واشنطن: قرر الرئيس دونالد ترمب الخميس عدم نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس في الوقت الراهن، لتجنب ما قد يعتبر خطوة استفزازية في وقت يحاول إحياء عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين.
وخلال حملته الانتخابية وعد ترمب مرارا بنقل السفارة من تل ابيب الى مدينة القدس التي أعلنتها اسرائيل عاصمة لها في حين ينشد الفلسطينيون جعل القدس الشرقية المحتلة عاصمة لدولتهم، كما عين سفيرا اميركيا يشاطر مواقفه. لكن منذ توليه مهامه في يناير التقى ترمب كبار المسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين في واشنطن وزار المنطقة الاسبوع الماضي وتعهد بايجاد حل دائم للنزاع.
وأقر الكونغرس قانونا في 1995 يجعل نقل السفارة الى القدس من أركان السياسة الأميركية في تأييد رمزي لإعلان اسرائيل للمدينة بشطريها عاصمة أبدية لها.
لكن القانون تضمن بندا سمح لكل رئيس مذاك بأن يؤجل كل ستة اشهر تطبيق القرار.
والخميس كان موعد التأجيل لاول مرة منذ بدء ولاية ترمب الذي حذا حذو بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك اوباما قبله باصدار أمر الى وزير خارجيته بعدم تنفيذ القانون.
وقال البيت الابيض في اعلان خطي "لا يجب ان يفهم أي كان هذه الخطوة على انها تراجع الرئيس عن دعمه الثابت لإسرائيل وللتحالف الاميركي-الاسرائيلي".
واضاف البيان "اتخذ الرئيس ترمب هذا القرار لزيادة فرص التوصل الى اتفاق عبر التفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين تنفيذا لواجبه في الدفاع عن مصالح الامن القومي الاميركي".
واوضح "لكن بما انه كرر نيته نقل السفارة فان السؤال ليس هل سيتخذ هذه الخطوة بل متى".
وقال مسؤول اميركي لوكالة فرانس برس رفض الكشف عن اسمه "انها مجرد مسألة متى وليس إن كان" سيفعل ذلك، مضيفا ان الرئيس "لا يعتقد ان التوقيت مناسب الان".
وتابع انه باختياره "توقيت مثل هذه الخطوة سيسعى الى مضاعفة فرص التوصل الى حل تفاوضي بين اسرائيل والفلسطينيين".
وقال المتحدث باسم الامم المتحدة ستيفان دوجاريك الخميس ان قرار الرئيس ترمب "حكيم".
وذكر بانه بالنسبة الى الامم المتحدة "وضع القدس مشكلة اساسية لا يمكن تسويتها الا بتسوية سياسية تفاوضية" للنزاع الاسرائيلي-الفلسطيني.
واضاف ان "الامين العام (انطونيو غوتيريش) يأمل في ان يساهم هذا القرار في تسهيل استئناف عملية سلام حقيقية".
عملية السلام
لكن اقرب مستشاري ترمب ينقسمون حول الوفاء بسرعة بالوعد الذي قطعه في خطوة قد تسر العديد من الاسرائيليين لكنها ستغضب الفلسطينيين وتثير قلقا بين الدول العربية المجاورة لاسرائيل.
ويؤيد كبير خبرائه الاستراتيجيين ستيف بانون هذه الخطوة لكن وزير الخارجية ريكس تيلرسون أقل حماسة مؤكدا ان ترمب "حريص على الا يؤثر هذا القرار على عملية السلام" في الشرق الاوسط.
وأعرب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو الخميس عن خيبة أمله بعد قرار الرئيس ترمب عدم نقل السفارة الأميركية إلى القدس في الوقت الحالي، فيما رحب الفلسطينيون به.
وقال نتانياهو في بيان نشره مكتبه "رغم خيبة الأمل من عدم نقل السفارة في هذه المرحلة، فإن إسرائيل تثمن التصريحات الودّية التي أدلى بها الرئيس ترمب والتزامه بنقل السفارة في المستقبل".
تابع نتانياهو ان "موقف اسرائيل الدائم هو ان السفارة الاميركية وسفارات جميع الدول التي لنا معها علاقات دبلوماسية، يجب ان تكون في القدس، عاصمتنا الأبدية".
وأضاف إن "الابقاء على السفارات خارج العاصمة يبعد السلام أكثر عنا لأنه يساهم في إحياء الأوهام الفلسطينية، كأن الشعب اليهودي ودولته ليست لهما أي علاقة بالقدس".
في المقابل رحب المسؤولون الفلسطينيون بالقرار، واعتبره المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة "خطوة إيجابية هامة ستعزز فرص تحقيق السلام".
من جهته اعلن السفير الفلسطيني في الولايات المتحدة حسام زملط انه "مستعد لاطلاق آلية تشاور مع الادارة الاميركية" للتوصل الى السلام. وتابع "نحن جديون وصادقون في التزامنا من اجل سلام عادل ودائم".
وفي واشنطن كانت مجموعات الضغط المؤيدة لاسرائيل منقسمة حول هذه السياسة.
ورحبت مجموعة "جاي ستريت" التي تؤيد حل الدولتين، بتأجيل القرار الذي قد يهدد الجهود للتوصل الى اتفاق حول وضع القدس.
وقالت المجموعة "تجنبت الحكومات الاميركية المتعاقبة اتخاذ خطوات يمكن ان تفسر وكأنها توقع مسبق لنتائج المفاوضات.
لكن "ايباك" اكبر مجموعة مؤيدة لاسرائيل في واشنطن اعربت عن قلقها.
وقالت "اننا نشعر بخيبة الأمل لعدم وفاء الرئيس بوعده نقل السفارة ونأمل في ان يقوم بذلك قريبا".
ويعتبر الفلسطينيون الذين يمثلون ثلث سكان المدينة المقدسة ويعيشون في الجزء الشرقي الذي تحتله اسرائيل منذ عام 1967، القدس، عاصمة لدولتهم الفلسطينية العتيدة.
وضمت اسرائيل القدس في عام 1980 واعلنتها عاصمتها الابدية والموحدة، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي وضمنه الولايات المتحدة. ويعتبر المجتمع الدولي القدس الشرقية مدينة محتلة.
وتتواجد إجمالا معظم سفارات العالم في تل ابيب، العاصمة الاقتصادية للدولة العبرية.
وسيكون نقل السفارة بمثابة دعم أميركي لموقف اسرائيل من المدينة، ورفضا للمطلب الفلسطيني.
التعليقات