ثمة تحوّل ما حصل في الولايات المتحدة الأميركية، وجعل فريق التحقيق الخاص في عملية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية عام 2016 في موقع الدفاع للمرة الأولى منذ تكليف روبرت مولر بقيادة التحقيقات.
إيلاف من نيويورك: في غضون أسبوع واحد، صبّ الرئيس دونالد ترمب جام غضبه على فريق التحقيق، ولم يكتفِ فقط باستهداف بعض المحققين، كما درجت العادة في الأشهر الأخيرة، بل طالت سهامه روبرت مولر نفسه.
انقلاب على فريق التحقيق
وإذا كان هجوم ترمب يعد أمرًا عاديًا، نظرًا إلى ارتباط التحقيقات بمرحلة الانتخابات التي أوصلته إلى البيت الأبيض، فإن الأمر البالغ الأهمية تمثل في ظهور بوادر انقلاب وشيك لأحد مستشاريه السابقين خلال الحملة الانتخابية، جورج بابادوبولوس، على فريق التحقيق هذه المرة، بعدما كان قد عقد اتفاقًا ينص على التعاون والاعتراف بتهمة الكذب على محققي إف بي آي، وتضليلهم مقابل التساهل في توجيه الاتهام، وبالتالي الحكم.
بابادوبولوس، الذي كان طرف الخيط الذي أوصل في نهاية الأمر إلى فتح تحقيق في التدخل الروسي، يدرس الآن بحسب زوجته سيمونا مانغيانت إمكانية الانسحاب من الاتفاق الذي عقده مع فريق روبرت مولر، واعترف بموجبه بالكذب على المحققين.
القرار النهائي
وأعلنت زوجة بابادوبولوس، التي تعمل حاليًا بصفة المتحدثة باسمه، أن زوجها يدرس الموضوع مع محاميه، وسيعلن قراره النهائي غدًا (اليوم الثلاثاء)، علمًا بأن جلسة محاكمته ستُعقد في السابع من سبتمبر المقبل.
غيّرت موقفها من مولر
دأبت سيمونا مانغيانت على توجيه الإشادات إلى فريق التحقيق، والتغني بتعاون زوجها، قبل أن تغيّر موقفها في الشهرين الماضيين، بعدما طلبت من الرئيس المساعدة والعفو عن زوجها، وعادت لترفع من حماوة تصريحاتها المناوئة للمحققين بعد الكشف عن توصية قدمها مولر إلى القاضي، الذي سينطق بالحكم، طالبًا فيها سجن مستشار ترمب ستة أشهر بسبب تضليله فريق التحقيق.
التحولات التي ظهرت إلى العلن في الأيام الأخيرة، ترتبط بشكل أساسي بمجريات محاكمة مدير حملة ترمب السابق، بول مانافورت، عقب انتهاء اليوم الثالث للمداولات بين المحلفين من دون أن يخرجوا بقرار نهائي.
شكوك كبيرة
في ظل ضخامة الملف الذي أعدّه فريق التحقيق عمّا أسموها جرائم مولر المتعلقة بالتهرب الضريبي، والحسابات البنكية الخارجية غير المصرح عنها، إضافة إلى الحملة الإعلامية التي رافقتها، فإن انتهاء اليوم الثالث من دون إصدار قرار رغم كل المعطيات التي قدمها محققو مولر، طرح شكوكًا كبيرة حول مدى اقتناع هيئة المحلفين بأن قضية مولر قضية جنائية، وليست سياسية، علمًا بأن اعتراض عضو واحد في هذه الهيئة على أي قرار يدين مدير حملة ترمب كفيل بقلب الأمور رأسًا على عقب، وتوجيه ضربة قاسية إلى فريق التحقيق في مقابل انتصار موقت لفريق الدفاع.
سقوط الخطوط الحمراء
في السياق نفسه، أسقط ترمب الخطوط الحمراء مع مولر، عازمًا الذهاب في المواجهة إلى النهاية، فالفريق القانوني للرئيس الأميركي توصل إلى قناعة مفادها أن باستطاعة مولر توجيه مذكرة استدعاء إلى الرئيس في حال عدم التوصل إلى اتفاق حول إجراء المقابلة المنتظرة، ولكن بإمكان ترمب رفضها أيضًا.
الفصل للمحكمة العليا
السيناريو هذا ينقل الصراع إلى المحكمة العليا، التي ستكون مولجة بالفصل في هذه القضية، ويعوّل الرئيس الأميركي على تثبيت مجلس الشيوخ تعيين مرشحه لعضوية المحكمة العليا، بريت كافانوه، كي يضمن رجحان الكفة لمصلحة الجمهوريين المحافظين في المحكمة، وبالتالي يصب القرار الصادر منها في مصلحته.
سيناريو العزل
ويمسك روبرت مولر أيضًا بورقة مرتبطة بشكل أساسي بالانتخابات النصفية في حال كانت نواياه تهدف إلى إشعال النيران من كل جانب حول البيت الأبيض، ولكن عليه انتظار ما سيسفر عنه يوم السادس من نوفمبر، فإذا استعاد الديمقراطيون السيطرة على مجلس النواب تصبح الطريق أسهل للضغط على ترمب والبدء بإجراءات عزله، إلا أن هذا الموضوع يتطلب أيضًا الحصول على أكثرية في مجلس الشيوخ، الذي تشير التوقعات إلى أن الجمهوريين لن يفقدوا السيطرة عليه، مما قد يعيد تكرار محاولة عزل بيل كلينتون الفاشلة في تسعينيات القرن الماضي.
وكان لافتًا ما كتبه، رئيس مجلس النواب السابق، نيوت غينغريتش، تعليقًا على مقابلة فريق التحقيق لمحامي البيت الأبيض، دونالد ماكغان، لثلاثين ساعة، حيث قال غينغريتش إن هذا الأمر يسقط عذر مولر لمقابلة ترمب، ففريق التحقيق حصل على الكثير من المعلومات حول تصرفات الرئيس، وعليه إقفال "المتجر" وكتابة تقريره النهائي.
خطأ مولر القاتل
واعتبر غينغريتش، الحليف الوثيق لترمب، أن "نيويورك تايمز"، وعبر تقريرها يوم السبت الفائت عن مقابلة فريق التحقيق لماكغان وتعاونه بشكل كامل، كشفت عن خطأ مولر الفادح، وسقوط تبريراته للحصول على مقابلة من الرئيس، أو توجيه أمر استدعاء له.
ثقة كبيرة بالبراءة
ونوّه رئيس مجلس النواب السابق بأداء ترمب، معتبرًا أنه واثق من براءته، لدرجة أنه سمح لفريق مولر باستجواب محامي البيت الأبيض لثلاثين ساعة، علمًا بأنه كان بمقدوره استخدام الامتياز التنفيذي لو أراد منع حصول هذه المقابلة.
&
&
&
التعليقات