الرباط: بعدما ظل الرأي العام ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي يتساءلون عن موقفه من التطورات التي تشهدها منطقة الريف (شمال البلاد)، خرج رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، ليؤكد على أن قضية الحسيمة "دائما حاضرة عندنا في الحكومة، وكذا عدد من مناطق المغرب"، مشددا على أن الحكومة حريصة على تتبع "الملف التنموي للمنطقة والمشاريع التي يجري إنجازها وتنزيلها".

الحكومة تتابع الملف 

سجل العثماني، في كلمته خلال افتتاح أشغال المجلس الحكومي الذي انعقد صباح اليوم الخميس، بأن المشاريع التي تعمل الحكومة على إنجازها في مدينة الحسيمة والمدن المجاورة لها بمنطقة الريف "استراتيجية ولا يمكن إنجازها بين عشية وضحاها".

ودعا رئيس الحكومة الوزراء المعنيين بالمشاريع التي تعتزم الحكومة تنزيلها في المنطقة إلى تتبعها ب"فعالية لأننا نريد الاستجابة لهذه المطالب لكن بطريقة معقولة وسريعة على حسب القدرة والإمكانات"، وفق تعبيره.

نوال بن عيسى رفقة ناصر الزفزافي 

واعتبر العثماني أن الحكومة تتفاعل بشكل "إيجابي مع مطالب المواطنين حيث ما كانوا في مناطق المغرب، وخصوصا اليوم في الحسيمة"، مبرزا أن هذا الأمر يمثل "هما بالنسبة لحكومته ويعقد بشأنه اجتماعات متتالية مع وزراء على انفراد أو مجتمعين للوقوف على تطورات الملف".

وشدد العثماني في كلمته أمام أعضاء فريقه الحكومي على أهمية الحفاظ على الأمن العام وحماية الممتلكات، حيث قال: "لا بد أن أؤكد على ضرورة حماية الممتلكات العامة والخاصة وحماية الأمن العام ، وعلى ضرورة تعزيز أمن واستقرار بلادنا"، معتبرا أن الحفاظ على الأمن والاستقرا أمر ضروري بالنسبة للحكومة لأنه "يستفيد منه جميع المواطنين". 

وأفاد رئيس الحكومة المغربية بأنه عقد لقاء مع وزيري العدل والداخلية في حكومته، أكدوا فيه على أنه"في أي عملية يجب أن يكون هناك احترام لحقوق الإنسان واحترام حقوق المتهمين والمساطر كما هو منصوص عليها قانونيا"، مؤكدا أن الحكومة تولي اهتماما خاصا لحقوق الإنسان في هذا الملف، منوها بالدور الذي لعبه المجلس الوطني لحقوق الإنسان من خلال الكتابة الجهوية بالحسيمة في مواكبة احتجاجات الريف. 

وقال مصطفى الخلفي، الوزير المكلف العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن الحكومة من خلال وزارة العدل تؤكد تجاوبها مع كل الطلبات المقدمة من طرف المحامين والعائلات لزيارة معتقلي الحسيمة، وكذا التجاوب مع كل الطلبات المتعلقة بالخبرة فيما يخص التعرض للتعذيب.

وأضاف الخلفي، في مؤتمر صحافي ،عقده اليوم عقب انتهاء المجلس الحكومي فيمعرض جوابه على سؤال يتعلق بشكاوى التعذيب “كل شكوى حول ممارسة التعذيب يحال صاحبها على الخبرة الطبية مباشرة، وسيتم فتح تحقيق، وتطبيق القانون بناء على نتائج هذه الخبرة”.

واضاف الخلفي قائلا "الاحتجاجات التي تتم مشروعة ويضمنها القانون، والحكومة تؤكد احترام كافة الضمانات التي يكفلها القانون للمعتقلين سواء أثناء المتابعة أو المحاكمة".

توقيف وتسريح 

في موضوع ذي صلة، ظهرت الناشطة نوال بن عيسى ، التي يرى الكثير من المتابعين بأنها تسلمت قيادة "حراك الريف" بعد اعتقال ناصر الزفزافي، في شريط فيديو بثته على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أعلنت فيه أنها توصلت صباح اليوم بمذكرة اعتقال صدرت في حقها، مؤكدة أنها ستسلم نفسها للشرطة "خشية اقتحام قوات الأمن لبيتها وترويع أطفالها"، وفق تعبيرها.

