تتكثف المفاوضات بين الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) من جهة وبين روسيا والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى مع زيارة مهمة لوفد أميركي للمنطقة للاتفاق على مستقبل إدلب، في حين قال مصدر سوري لـ"إيلاف" إن الحسم العسكري ليس وشيكًا نظرًا إلى التدخل الأميركي والاهتمام المفاجئ بسوريا.

إيلاف: توجه نحو تأجيل معركة إدلب.. هذا ما يمكن استخلاصه من مسار الأحداث أخيرًا، والاهتمام الأميركي المفاجئ بالشأن السوري، كما أكد لـ"إيلاف" مصدر سوري مطلع عن كثب على ما يجري.

واشنطن تمنع انهيار النصرة
لكن المصدر اعتبر أن تأجيل معركة إدلب ليس بسبب طلب تركي مِن النظام السوري عبر روسيا، كما تم الكشف أخيرًا، وليس لمنع كارثة إنسانية وحفظ دماء ما يقارب من ثلاثة ملايين سوري متواجدين هناك، بل اعتبر أن "التأجيل مرتبط بتدخل أميركي مباشر لجهة عدم إنهاء جبهة النصرة".

أشار المصدر إلى مفاجاة أميركية، وإلى أن "واشنطن لم تتوقع أن تعلن تركيا هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) إرهابية، وأن تسمح بمعركة إدلب بعد فشل المفاوضات بين الطرفين لحل الهيئة نفسها، لكن عندما غضت أنقرة الطرف عمّا يحدث، وتوافقت مع روسيا، استوجب الأمر تحركًا أميركيًا عاجلًا لتجميد القتال، ووضع الخطوط الحمراء الأميركية مجددًا، خاصة أن وزير الخارجية وليد المعلم زار روسيا، وقال إن دمشق، التي تريد استعجال معركة إدلب، "لا تتطلع إلى مواجهة مع تركيا، لكن على الأخيرة أن تفهم أن إدلب محافظة سورية، "وكان أمر المعركة يبدو بحكم المنتهي والمحسوم".

وتبنى المصدر التصريحات الروسية بأن من يحرّك النصرة هي الولايات المتحدة، وقد وضعت لتحركاتها أكثر من سيناريو ومخطط. وأفاد أن "النصرة" لم تخض&معارك حقيقية، بل كانت دائمًا مرتبطة بكلمة السر الأميركية، مدللًا على ذلك بانسحابها، كما حدث في الجنوب.

خطة لإخراج إيران
ربط المصدر بين زيارة المسؤولين الأميركيين إلى المنطقة وتأجيل المعركة. هذا وكان متوقعًا أن يراجع الوفد الأميركي في تل أبيب الشأن السوري عمومًا ونتائج التفاهمات الروسية – الإسرائيلية – الأميركية، بعد سيطرة النظام السوري على الجنوب والجنوب الغربي، مقابل إخراج إيران وميليشياتها وعودة "القوات الدولية لفك الاشتباك (أندوف) إلى العمل في الجولان، بالتزامن مع مفاوضات تجري بين واشنطن وموسكو لتقليص وجود إيران في شرق سوريا، بعدما انسحبت جزئيًا من جنوبها.

اتهمت موسكو واشنطن مرارًا بأنها لم تتعامل مع مهمة فصل المعارضة المعتدلة عن الجماعات الإرهابية في سوريا. وكشف سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي في نهاية العام الماضي أن موسكو تجري اتصالات مع واشنطن لاستيضاح السبب عن السماح بخروج الإرهابيين من سوريا والعراق عمدًا.

نوايا أميركية لما بعد الإرهاب
وقال لافروف إن واشنطن تسعى إلى حماية "النصرة" لاستخدامها في ما بعد. وتوقع في مؤتمرات صحافية أن نوايا أميركية في سوريا ستظهر بعد القضاء على الاٍرهاب نهائيًا. كما صرح وزير الخارجية الروسي أخيرًا بأنه تم في سوريا القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية بشكل كامل تقريبًا، مشيرًا إلى أن المهمة الرئيسة اليوم في سوريا هي القضاء على "جبهة النصرة".

وأكد لافروف أن موسكو وأنقرة تتحاوران، وأن الوضع في إدلب يعد اليوم أصعب بكثير من الأوضاع في مناطق خفض التصعيد الأخرى، بسبب جبهة النصرة. هذا وصرح الوزير الروسي أيضًا خلال أكثر من اجتماع ومناسبة بأن موسكو تلاحظ رغبة واشنطن في عرقلة المحادثات حول سوريا بصيغة أستانة، معبّرًا عن اعتقاده بأن أسباب فرض عقوبات على روسيا وتركيا وإيران قد تهدف إلى التأثير على نتائج محادثات أستانة تحديدًا.

فرصة أخيرة
إلى ذلك كانت وسائل إعلام نقلت عن مصدر عسكري تابع للنظام أن السلطات التركية طلبت من القيادة السورية عبر الجانب الروسي التمهل حتى الرابع من شهر سبتمبر المقبل، قبل إطلاق الجيش السوري عمليته العسكرية المرتقبة في إدلب، وتحدث عن حشود كبيرة.

أشار المصدر إلى أن الطلب التركي تضمن إعطاء مهلة أخيرة لتركيا لمدة 10 أيام، على أن تسعى أنقرة خلالها إلى إقناع "هيئة تحرير الشام" بحل نفسها.

وقال المصدر إن "الجانب الروسي نقل الرغبة التركية المشفوعة بتعهد للقيام بمحاولة إقناع جبهة النصرة وحلفائها بحل أنفسهم أو الوصول إلى أي حل سياسي مع الحكومة السورية". فيما استمرت الحشود التي ترسلها القوات السورية إلى تلك المناطق، وإلى جبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي.
&