لندن: تأمل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الثلاثاء في ابرام اتفاق حاسم مع الحزب الوحدوي الديموقراطي في ايرلندا الشمالية، لتستمر في الحكم في حين طلب الاتحاد الاوروبي "الاستقرار" و"الوضوح" قبل بدء مفاوضات بريكست.

تلتقي ماي بعد ظهر الثلاثاء ارلين فوستر رئيسة الحزب الايرلندي الشمالي وذلك قبل أقل من أسبوع من الموعد المفترض لبدء المفاوضات، في حين تستعد المفوضية الاوروبية لاقتراح أسس جديدة يمكن ان تدفع قسما كبيرا من الشركات المالية اللندنية الى نقل مقارها الى داخل الاتحاد الاوروبي بعد بريكست.

وفي مقابلة مع الصحافة الاوروبية أعرب كبير مفاوضي بريكست لدى الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه عن قلقه "للوقت الضائع" والهزات في مستوى القيادة البريطانية التي تنذر ببلبلة الجدول الزمني.

وقال لصحيفة لوموند "لا أرى جدوى ولا مصلحة في تأجيل المباحثات. وكل تأجيل إضافي سيكون مصدر عدم استقرار الاقتصاد وقطاع العمل في غنى عنه". واضاف "لكن لا يمكنني ان ابدأ المفاوضات مع نفسي" فهناك حاجة الى "وفد بريطاني ورئيس وفد مستقر ومسؤول ومفوض".

وقبل ان تخوض في هذه المفاوضات الاساسية للبلاد، يتعين على ماي ان تعيد تثبيت قدميها على الارض بعد هزة الانتخابات التشريعية الخميس التي افقدتها أغلبيتها المطلقة في البرلمان، إضافة الى قسم او كل مصداقيتها داخليا.

ولتستعيد قسما من هامش المناورة تجد ماي نفسها مجبرة على التحالف مع الحزب الديمقراطي الوحدوي الايرلندي الشمالي الذي يتيح لها نوابه العشرة الحصول على الاغلبية وبلوغ عتبة 326 نائبا المطلوبة للسيطرة على البرلمان حين ينضاف نواب الحزب الايرلندي الى نواب حزب المحافظين (318).

والجمعة غداة الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعت اليها ماي، تحادثت ماي وفوستر عبر الهاتف وتواصلتا ايضا في الايام الماضية. وقالت ارلين فوستر الاثنين ان "المحادثات مستمرة" مضيفة ان "المصلحة الوطنية هي في صلب" هذه المفاوضات.

وتطرقت ماي الى هذه المفاوضات خلال لقاء الاثنين مع نواب حزبها الذين أكدوا ثقتهم بها رغم هزيمة الحزب في الانتخابات. وقالت ان الحزب الوحدوي لن يقرر بشأن سياسة الاعتراف بحقوق مثليي الجنس.

ومثل هذا الائتلاف سيطرح ايضا تساؤلات حول مسالة حياد الحكومة البريطانية في ايرلندا الشمالية، المنطقة التي لا تزال تشهد توترات كبرى بعد 20 عاما على انتهاء الازمة.

ويتوقع ان تمتد المفاوضات بين المحافظين والحزب الايرلندي الشمالي لبعض الوقت وان تؤخر حفل افتتاح دورة البرلمان الجديد المقرر الاثنين، بحسب داميان غرين نائب رئيسة الوزراء.

"خلل في الزعامة"

وسيعقد البرلمان الجديد أولى جلساته بعد ظهر الثلاثاء وهذه الجلسة ستشهد انتخاب رئيس مجلس العموم.

وعصر الثلاثاء من المقرر ان تتجه ماي الى فرنسا للاجتماع بالرئيس ايمانويل ماكرون وستكون مكافحة الارهاب والمضامين المتطرفة على الانترنت أبرز مواضيع عشاء عمل ماكرون وماي.

كما يتوقع ان يبحث القائدان بريكست في وقت أرخت نتائج الانتخابات التشريعية ظلالا من الشك على قدرة ماي على حسن إدارة خروج "قاس" لبلادها من الاتحاد الاوروبي.

وبحسب داميان غرين فان ماي لديها "دعم كبير" من حكومتها بخصوص استراتيجيتها في هذا الملف. وقال الوزير البريطاني المكلف مفاوضات بريكست ديفيد ديفيس ان هذه الاستراتيجية لم تتغير اي الخروج من السوق الاوروبية الموحدة من اجل استعادة السيطرة على حدود بريطانيا.

وافادت ذي تيلغراف أن بعض الوزراء الرئيسيين وأعضاء في حزب العمال من مناصري خروج "لين" من الاتحاد الاوروبي، اجروا اتصالات سرية للتشجيع على هذا التوجه.

واعتبر رئيس الوزراء البلجيكي الاسبق غي فيرهوفشتات ان نتائج الانتخابات التشريعية البريطانية "لم توفر بالتاكيد الدعم لخروج قاس".

لكن صحيفة ايفنينغ ستاندرد رأت ان ماي لم تعد الوحيدة في قيادة الدفة في المملكة المتحدة، بسبب التنازلات التي سيتعين عليها تقديمها لهؤلاء واولئك لتستمر في الحكم.

واضاف باسف "الاكثر حزنا هو ان المملكة المتحدة تعاني خللا في مستوى القيادة في وقت تخوض فيه المفاوضات الأهم في تاريخها الحديث".