أسامة مهدي: أضافت هيئة النزاهة العراقية المكلفة بمتابعة الفساد جميع رؤساء الأحزاب السياسيَّة وأعضاء الهيئات المُؤسِّسة لها بواجب الكشف عن ذممهم الماليَّة فيما اعتبر رئيسها الياسري المحاصصة تأسيسا للفساد.&

وقرَّرت هيئة النزاهة شمول كلٍّ من رؤساء الأحزاب السياسيَّة وأعضاء الهيئات المُؤسِّسة لها بواجب الإفصاح عن ذممهم الماليَّة عملاً بأحكام المادَّة (17 / البند الثاني عشر) من قانونها رقم 30 لسنة 2011 التي نصَّت "على شمول كلِّ من ترى الهيئة ضرورة بالكشف عن ذممهم المالية" . وأشارت في بيان صحافي الجمعة اطلعت على نصه "إيلاف" إلى أنها خاطبت المفوضية العليا للانتخابات لتسهيل مهمَّة هيئة النزاهة من خلال تزويدها بأسماء رؤساء الأحزاب وأعضاء الهيئات المُؤسِّسة& المُسجلة حالياً في المُفوَّضية بغية شمولهم بواجب الإفصاح عن ذممهم الماليَّة &هم ومن بصفتهم .

وشدَّدت الهيئة على ضرورة تزويد المشمولين بواجب الإفصاح عن ذممهم الماليَّة من رؤساء أحزاب وأعضاء هيئات مُؤسِّسة ومن هم بصفتهم باستمارات كشف الذمة المالية مُـنوِّهةً بأهمية عدِّ هذا الإجراء سياق عملٍ ثابتٍ بالنسبة إلى جميع الأحزاب التي سيتمُّ تسجيلها في المفوضيَّة لاحقاً.

شروط التأسيس

ونصَّت المادة (11/ أولاً) من قانون الأحزاب السياسية رقم 36 لسنة 2015 على أنَّه "يشترط لتأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي مراعاة ما يأتي: أولاً- يقدم طلب التأسيس تحريرياً بتوقيع ممثل الحزب او التنظيم السياسي لأغراض التسجيل إلى دائرة الاحزاب أو تنظيمات سياسية مرفقاً به قائمة بأسماء الهيئة المؤسسة التي لا يقل عدد أعضائها عن سبعة اعضاء مؤسِّسين ومرفقاً به قائمة بأسماء عدد لا يقل عن ألفي عضو من مختلف المحافظات، على أن يتم مراعاة التمثيل النسوي".. فيما نصت المادة(19/أولاً) منه على أنَّ " رئيس الحزب او التنظيم السياسي ومن بصفته وحسب النظام الداخلي هو الذي يمثله في كل ما يتعلق بشؤونه أمام القضاء والجهات الأخرى".

وكانت مفوضية الانتخابات قد اعلنت قبل ايام عن ارتفاع عدد الاحزاب التي سجلت لخوض الانتخابات الى 99 كيانا سياسيا للمشاركة في الانتخابات المحلية لمجالس المحافظات المقررة في ابريل عام 2017 والبرلمانية العامة المنتظرة في ابريل عام 2018. واوضحت ان من بين هذه الاحزاب 56 من القديمة التي شاركت في الاستحقاقات الانتخابية الماضية و43 من الاحزاب الجديدة التي سجلت حديثا.&

المحاصصة اساس الفساد

ومن جهته أرجع رئيس هيئة النزاهة حسن الياسريُّ العقبات التي تعتري طريق محاربة الفساد إلى مجموعة عوامل مُبيٍّناً الحلول التي تُمثل جزءاً من متطلبات معالجة تلك العقبات داعياً إلى تبنِّي مجموعة سبل وآلياتٍ لمعالجتها أو الحدِّ من تأثيرها في عمل الأجهزة الرقابيَّة والمُؤسَّسات الوطنيَّة التي تأخذُ على عاتقها التصدِّي لمخاطر الفساد وتفشِّـيه.
وأشار الياسريُّ خلال محاضرة بمناسبة أسبوع النزاهة الوطني السابع واطلعت على نصها "إيلاف" اليوم إلى أنَّ الفساد بات ظاهرةً تضربُ مفاصل المجتمعات البشريَّـة في أنحاء العالم وليس المجتمع العراقي فحسب. وقال ان مبدأ المحاصصة غير المبنيَّة على معايير الكفاءة والنزاهة والقدرة يُعَدُّ تأسيساً للفساد وأنَّ عدم التبرُّؤ من الفاسد فضلاً عن الدفاع عنه من قبل حزبه أو كتلته السياسيَّة أو التمسُّك بالفاشل رغم عدم كفاءته هو الفساد بعينه.

وعبر الياسري عن استغرابه من إصرار بعض الجهات السياسيَّة على التمسُّك ببعض مرشحيها في بعض المفاصل التنفيذيَّة رغم ثبوت فشلهم في إدارة المناصب الحكوميَّة مُؤكِّداً أنَّ الوازع الوطنيَّ يجب أنْ يدفع الحزب أو الكتلة إلى المبادرة لتنحية ذلك المرشَّح قبل أنْ يطالب الآخرين بذلك.
وطالب بضرورة التمييز بين الفساد السياسيِّ والفساد الإداريِّ والماليِّ كون المزج بين هذين النوعين أو عدم التفريق بينهما يُعَدُّ إجحافاً بحقِّ الأجهزة الرقابيَّة الوطنيَّة وضياعاً لجهودها المتواصلة في محاربة الفساد الإداريِّ والماليِّ الذي هو اختصاصها الحقيقيُّ الذي نصَّت عليه القوانين في وقتٍ أنَّ التصدِّي للفساد السياسيِّ ليس من اختصاص الأجهزة الرقابيَّة بل هو من اختصاص الحكومة ومجلس النُّـوَّاب والفعاليات السياسيَّة.