وأفاد نشطاء من مدينة الحسيمة بعد ذلك في تصريحات صحفية، بأن الشرطة أخلت سبيل متزعمة الحراك الشعبي نوال بن عيسى، بعد وقت وجيز من تسليم نفسها لرجال الأمن، وعبروا عن ابتهاجهم بمغادرتها لبناية مديرية الأمن الوطني وسط المدينة، وتعد بن عيسى من الوجوه النسائية البارزة التي انخرطت في حراك الريف وساهمت بشكل كبير في الدعوة إلى المشاركة الموسعة في الوقفات والمسيرات ، كما أنه يحسب لها تشبثها بالسلمية في للتعبير والدعوة إلى الالتزام بذلك من طرف الجميع، واعتبرت أن كل من يريد أن يلجأ للعنف ضد عناصر الأمن "خائنا للحراك ولا ينتمي للمحتجين".

والدة الزفزافي تناشد الملك

وظهرت والدة ناصر الزفزافي، في شريط فيديو تتحدث عن ظروف اعتقال ابنها، حيث اتهمت رجال الأمن ب"الهجوم على المنزل وكسر بابه وإلقاء القبض عليه"، كما هددت بالانتحار في حال لم يتم إطلاق سراح ابنها.

والدة ناصر الزفزافي 

ونفت الأم التي بدت متأثرة باعتقال ابنها تهمة تلقيه تمويلات أجنبية من الجزائر، مشددة على أن ناصر الزفزافي ينتمي لأسرة فقيرة ويعاني أبناؤها البطالة، كما ناشدت العاهل المغربي الملك محمد السادس بالتدخل لحل الأزمة وإنصاف سكان الريف الذين قالت إنهم "يحبون الملك ويتمسكون بحكمه".

الاحتجاج حق مشروع

وأكدت أحزاب الغالبية الحكومية، في بيان موحد على الحق في الاحتجاج تعبيرا عن المطالب الاجتماعية المشروعة وفق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، داعية الحكومة إلى مزيد من التفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة لسكان إقليم الحسيمة وغيرها من مناطق المملكة.

وجددت أحزاب الغالبية الحكومية التي تضم احزاب العدالة وًالتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية، عقب اجتماع انعقد، أمس الأربعاء، التأكيد على الحق في الاحتجاج تعبيرا عن المطالب الاجتماعية المشروعة وفق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، مذكرة أنه من واجب الجميع صيانة ممارسة هذا الحق من أي إخلال أو شطط، والعمل على تعزيز نهج الحوار واحتضان تطلعات المواطنين والمواطنات في الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

صور للحراك الريف شمال المغرب

ودعت أحزاب التحالف الحكومي إلى "مزيد من التفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة لسكان إقليم الحسيمة وغيرها من مناطق المملكة"، مجددة "دعوتها الصادرة في بلاغها بتاريخ 14 مايو الجاري إلى تسريع وتيرة إنجاز الأوراش والمشاريع التنموية المبرمجة والتعامل بحزم في تفعيلها".

وأشادت الأحزاب المذكورة بـ"نهج الحوار الذي اتبعته الحكومة والسلطات المحلية في تعاملها مع تلك الاحتجاجات، وتحيي التعامل المسؤول لقوات الأمن بكل مكوناتها معها"، كما دعت الجميع إلى العمل على "حماية الممتلكات العامة والخاصة واحترام المؤسسات، تعزيزا للأمن والاستقرار"، مؤكدة على "مزيد من السهر على احترام المساطر القانونية في المتابعات وضمان شروط المحاكمة العادلة للمتابعين، انتصارا لسيادة القانون في إطار دولة الحق والمؤسسات".

وطالبت أحزاب التحالف، الحكومة بضرورة "انتهاج سياسة تواصلية فعالة تجاه المواطنين والمواطنات والرأي العام الوطني بشأن المعطيات المتعلقة بالموضوع، وذلك بالخصوص عبر مختلف قنوات الإعلام والتواصل".