كانبيرا: نظمت سفارة المملكة المغربية بأستراليا، في إطار جهودها من أجل إبراز المقاربة المغربية في مجال مكافحة التطرّف الديني، زيارة للدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب إلى أستراليا مابين 27 أكتوبر إلى 2 نوفمبر 2017، أجرى خلالها سلسلة من اللقاءات مع مسؤولين حكوميين، وأعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمد، وأكاديميين، وباحثين، إضافة إلى ممثلي المجتمع المدني العربي والإسلامي. كما ألقى عدة محاضرات في اعرق الجامعات الأسترالية.
واستعرض العبادي التجربة المغربية في مجال تدبير الحقل الديني و"التي أضحت مصدر إلهام بالنسبة للعديد من البلدان" عبر العالم.
وأبرز العبادي أمام نخبة من الباحثين والفاعلين السياسيين والدبلوماسيين خلال مائدة مستديرة منظمة من قبل المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية، أن "المملكة تبنت مقاربة متوازنة تجمع بين التقليد والانفتاح في مجال تدبير الحقل الديني، بقيادة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين".
وأشار الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أن ترسيخ هذه المقاربة "يمر بالأساس عبر الدور الذي تضطلع به المؤسسات، وخاصة مؤسسة إمارة المؤمنين، باعتبارها الضامن الواحد لاستمرارية قيم الدين". وذكر في هذا الصدد، بالاختيارات الأساسية للمغرب في هذا المجال، والتي تتمثل في المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف.
ولمواجهة الخطابات المتطرفة، دعا العبادي إلى اعتماد سياسة "شاملة" تأخذ بعين الاعتبار الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، مسجلا أن سياسة من هذا القبيل كفيلة ب"تقديم أجوبة فعالة على جميع الانحرافات المتطرفة في المنطقة والعالم". كما أبرز الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أن المملكة تتوفر على تجربة رائدة، أصبحت تشكل "مصدر إلهام بالنسبة للعديد من البلدان التي تهتم أكثر فأكثر باكتشاف آلياتها والاستفادة من نجاعتها".
وشكلت هذه المائدة المستديرة، التي نظمها سفير المغرب بكانبيرا ، كريم مدرك، بشراكة مع المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية، مناسبة لتبادل وجهات النظر مع مختلف ممثلي القطاعات الحكومية والباحثين بالمعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية، الذي يعد أحد أبرز مجموعات التفكير المحلية، حول موضوع ذي راهنية بأستراليا وعبر العالم.
وأشاد مسؤولون وباحثون أستراليون، بالتجربة المغربية "الرائدة والغنية" في مجال تدبير الحقل الديني، وكذا بالجهود المتواصلة للمملكة في مجال مكافحة التطرف والظلامية. كما حرصوا على إبراز أهمية تجربة المملكة والنموذج الديني المغربي، القائم على قيم الانفتاح والتسامح والوسطية.
وقال الامين العام المساعد لقسم الشرق الأوسط وإفريقيا بوزارة الخارجية الأسترالية، ماتيو نوهوس، على هامش المائدة المستديرة "إن المغرب أسس لمبادرة رائدة لتكوين الأئمة والمرشدين الدينيين".
وبعد أن أكد أن المملكة فرضت نفسها ك"نموذج" في مجال التكوين الديني لمواجهة الأفكار المتطرفة، أكد نوهوس أن أستراليا، على غرار العديد من الدول، مدعوة إلى إيلاء الاهتمام لهذه التجربة.
من جانبه، أبرز المكلف العلاقات الدولية في الحكومة المحلية بكانبيرا، بريندان سميث، أن التجربة المغربية "تمنح الأمل" ما دامت تقدم علاجا لظاهرة الأصولية التي تنخر المجتمعات وسائر دول العالم.
وأضاف سميث أنه من خلال رهان التكوين، خاصة الأئمة، عززت المملكة الخط الأول في مواجهة الأفكار الأصولية، مؤكدا أن البرنامج المغربي لتكوين الأئمة "غني جدا".