مواءمة&المرحلة الراهنة
وأشار إلى عدم قدرة النصوص القانونيَّة على مواءمة وتلبية مُتطلَّبات المرحلة الراهنة والتطوُّر الهائل الحاصل .. مُوضحاً أنَّ قانون العقوبات النافذ الذي وُضِعَ في ستينيات القرن الماضي لمعالجة جرائم الفساد بحاجة ماسة إلى التعديل في الوقت الراهن، مشددا على أنَّ القوانين الحالية تحتاج في بعض بنودها إلى التحديث والتعديل ولا سيما تلك التي تتصدَّى إلى جرائم الفساد مُؤكدا حاجتها إلى تشديد العقوبات المنصوصة على مرتكب تلك الجرائم وجعلها تتلاءم مع الجرم المرتكب والوضع الراهن الذي يمرُّ به البلد.
وشدَّد على ضرورة عدم التساهل مع سُرَّاق المال العامِّ والحيلولة دون هدره تحت مُسمَّيات وعناوين شتى .. مُؤكِّداً أنَّ البعض بات يتفنَّن بهدر المال العامِّ دون أيِّ وازعٍ وطنيٍّ أو دينيٍّ&"بل بات البعض يتعامل مع المال العام كغنيمة" مُطالباً وسائل الإعلام الوطنيَّة بعدم الانجرار وراء شائعات تفشِّي الفساد وترديدها من دون التأكُّد من صحَّتها من خلال الجهات المعنيَّة الرسميَّة من قبيل هيئة&النزاهة وديوان الرقابة الماليَّة ومكاتب المفتِّشين العموميِّين.
ولفت الياسريُّ، خلال محاضرته التي حضرها حشدٌ من رجال الدين وأئمة المنابر والشعراء والحقوقيُّين والإعلاميِّين والمُهتمِّين بمكافحة الفساد إلى أنَّ الحلول التي من شأنها معالجة العقبات التي تحول دون نجاح جهود مكافحة الفساد تكمنُ في إشاعة مفهوم قدسيَّة المال العامِّ وأنَّ هدره يُعَدُّ سرقةً لأموال الشعب كلِّ الشعب .. داعياً قادة الرأي ومنهم رجال الدين وأئمة المنابر إلى إرشاد الجمهور نحو هذه الحقيقة& ودحض جميع الأباطيل التي تدَّعي جواز سرقة المال العامِّ بحججٍ وذرائع مختلفة .. مطالباً بسدِّ تلك الثغرات التي ينفذ من خلالها سُرَّاق المال العامِّ، وضرورة تولية الصالح دون غيره، وإعطاء المناصب الحكوميَّة للأقوياء الأمناء والصالحين دون غيرهم، وإيقاع العقوبات القاسية بحقِّ المتجاوزين على المال العامِّ.

مبدأ الكفاءة
واوضح رئيس هيئة النزاهة أنَّ الآليات التي تُسهِم في تقليص الفساد لا تُسْتَكْمَلُ إلا باعتماد مبدأ الكفاءة والخبرة والنزاهة في تولية المناصب الحكوميَّة بشكلٍ عامٍّ وتعديل بعض النصوص القانونيَّة المعالجة لمنظومة الفساد وتشديد العقوبات على مرتكبيه (وليس العفو عنهم) الأمر الذي يُشوِّه صورة العراق وجهوده في محاربة الفساد دولياً، فضلاً عن الاهتمام بالجانب التربويِّ والاستعانة بقادة الرأي ولاسيما رجال الدين والإعلام والمثقفين لتنمية الشعور الوطنيِّ وتنمية ثقافة حبِّ الوطن ودعم الأجهزة الرقابيَّة ومساندتها في حربها الضروس ضد غيلان الفساد.. مُشددا على حاجة هذه الأجهزة إلى مساندة ومعاضدة شرائح المجتمع كافة للتصدي لآلة الفساد .&&

وكانت منظمة الشفافية الدولية التي تعنى بمكافحة الفساد في العالم انتقدت مؤخرا "عدم حصول أي تقدم" في توفير الخدمات الأساسية للمواطن العراقي على الرغم من مرور عشر سنوات على الغزو الأميركي للبلاد وأكدت أن هذه هي "الحقيقة المأسوية لدولة هشة بمؤسسات عرجاء لا تتمكن من توفير أبسط الخدمات الأساس لمواطنيها فضلاً استشراء الفساد في مفاصلها".

وتعد ظاهرة الفساد التحدي الأكبر إلى جانب الأمن الذي تواجهه الحكومات العراقية منذ الحرب الأميركية على العراق عام 2003 حيث بلغت مستويات الفساد في العراق حداً أدى بمنظمات دولية متخصصة إلى وضعه من بين البلدان الأكثر فساداً في العالم إذ حل العراق .