بروكسل: يعقد قادة الاتحاد الاوروبي الجمعة في مالطا قمة لبحث عدة ازمات تواجهها القارة فيما يرتقب ان تهيمن على المحادثات المخاوف من تداعيات سياسة الرئيس دونالد ترامب على مستقبل اوروبا.

وتعد مسألة ضبط الهجرة من ليبيا والتعامل مع تأثيرات تصويت بريطانيا لصالح الخروج من التكتل في مقدمة المواضيع التي ستتصدر جدول اعمال قمة فاليتا.

الا ان وصول ترامب الى البيت الابيض سيدفع القادة الاوروبيين إلى بحث الحاجة الى توحيد الصفوف وسط قلقهم بشأن التزام ترامب بالحفاظ على التحالف التاريخي بين ضفتي الاطلسي. 

وفي مؤشر على هذا القلق، اعتبر رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك الثلاثاء ان ترامب إلى جانب روسيا والصين والتطرف الاسلامي والشعبوية في الداخل الاوروبي، كلها عناصر تشكل اكبر "تهديدات" للتكتل خلال 60 عاما من تأسيسه. 

ومن قراره حظر الهجرة من سبع دول غالبية سكانها من المسلمين إلى دعمه خروج دول اوروبية من الاتحاد كما فعل البريطانيون وانتقاده لحلف شمال الاطلسي الذي وصفه بانه "منظمة عفا عليها الزمن"، قليلا ما يتحدث ترامب دون اثارة مخاوف الاوروبيين. 

وندد توسك في رسالة وجهها الثلاثاء إلى قادة الاتحاد الاوروبي بالتصريحات "المقلقة" لادارة ترامب "التي تجعل مستقبلنا غامضا بشكل كبير".

وقال دبلوماسي اوروبي لوكالة فرانس برس ان "هذه طريقة جديدة في الحكم،" متسائلا ان كانت "كل تغريدة هي عبارة عن نشاط سياسي ام مجرد تعبير عن مزاج معين".

وحددت الرسالة آراء توسك المتعلقة بالمباحاثات بشأن "مستقبل الاتحاد الاوروبي" التي سيجريها في مالطا رؤساء دول وحكومات 27 بلدا من اعضاء التكتل، من دون رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.

ومن ناحيته، أكد رئيس وزراء لوكسمبورغ كزافييه بيتل الذي تعد بلاده عضوا مؤسسا في الاتحاد ان "العلاقات عبر الاطلسي"، بما فيها قرار ترامب بشأن الهجرة، ستكون على اجندة القمة. 

وقال بيتل "تحدثت مع عدد من شركائي الاوروبيين ونتشارك جميعنا نفس الموقف؛ لا نوافق على اي قرار يتعلق بالاوروبيين الذين يحملون جنسيات مزدوجة".

معضلة الهجرة

الا ان السؤال الذي يواجه العديد من القادة هو عن مدى امكانيتهم ادانة سياسات ترامب تجاه الهجرة في الوقت الذي يبحثون هم انفسهم عن طرق للحد من الهجرة الى دولهم عبر البحر المتوسط. 

ونجح الاتحاد الاوروبي بخفض عدد المهاجرين القادمين عبر اليونان بشكل كبير من خلال اتفاق مثير للجدل وقعه مع تركيا. 

وستناقش قمة مالطا الطريقة التي يمكن من خلالها ضبط اولئك الذين لا يزالون يخوضون الرحلة الخطرة عبر البحر من شمال افريقيا، وخاصة ليبيا.

ويتوقع ان يصدر عن القمة اعلان في هذا الشأن يتضمن تزويد الدعم لخفر السواحل الليبي والدفع باتجاه عقد اتفاقات بخصوص الهجرة مع دول افريقية اخرى. 

الا ان دعوات مالطا للتوصل إلى اتفاق مع ليبيا على نسق الاتفاق التركي لا يتوقع ان تؤتي ثمارها كون الفوضى التي تسود في البلد شمال الافريقي منذ سقوط معمر القذافي عام 2011 يجعل من الصعب على بروكسل حتى ايجاد طرف للتعامل معه هناك. 

ولكن الضغوطات تتزايد على الاتحاد الاوروبي لاتخاذ اجراءات تجاه ما وصفته المانيا بالوضع الانساني "الكارثي" الذي يعانيه المهاجرون في ليبيا وسط تقارير عن اوضاع اشبه بـ"معسكرات اعتقال" في المخيمات التي يديرها المهربون هناك. 

وأكد توسك في رسالته على انه يتعين على القادة الاوروبيين "حماية حدودنا الخارجية ومساعدة السلطات الليبية في تقديم منشآت استقبال لائقة على اراضيهم".

ومن جهتها، دعت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الثلاثاء إلى بذل المزيد من الجهود لدعم استقرار ليبيا قائلة "لا يمكننا ان نكتفي بالحديث، علينا القيام بشيء".

وبحسب رسالة توسك، سيناقش المجتمعون "الوضع الدولي" بعد انتهائهم من التباحث في مسألة الهجرة قبل مناقشة التحضيرات لقمة ستجري في اذار/مارس في روما بمناسبة الذكرى السنوية الستين لتوقيع المعاهدة التاسيسية في العاصمة الايطالية.

وسترسم قمة روما خارطة طريق للاتحاد الاوروبي بعد خروج بريطانيا المتوقع عام 2019، الا ان توسك اوضح ضرورة بقاء التكتل موحدا في وجه عدة مشاكل منها المفاجآت التي قد يأتي بها ترامب. 

وكتب توسك ان "التغيير في واشنطن يضع الاتحاد الاوروبي في موقع صعب" داعيا قادته لاتخاذ خطوات كبيرة لدعم وحدة التكتل.