حلب: في سوق خالية من البضائع، يوضب تاجر خضار كمية صغيرة من البقلة، أحد المكونات الرئيسة لغذاء سكان الاحياء الشرقية في مدينة حلب بعد محاصرتها مجددا من قوات النظام السوري.
ويقول عمر البيك فيما يبحث عن بضاعة في سوق الهلك "جئت من اجل شراء مواد للطبخ ولم اجد سوى البقلة في السوق".
ويضيف "الحصار الثاني اصعب من الاول".
ويوضح "خلال الحصار الاول، كانت توجد بعض المواد في الاسواق، اما الآن فلا تتوفر أي مواد استهلاكية او خضار او سكر، والاسعار كلها مرتفعة".
ومدينة حلب مقسمة منذ العام 2012 بين أحياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المعارضة وأحياء غربية تسيطر عليها قوات النظام.
وبعد اكثر من شهر على نجاح فصائل مقاتلة وجهادية في فك الحصار الذي كانت فرضته قوات النظام لمدة ثلاثة اسابيع على الاحياء الشرقية، تمكنت الاخيرة خلال الايام الماضية من استعادة كافة المناطق التي خسرتها. وباتت تحاصر مجددا منذ يوم الاحد هذه الاحياء الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة.&
ويعيش في حلب، عاصمة سوريا الاقتصادية سابقا، 250 الف شخص. ولم يبق امام هؤلاء اي طريق للامدادات. فقد سيطرت قوات النظام على طريق الراموسة جنوبا بعدما كانت سيطرت قبل حوالى شهرين على طريق الكاستيلو شمالا.
حصار اطول واصعب
وتمكنت الفصائل المقاتلة خلال الاسابيع الماضية من إدخال بعض البضائع الى الاحياء الشرقية، الا ان الفترة القصيرة بين فك الحصار وتجدده لم تسمح للتجار بالحصول على التموين الكافي في مدينة تدمرت شوارع كاملة فيها نتيجة اربع سنوات من المعارك والقصف المتبادل.
ويقول ابو احمد، احد بائعي الخضار في سوق الهلك، "كانت بسطتي قبل ايام مليئة بجميع انواع الخضار من بطاطا وبندورة وخيار، اما الآن فلا يوجد سوى البقلة".&
ويضيف "كان سعر البقلة في السابق عشر ليرات للكيلو الواحد ولم يكن احد يشتريها. اما الآن فوصل الى مئتي ليرة سورية".
وخلت البسطات تقريبا الا من البقلة. على دراجة نارية، يمر فتى في السوق وهو يحمل في يده باقة من البقدوس، نوع آخر من الخضار القليلة المتوفرة الى جانب الباذنجان والكوسى.&
في حي الصاخور المجاور، يبدي ابو عمر (39 عاما)، وهو والد لاربعة اطفال، خشيته من "الجوع" الذي ينتظره وعائلته.
ويقول "لا يوجد لدي في المنزل سوى الارز والبرغل والعدس (...) ولا يوجد خبز منذ ثلاثة ايام".
كما حصل في داريا؟
ويضيف "اشعر أن هذا الحصار سيكون اطول واصعب من الحصار الاول وربما يبقى الوضع على حاله حتى يتم اخراجنا بالحافلات كما حصل مع سكان داريا".
وتم في 26 أغسطس إخلاء مدينة داريا في ريف دمشق من السكان بشكل كامل بعد حصار الجيش السوري لها طوال أربع سنوات.
في احد اسواق حي الشعار، يقف ابو مصطفى امام بسطة من الخضار عليها باذنجان وكوسى وبقلة وبقدونس.&
ويقول "لا يوجد في السوق سوى الباذنجان، الكوسى، القرع والحشائش... يأتونا بها من بعض الاراضي المزروعة في المدينة".
ويشتري ابو علي من الخضار الموجودة لدى ابو مصطفى. ويشكو لمراسل فرانس برس بينما يحمل كيسا بلاستيكيا صغيرا من الخضار، من الاسعار المرتفعة.&
ويقول "التجار استغلوا الوضع، ومجرد ما تم حصارنا رفعوا الاسعار".
ويضيف "كنا نشتري كيلو البندورة (الطماطم) بـ200 ليرة، وبمجرد ما اغلقت الطريق، وصل سعره الى 500 ليرة"، متسائلا "لماذا، انها البندورة ذاتها".
ويقول ابو علي "حتى الخبز مفقود ولا نجده الا في ما ندر، وسعر ربطة الخبز الواحدة من سبعة ارغفة وصل الى 200 ليرة. أليس هذا حراما؟".
لكن ابو علي يحاول التخفيف من موجة الهلع، ويقول "الناس سيتأقلمون. نأكل مجدرة وبرغلا وأرزا، وغدا حين تنتهي هذه الاعانات، سنأكل العشب".
التعليقات