واشنطن: بدأ جيل جديد من اليمين المتطرف ترسيخ حضوره في الولايات المتحدة، مُتشجعا بمواقف الرئيس دونالد ترمب ودعم مواقع التواصل الاجتماعي، معظمهم من البيض الصغار السن التواقين لاستغلال المخاوف من الهجرة اللاتينية والإسلام المتطرف.

واثارت التظاهرات العنيفة لليمن المتطرف التي ادت الى مقتل امرأة في مدينة شارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا صدمة في المجتمع الاميركي، خصوصا مع انتشار فيديو يظهر نحو الف متظاهر من النازيين الجدد والقوميين بحراسة عناصر "ميليشيا" يحملون اسلحة.

ويقول محللون إن هذه المجموعات ربما تحظى بتأييد عشرات الآلاف وربما يدعمها مئات الالاف من الانصار غير المعلنين. 

وحلت هذه المجموعات الجديدة محل العنصريين المعادين للحكومة، والمجموعات الفاشية مثل كو كلاكس كلان التي يتراجع عدد مؤيديها.

ورغم تحالفها مع مستشار ترمب القوي ستيف بانون، تبقى حركة اليمين البديل "آلت رايت"، وأذرعها العنيفة مشتتة وغير قادرة حتى الآن على التوحد حول ايديولوجيا وأهداف مشتركة.

لكن ذلك يمكن أن يتغير.

ويقول الباحث سبينسر صان شاين الخبير في شؤون الجماعات اليمينية إنهم "يتعاونون حاليا".

وتابع أن "موجة ترمب العنصرية تمنحهم انطلاقا".

لكن ترمب يحاول أن ينأى بنفسه من هذه المجموعات بعد ادانته الصارمة "أعمال العنف العنصرية" في شارلوتسفيل، منددا "بمؤيدي تفوق العرق الأبيض و(جماعة) كو كلوكس كلان والنازيين الجدد" الذين يناقضون القيم الأميركية، حسب قوله.

وقال ترمب ان "العنصرية هي الشر. والذين يثيرون العنف باسمها مجرمون وقطاع طرق، بمن فيهم كو كلوكس كلان والنازيون الجدد وأنصار تفوق العرق الأبيض وغيرهم من الجماعات الحاقدة، البغيضة لكل ما نفتخر به كأميركيين".

ضد التعددية الثقافية

وتندد جماعة "آلت رايت" اليمينية المتطرفة بفقدان الهوية الاميركية المثالية، مدافعة عن الوطنية البيضاء الثقافة الاوروبية التي تشكل أساسا للثقافة الاميركية.

وترفض الحركة "التعددية الثقافية" التي تعطي أهمية للمجموعات غير البيضاء وتدافع عن الحقوق المتساوية للنساء والمثليين والأقليات.

وتستمد سياستها من المحافظين التقليديين، ومرتبطة بحركة "أنصار الهوية" في اوروبا.

واصبح موقع "بريتبارت"، الذي تأسس العام 2007 منبرا اعلاميا لهذه الحركات ودعم ترمب معتبرا اياه الرمز لهذا الاتجاه.

وأوضح مركز "ساثورن لاو بوليسي سنتر"، وهو مركز ابحاث معاد للتطرف أن "آلت رايت هي الشيء نفسه تماما كاليمين العنصري الابيض القديم رغم ان عناصرها يحبذون ارتداء بدلة وربطة عنق وليس اثواب كو كلاكس ملان او الزي النازي".

وقاد تظاهرات السبت ريتشارد سبنسر، مدير معهد السياسات الوطنية في واشنطن "المكرس للتراث والهوية ومستقبل الاشخاص المنحدرين من أصول اوروبية في الولايات المتحدة".

والمجموعات المشاركة في هذه التظاهرات كانت من النازيين الجدد، والعنصريين البيض، مثل "فانجارد اميركا" التي هتف مؤيدوها "الدم والأرض"، المماثل لصيحات أنصار هتلر ابان ثلاثينات القرن المنصرم.

كما شاركت مجموعات أخرى مثل "انصار الهوية" التي تروج لتميز البيض، وحزب العمال التقليدي الذي يرفع شعارا مشابها لشعار النازية مع ايديولوجيا تحصر اعضاءه بالمسيحيين البيض.

الدفاع عن تراث الجنوب الابيض

وتأتي مسيرة اليمين المتطرف السبت عقب تظاهرة أصغر حجما الشهر الماضي تجمع خلالها عشرات من المرتبطين بمجموعة كو كلاكس كلان للاحتجاج على خطط المدينة بإزالة تمثال الجنرال روبرت لي الذي قاد القوات الكونفدرالية في الحرب الأهلية الاميركية. 

وهذا الامر جذب مجموعات يمينية اخرى مهتمة بالحفاظ على الطابع المثالي البطولي والأبيض للجنوب.

وترفض هذه المجموعات أن تكون الحرب الاهلية مرتبطة بالعبودية، وتقاوم ازالة رموز الارث العنصري مثل العلم الكونفدرالي المرفوع على النصب التذكارية للجنرال لي. 

وبالنسبة إلى جاسون كيسلر، أحد منظمي التجمع في شارلوتسفيل فإن إزالة التمثال تعتبر "إبادة جماعية للبيض".

ميليشيات للبيض

وتجتذب تجمعات "آلت رايت" بشكل متزايد الحركات الساعية للعنف، مثل "براود بويز" و"دي اي واي".ولكل منهما تاريخ في عنف مارسه حليقو الرؤوس خلال ثمانينات القرن المنصرم.

كما شاركت مجموعات محلية تطلق على نفسها تسمية "ميليشيا المواطنين".

وفي الولايات المتحدة 165 مجموعة وفقا لمركز الابحاث "ساثرن لاو بوليسي سنتر".

وهذه المجموعات مسلحة جيدا لكنها تركز اكثر على نزاعها مع الحكومة والقوانين والضرائب، واقل اهتماما بالقضايا المتعلقة بتفوق العرق الابيض.

وبعض هذه المجموعات ترحّب بالاقليات، كما انها تحتقر شعارات النازيين الجدد وتعتبرها معادية للاميركيين. 

واهم هذه المجموعات "آوث كيبرز" التي تضم عسكريين سابقين "للدفاع عن الدستور" متبنية ايديولوجية تحررية.

واثار ظهور هذه الميليشيات في تجمعات اليمين المتطرف قلقا كبيرا.

وعامي 2014 و2015، ظهرت هذه المجموعات المسلحة اثناء التظاهرات المعادية للشرطة في فيرغسون في ولاية ميزوري، حيث بدت قوة جاهزة لقمع المتظاهرين الاميركيين الافارقة.

وفي شارلوتسفيل، حضر مسلحون بشكل جيد مرتدين زيا عسكريا وحاملين بنادق "اي ار-15"، في مسعى واضح لحماية اليمينيين المتطرفين.

لكن وفقا للباحث صان شاين، فإنهم لم يشاركوا في اعمال العنف، لانهم انسحبوا لدى اندلاع المواجهات.