وحول الموضوع نفسه، أكد جون كوين، رئيس أمن الحدود بالمعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية، أن التجربة المغربية في مجال تدبير الحقل الديني "فريدة" في العالم، مشيدا ب"شجاعة" المملكة التي أضحت "رائدة" في مسألة دقيقة.
وأضاف أن هذه المائدة، التي نشطها عبادي، تشكل "فرصة تمنحنا أفقا جديدا" من أجل معالجة المسألة الدينية ومواجهة الخطابات المتطرفة والكراهية.
وشكلت هذه المائدة المستديرة مناسبة لمناقشة مع ممثلي مختلف القطاعات الحكومية وباحثي مكاتب الدراسات الأسترالية، موضوعا له راهنية بأستراليا وعبر العالم.
تجدر الاشارة الى انه خلال لقاء جمع السفير مدرك مع رئيس اللجنة الدائمة المشتركة للشؤون الخارجية والدفاع والتجارة بمجلس الشيوخ الأسترالي، دافيد فاوست، أعرب هذا الأخير عن رغبة بلاده في الاستفادة من التجربة "الرائدة" للمملكة في مجال محاربة التطرف.
وقال عضو المجلس عن الحزب الليبرالي، في تصريح لوكالة الانباء المغربية عقب هذا اللقاء، بمقر البرلمان الأسترالي، "إن المملكة تقود تجربة رائدة في مجال محاربة التطرف"، مضيفا أن كانبيرا ترغب في الاستفادة من العمل "الممتاز" الذي يقوم به المغرب في هذا الشأن.
وأشار فاوست إلى أن مسألة التطرف والعنف باسم الدين "ليست حكرا على بلد واحد، بل إنها تهم جميع البلدان التي تؤمن بقيم الديمقراطية"، داعيا إلى توحيد الجهود لمحاربة هذه الآفة التي تنخر عدة مجتمعات عبر العالم.
ودعا، في هذا الاتجاه، إلى المزيد من تعزيز التعاون بين كانبيرا والرباط "البلدين اللذين يتقاسمان العديد من القيم" قصد "المساهمة كشركاء في هذا المجهود الشامل لرامي لإعطاء رؤية بديلة للشباب".
وبخصوص العلاقات الثنائية، أعرب النائب الأسترالي عن ارتياحه للمستوى الممتاز للعلاقات بين المغرب وأستراليا في عدد من المجالات، خاصة التجارة والسياحة.
وقال "نعمل على الرفع من حجم المبادلات التجارية وتدفق السياح بين بلدينا"، مضيفا أن "افتتاح السفارة الأسترالية في الرباط يصب في هذا الاتجاه".
وفي محاضرة له في الجامعة الوطنية الاسترالية بكانبرا، عرض عبادي أمام عدد من السفراء المعتمدين بكانبرا والأكاديميين أسس المقاربة المغربية متعددة الأبعاد في مكافحة الإرهاب، والتي تعتمد على تفكيك خطاب التطرف من أجل وضع حد لاستقطاب الجماعات المتشددة، خاصة في أوساط الشباب.
وفي مدينة سيدني، ثاني محطات جولته بأستراليا، أكد عبادي في محاضرة له بجامعة سيدني على أهمية مواجهة الفكر المتطرف في ميدان التنظير وتفكيك خطاب التشدد من أجل وضع حد للإرهاب الذي أصبح ظاهرة كونية تهدد السلم في مختلف أنحاء العالم.
كما تميزت زيارة عبادي بمداخلتين في القناتين الوطنيتين ABC وSBS ، حيث أكد خلالهما على دور مؤسسة إمارة المؤمنين في نجاح النموذج المغربي في مكافحة التشدد، إضافة إلى مأسسة التكوين في مجال التأطير الديني، من خلال معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين الدينيين.
التعليقات