هيغاتني: تشهد جزيرة غوام نقاشا يتصاعد منذ عقود حول تنظيم استفتاء لتحديد مصيرها واختيار احد حلين، اما ان تبقى مستعمرة اميركية او تسعى الى نيل الاستقلال.

وتحتفل الجزيرة الواقعة في غرب المحيط الهادىء ويبلغ طولها حوالى خمسين كيلومترا، هذا الاسبوع بالذكرى الثالثة والسبعين لانتهاء الاحتلال الياباني.

وهي مدرجة على لائحة الامم المتحدة للاراضي غير المستقلة التي ينبغي ازالة آثار الاستعمار فيها مثل 16 منطقة اخرى.

ويرى العضو السابق في مجلس الشيوخ في الجزيرة ايدي دويناس انه حان الوقت لتقرر هذه الارض مستقبلها. وهو يدعو الى تنظيم استفتاء العام المقبل، يتزامن مع الانتخابات المخصصة لمنصب الحاكم.

وقال دويناس خلال تجمع في العاصمة هيغاتني "اننا نقود الحافلة، لكننا لا نعرف الى اين نذهب، ولا الى متى سنستمر في القيادة". واضاف "اننا لا نتوقف عن القيادة. إنه لأمر مزعج".

في الوثائق، تشكل غوام منذ 1898 ارضا تتولى الولايات المتحدة تنظيمها بدون ان تكون جزءا منها، وهذا يعني ان سكان الجزيرة البالغ عددهم 160 الف نسمة هم مواطنون اميركيون، لكن يتمتعون بحقوق محدودة.

فهم لا يستطيعون المشاركة في الانتخابات الاميركية، والممثل الوحيد للجزيرة في الكونغرس لا يحق له التصويت على نصوص القوانين.

ويقول الحاكم ادي كالفو ان هذا الوضع طال كثيرا. وهو يطالب ايضا منذ فترة طويلة باستفتاء تطرح فيه ثلاثة خيارات هي الاستقلال او تحول غوام الى ولاية اميركية او البقاء في وضع "الشراكة الحرة" مع واشنطن.

"ليسوا فقراء كثيرا"

لكل حل انصاره. ويؤكد الحاكم ان المسألة تتعلق خصوصا باعطاء السكان فرصة التعبير عن آرائهم. وقال ان "ايا يكن خيارهم، فسيكون افضل من الوضع الراهن". 

واضاف "أفضل ان يختار الناخبون ان تصبح الجزيرة ولاية اميركية. لكنهم اذا ما اختاروا الاستقلال او الشراكة الحرة، فسيكون ذلك افضل من الوضع الراهن".

واستقلال جزيرة غوام مسألة معقدة بسبب العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة.

فقد اصبحت غوام التي كانت ملكية اسبانية مستعمرة اميركية بموجب معاهدة باريس الموقعة في 1898 وأنهت الحرب الاسبانية الاميركية.

وقد خضعت للاحتلال الياباني بعيد هجوم بيرل هاربر في ديسمبر 1941 حتى تحريرها في 21 يوليو 1944.

وما زالت الجزيرة تضم واحدة من اهم القواعد العسكرية الاميركية في منطقة آسيا المحيط الهادىء، وتضطلع بدور اساسي في الاستراتيجية الاميركية لمواجهة كوريا الشمالية خصوصا.

من جهة اخرى، تعتمد الجزيرة كثيرا على المساعدات الاجتماعية الاميركية. فحوالى 45 الفا من سكان غوام، يتلقون مساعدة غذائية ويستفيدون من النظام الصحي العام..

وتعتمد ميزانية الجزيرة على الدعم الفدرالي والضرائب التي يدفعها العسكريون الاميركيون المتمركزون في غوام.

وتبدو ماريت شواب وهي من سكان قرية اغانا هايتس غير مقتنعة بان جزيرتها تتمتع بالنضج السياسي حتى تتولى ادارة نفسها بنفسها. وتساءلت "كيف سيستبدلون الخدمات التي تقدمها الحكومة الفدرالية؟ ما هي خطة التحرك؟".

وقال ادريان كروز الذي يدافع عن "الشراكة الحرة" ان الاعتماد المالي على واشنطن يجعل من اي تطور للوضع الراهن معقدا.

واضاف ان "الولايات المتحدة تبقينا في هذا الوضع بحيث لا نصبح فقراء الى حد يدفعنا الى الثورة، لكننا في وضع لسنا فيه ايضا اغنياء الى حد يحملنا على الاعتقاد اننا لم نعد نحتاج اليهم".

أيا تكن حالة الوضع، فلم يخرج النقاش عن الاطار النظري لأن محكمة فدرالية اميركية اعلنت معارضتها اجراء استفتاء حول تقرير المصير.

واعتبرت المحكمة ان حصر حق التصويت في هذا الاستفتاء بسكان الجزيرة الاصليين الذين يطلق عليهم اسم تشامورو ويبلغ عددهم 65 الف نسمة، مخالف للدستور، بسبب الطابع الإثني لهذا المعيار. 

ورفعت الحكومة دعوى استئناف وطلبت تدخل الامم المتحدة.

ويعتبر مايكل بيفاكوا الاختصاصي بثقافة تشامورو في جامعة غوام، ان من الضروري الوقوف على رأي السكان الاصليين لجزيرة غوام بعد عقود امضوها تحت النير الأجنبي.

وقال ان "ازالة آثار الاستعمار تتقيد بالقواعد التي يمليها المستعمرون، لا تعد عملية لازالة الاستعمار. انها امتداد للاستعمار".