نظرا للعدد الكبير من الأميركيين المقيمين في كوريا الجنوبية، وضعف أنظمة الدفاع في دول جوار كوريا الشمالية، ازاء صواريخ بيونغ يانغ الباليستية، يبدو سيناريو الحرب كارثيا بكل المقاييس.
إيلاف من القاهرة: مخاوف عديدة تفرض نفسها على الساحة الدولية من وقت لآخر بشأن المخاطر والتداعيات التي قد تنجم عن البرنامج النووي لكوريا الشمالية، وما قد تسفر عنه التوترات القائمة بينها وبين جارتها، كوريا الجنوبية، حيث يتخوف كثيرون ومنهم المواطن الأميركي، روبرت كيلي، الذي يعيش برفقة أسرته في كوريا الجنوبية، من اقدام كوريا الشمالية على مهاجمة مدينة بوسان الكورية الجنوبية التي يعمل كيلي مدرساً في جامعتها.
ونقلت في هذا السياق صحيفة "صنداي مورنينغ هيرالد" عن كيلي قوله "أتعامل مع تلك المخاوف على محمل الجد ودائماً ما أتحدث أنا وزوجتي عن عائلتنا الصغيرة وما الذي يمكننا فعله في حال تطورت الأوضاع ونشبت الحرب، فماذا نفعل وأين نذهب وماذا نأخذ معنا".
أميركيون مستهدفون
ونوهت الصحيفة إلى أن مدينة بوسان ستكون عرضة، في حالة نشوب الحرب، لصواريخ كوريا الشمالية الباليستية، وكذلك الأسلحة النووية، وربما يساعد نظام THAAD المضاد للصواريخ على التصدي لبعض منها لكن لن يقوى على مجابهتها كلها.
وأشار تقرير الصحيفة إلى عدم وجود مثل هذا الدرع الواقي الذي يمكنه الذود عن العاصمة، سيول، في مواجهة المدفعية والصواريخ التي قد تطلقها كوريا الشمالية من المنطقة منزوعة السلاح، وذلك مع العلم بأن هناك ما يقرب من 100 ألف مواطن أميركي يعيشون وسط السكان الذين يقدر عددهم بـ 25 مليون نسمة في العاصمة سيول.
إذا قرر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، توجيه ضربات استباقية ضد نظام كيم جونغ أون بسبب عناد بلاده في ما يتعلق ببرنامجها النووي، فعليه أن يفكر أولاً إذا ما كان يرغب في مشاهدة المئات أو ربما الآلاف من مواطنيه الأميركيين وهم قتلى على شاشة السي إن إن برفقة عشرات الآلاف من القتلى الكوريين الجنوبيين.
وبحسب الصحيفة، حتى إن قام باجلاء مواطنيه بأعداد كبيرة، فوقتها سيدرك النظام في كوريا الشمالية سوء النية، وربما يفكر وقتها في اطلاق هجمات بشكل استباقي على أية حال.
حرب نووية؟
ويقول بروس بينيت، الخبير في الشؤون الكورية لدى مؤسسة راند للأبحاث: "تكمن المشكلة في عدم وجود أي خيارات جيدة على الصعيد العسكري. وإن وقعت حرب، فإنها ستحدث على نطاق لم يسبق أن شهده أي جيل من قبل، خاصة إذا تحولت لحرب نووية، لا سيما وأن كثيرا من كبار الخبراء يعتقدون أن كوريا الشمالية تمتلك بالفعل القدرات التي تتيح لها خوض تلك الحرب بكل قوة".
ومن الناحية النظرية، يعتبر الجيش الكوري الشمالي رابع أكبر جيش على مستوى العالم، وسبق لوزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، أن أوضح في تصريحات صحافية أنه إذا سارت الأمور نحو حل عسكري، فستكون التداعيات مأسوية على نطاق لا يُصَدَّق.
