القدس: يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الخميس المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل خلال زيارة يتوقع أن تطغى فيها العلاقة الخاصة بين البلدين على الخلافات الكبيرة حول عدد من الموضوعات الأساسية، في طليعتها إيران والنزاع مع الفلسطينيين.

وصلت ميركل مساء الأربعاء إلى إسرائيل بعد أسبوع على اتهام نتانياهو الأوروبيين بالتساهل حيال إيران، آخذًا عليهم جهودهم لإنقاذ الاتفاق النووي الموقع مع طهران بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.

وقال نتانياهو "ألم يتعلم هؤلاء القادة الأوروبيون شيئًا من التاريخ؟، هل سيستيقظون يومًا في نهاية المطاف؟"، في إشارة إلى الموقف الأوروبي في مواجهة صعود النازية. ويشيد نتانياهو باستمرار بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، فيما تدافع ميركل عن الوثيقة، ولو أنها تقر بأنها ليست كاملة.

من الموضوعات الكبرى التي يختلف عليها البلدان منذ زمن أيضًا سياسة حكومة نتانياهو تجاه الفلسطينيين ومواصلة حركة الاستيطان. إلا أن زيارة ميركل بحد ذاتها دليل على حرص برلين على الحفاظ على "العلاقة الخاصة" القائمة بحسب التعبير الألماني بين البلدين بعد المحرقة التي أودت بستة ملايين يهودي.

عرفت هذه العلاقة أزمة مفتوحة عام 2017 حين ألغى نتانياهو لقاء مع وزير الخارجية الألماني آنذاك سيغمار غابريال بعدما حرص الأخير على لقاء منظمات غير حكومية تنتقد الحكومة الإسرائيلية بشدة.

وضع معقد
كذلك ألغت برلين مشاورات حكومية سنوية، بذريعة رسمية تتعلق بجدول الأعمال، لكن الاعتقاد السائد أن القرار الألماني كان نتيجة تبني إسرائيل قانونًا يسمح بتوسيع الاستيطان من خلال السماح لها بتملك أراض فلسطينية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، واستياء ألماني حيال موقف الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.

ومن المقرر استئناف هذه المشاورات المعتمدة منذ عشر سنوات خلال زيارة ميركل، وقد تناولت العشاء مع نتانياهو مساء الأربعاء على أن تلتقيه مجددًا الخميس.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية راينر برويل إن "خوضنا مشاورات حكومية يشارك فيها العديد من الوزراء يثبت إلى أي حد العلاقات مع دولة إسرائيل متعددة الأشكال ووثيقة وجيدة".

وبالرغم من دخول عقوبات أعادت واشنطن فرضها على طهران حيز التنفيذ قريبًا والوضع المقلق في قطاع غزة، ستتركز المحادثات الألمانية الإسرائيلية بشكل أساسي بحسب برلين على الاقتصاد والابتكار والتكنولوجيا وتوطيد العلاقات ومكافحة معاداة السامية.

وقالت ميركل في تدوينها الصوتي الأسبوعي على الإنترنت "سنتحدث أيضًا بالطبع عن الوضع السياسي المعقد"، ووعدت بالتطرق إلى النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مؤكدة تمسك ألمانيا بحل الدولتين.

ومن غير المتوقع أن تزور الأراضي الفلسطينية. ونادرًا ما كانت آفاق تسوية النزاع قاتمة كما هي عليه اليوم، فيما لا يزال الأطراف ينتظرون مبادرة أميركية وعد بها ترمب، غير أنها لم تتجسد منذ أشهر.

ويبدو أن مصير قرية خان الأحمر البدوية التي اتخذت إسرائيل قرارًا بهدمها، وهي تستقطب اهتمام الأوروبيين والألمان، بات معلقًا بالرغم من تحديد إسرائيل مهلة انتهت الاثنين لسكانها من أجل هدم "كل المباني" فيها بأنفسهم، متوعدة بالقيام بذلك بعد هذا الموعد إذا لم يتم تنفيذ أمرها.

إذعان
فإن أقدمت إسرائيل على هدم هذه القرية الواقعة في الضفة الغربية المحتلة قبيل أو خلال زيارة ميركل، قد يتحول الأمر إلى حادث دبلوماسي على ضوء قلق الأوروبيين حيال الرسالة التي ستوجّهها القضية على صعيد معاملة الأقليات والاستيطان وإمكانية قيام دولة فلسطينية تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل.

يعوّل سكان خان الأحمر على تدخل ميركل، وتظاهر أطفال القرية الأربعاء أمام الممثلية الألمانية في الضفة الغربية. لكن لا يعرف ما إذا كان نتانياهو الذي ينتقده بعض خصومه، آخذين عليه وقوفه المطلق في صف ترمب، سيكترث لأي تدخل ألماني.

ويتوقع سفير إسرائيل السابق في ألمانيا يورام بن زائيف أن تقتصر مساعي ميركل على الحد الأدنى بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وقال "أعتقد أنها فقدت الأمل في إمكانية تحريك الوضع في الوقت الحاضر"، فيما تحدثت صحيفة "برلينر تسايتونغ" الألمانية عن "إذعان ميركل إلى حد ما" حيال نتانياهو.

ووجه رئيس الوزراء في الآونة الأخيرة انتقادات لاذعة إلى الاتحاد الأوروبي، معلنًا تقاربًا في وجهات النظر مع حكومات يمينية تنتقد علنًا سياسات الاتحاد الأوروبي، رغم أن بلدانها أعضاء فيه، مثل المجر وبولندا والنمسا، ولو واجه اتهامات بالتغاضي عن شبهات بمعادات السامية تحوم حول بعض هذه الحكومات.

ستكون معاداة السامية مدرجة على جدول أعمال محادثات ميركل، في ظل المخاوف من عودة هذا التيار إلى الظهور في المانيا. وفي هذا السياق، تصطحب ميركل معها العضو في حكومتها فيليكس كلاين المكلف منذ مايو الفائت مكافحة معاداة السامية.
&