودول عربية وغربية برحيله، معتبرة أنه فقد الشرعية، بسبب إقدامه على "قتل السوريين"، في حين يرفض حلفاؤه تنحيه عن السلطة.
محادثات صعبة
ووصف بوتين المحادثات حول الأزمة السورية بأنها صعبة جدًا، وقيّم عاليًا مساهمة وزير الخارجية الأميركي جون كيري في تجاوز الخلافات بين موسكو وواشنطن. وفي الوقت نفسه، أكد أن الطرفين يتحركان بشكل تدريجي في الاتجاه الصحيح.
واستدرك قائلًا: "إننا نتحرك تدريجيًا في الاتجاه الصحيح. ولا أستبعد أن نتمكن في القريب العاجل من التوصل إلى اتفاق، وسنقدم اتفاقنا إلى المجتمع الدولي".
وقال بوتين: "كما تعرفون تجري المفاوضات بصعوبة فائقة. وتكمن إحدى الصعوبات الرئيسة في ضرورة الفصل بين ما يسمى بالمعارضة المعتدلة من جهة والتنظيمات المتطرفة والمنظمات الإرهابية من جهة أخرى. نحن نصرّ على ذلك، ولا يعارض ذلك شركاؤنا في الولايات المتحدة... لكنهم لا يعرفون كيف يمكننا أن نحقق ذلك".
حرباء&
وأوضح أن التطورات الأخيرة في سوريا تترك لدى روسيا انطباعًا بأن "جبهة النصرة" والتنظيمات المماثلة تغيّر ألوانها كالحرباء وتبدأ بابتلاع ما يسمى بالجزء المعتدل من المعارضة السورية، وحذر من خطورة هذا الوضع. واعتبر الرئيس الروسي أن الحديث لم يعد يدور عن صراع داخلي، إذ تضم هذه التنظيمات مسلحين أجانب يتلقون الأسلحة والعتاد من الخارج.
واستطرد الرئيس الروسي: "على الرغم من كل هذه الصعوبات، نحن نسير على الطريق الصحيح. وعليّ أن أشيد بالعمل الهائل الذي قام به وزير الخارجية الأميركي جون كيري. أنا مندهش لصبره وإصراره".
تركيا وروسيا
وأضاف بوتين أن روسيا وتركيا تسعيان أيضًا إلى عقد اتفاقات ثنائية حول سوريا وإلى توافق حول قضايا المنطقة. كما أكد أن الجانب الروسي على اتصال دائم بالشركاء الأتراك، ولا سيما في ما يخص العملية العسكرية التركية في سوريا.
وشدد قائلًا: "إننا نعتبر أي شيء لا يتوافق مع القانون الدولي مرفوضًا. لكننا على اتصال على المستوى السياسي وعلى مستويي وزارتي الدفاع ووزارتي الخارجية".
تغيير الأنظمة&
وقال: "إنني ما زلت أعتقد، مثلما كنت أعتقد في السابق، أنه لا يجوز اتخاذ أي قرارات من الخارج حول مصير الأنظمة السياسية وتغيير الحكومات. وعندما أسمع تصريحات حول ضرورة رحيل رئيس ما، ليس من داخل البلاد، بل من خارجه، يثير ذلك لديّ تساؤلات كثيرة".
ديمقراطية&
ودعا بوتين إلى التحلي بالصبر، وأعرب عن ثقته في أن الحكمة السياسية تكمن في هذا الصبر. وأضاف أن ثقته هذه تتعزز بسبب أحداث السنوات العشر الماضية، وتحديدًا محاولات "الدمقرطة" في العراق وليبيا. وذكر بأن هذه المحاولات "أدت في حقيقة الأمر إلى تفكك كيان الدولة وتفشي الإرهاب".
وتساءل قائلًا: "أي عناصر ديمقراطية نراها في ليبيا؟، ربما ستظهر مثل هذه التحولات في فترة مستقبلية ما، وإنني أعوّل على ذلك كثيرًا... أما الحرب الأهلية المستمرة في العراق – ما سيحصل مع العراق في المستقبل؟ فلا توجد هناك أي أجوبة، بل فقط تساؤلات كثيرة".
واعتبر الرئيس الروسي أن المنطق نفسه يشمل سوريا. وأوضح قائلًا: "إننا عندما نسمع أن على الأسد الرحيل (نسمع ذلك من الخارج لسبب ما)، يثير ذلك لديّ تساؤلًا كبيرًا – إلى أي نتيجة سيؤدي ذلك؟، هل يتناسب ذلك مع أحكام القانون الدولي؟، أليس من الأفضل أن نتحلى بالصبر، ونعمل على المساهمة في تغيير هيكلية المجتمع، وننتظر حصول التحولات الطبيعية في داخل البلاد".
وأكد بوتين: "نعم، لن يحصل ذلك بين ليلة وضحاها، ولكن ربما تكمن في ذلك الحكمة السياسية، وهي في عدم التسرع في إقرار الأشياء مسبقًا، وفي توجيه التغيرات الهيكلية في المنظومة السياسية للمجتمع بشكل تدريجي".
التطبيع مع أنقرة
وبشأن توجّه موسكو إلى تطبيع الحوار مع أنقرة، قال بوتين إن الجانب الروسي ينطلق في ذلك من الاعتذار الذي قدمته تركيا بشأن حادثة إسقاط قاذفة "سو-24" في سماء سوريا والخسائر البشرية الناجمة من هذا الهجوم ، مشددًَا على أن الاعتذار التركي جاء بصورة مباشرة وبلا مواربات، وهذا ما تقدره موسكو.&
وتابع أن روسيا ترى اهتمامًا صريحًا من جانب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان باستعادة العلاقات كاملة النطاق مع روسيا انطلاقًا من مصالح موسكو وأنقرة المتطابقة في منطقة البحر الأوسط وفي الشرق الأوسط وعلى مستوى العالم.
كلام لافروف
إلى ذلك، من جانبه أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو وواشنطن توصلتا إلى تفاهم بشأن العديد من المسائل حول سوريا، معربًا عن أمله في إكمال العمل على وضع صيغة للتنسيق المشترك خلال أيام.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي في فلاديفوستوك يوم الجمعة "الأهم أن أي اتفاقات مع الأميركيين بشأن الخطوات العملية والتنسيق ضد الإرهابيين لن تكون قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، ما لم ينفذ شركاؤنا الأميركيون وعودهم بالابتعاد عن الإرهابيين، وقبل كل شيء عن جبهة النصرة".
وأصاف الوزير الروسي: "على مستوى العسكريين والاستخبارات الروسية والأميركية تستمر الاتصالات اليومية والأسبوعية من أجل وضع مثل هذه الصيغة (للتنسيق)".
التعليقات