التفوق للشمال
وعقدت الصحيفة مقارنة بين طبيعة وعدد القوات في كل من كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية، واتضح أن جيش كوريا الشمالية يتألف من 1.1 مليون جندي وضابط وأن جيش كوريا الجنوبية يتألف من 490 ألفًا، أما قوات الاحتياط في الشمالية فقوامها 7.62 ملايين وفي الجنوبية قوامها 3.1 ملايين فقط.
كما أن أسطول البحرية في الشمالية يتكون من 60 ألف جندي وفي الجنوبية يتألف من 70 ألفا، وسلاح الجو في الشمالية يتكون من 110 آلاف وفي الجنوبية يتكون من 65 ألفا.
وما يمكن قوله إن الكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة وحلفائها لا سيما وأن كوريا الشمالية تمضي فَرِحَةَ بما تحققه من تقدم على صعيد برنامجها النووي، فضلاً عن نجاحها في تحويلها دفة التوازن يوماً بعد يوم وتعقيدها الأمور بالنسبة للمجتمع الدولي.
معضلة الهجوم السريع
وأعقبت الصحيفة بقولها إن خيارات التدخل قريبة الأجل بالنسبة للولايات المتحدة، كوريا الجنوبية، وحلفاؤهما مثل اليابان تقتصر على إمكانية القيام بهجوم "جراحي" يتم من خلاله استهداف منشآت كوريا الشمالية النووية والصاروخية وكذلك باقي نقاط قوتها العسكرية الأكثر تهديداً. لكن المشكلة في ذلك الخيار هو أنه لا يمكن أن يتم بسرعة أو من دون حدوث خسائر، فكثير من المواقع النووية وبطاريات الصواريخ والمدفعية مدفونة بمناطق جبلية، وعادة ما يكون من الصعب مهاجمتها أو إخفاؤها.
كما أن الهجوم قد يستغرق أياماً، وربما أسابيع، وسيتطلب الأمر إطلاق المئات من الطائرات والصواريخ مثل صورايخ توماهوك من السفن الأميركية في بحر اليابان.
وبعدها أعقبت الصحيفة بلفتها إلى وجود خيار آخر قد يكون مفيداً للولايات المتحدة وحلفائها، وهو توجيه ضربة عقابية محدودة ضد نظام كيم وذلك لإخباره بأن يوقف برنامجه النووي أو أن يتوقع المزيد من نفس الضربات – على غرار ما سبق أن فعله ترامب مع النظام السوري بعد استخدام الأخير للأسلحة الكيميائية. لكن المشكلة الأخطر، بحسب الصحيفة، هي أن كوريا الشمالية مستعدة للتصعيد على كل المستويات.
التصعيد آت
يقول يوان غراهام، الذي كان يشغل منصب القائم بالأعمال البريطاني في بيونغ يانغ ويترأس الآن برنامج الأمن الدولي في معهد لوي: "ما يجعل كوريا الشمالية دولة خطيرة هو ضعفها الشديد، فهي لا تحظي بعمق استراتيجي وقواتها التقليدية لا تتناسب مع قوات كوريا الجنوبية ناهيك عن القوات الأميركية، ومن هنا يبرز السر وراء تمسك كوريا الشمالية بمنطق التصعيد".
والتساؤل الحقيقي الذي يفرض نفسه هو ما مدى رغبة الولايات المتحدة في منع كوريا الشمالية من تطوير سلاح نووي عابر للقارات قد يضرب لوس أنجلوس؟ وهل صحيح أنها قد تستسلم في الأخيرة لفكرة التعايش مع برنامج كوريا الشمالية النووي، رغم كل ما تقوله وتدرسه وتبحثه أو تخطط له ؟
أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرّف نقلاً عن صحيفة "صنداي مورنينغ هيرالد". الرابط الأصلي:
http://www.smh.com.au/federal-politics/political-news/north-korea-a-terrifying-glimpse-into-what-war-with-kim-jonguns-military-would-look-like-20170713-gxadej.html
التعليقات