أطاح مثقفون عراقيون بوزير الثقافة بعد ساعات قليلة من منحه الحقيبة الوزارية، بعدما هددوا بمقاطعة الحكومة المقبلة برئاسة عادل عبد المهدي، والتي منحها البرلمان الثقة.

إيلاف من بغداد: ما أن حملت التسريبات أن وزير الثقافة في التشكيلة الحكومية الجديدة من خارج الوسط الثقافي وغير معروف بالنسبة إلى المثقفين العراقيين على اختلاف تسمياتهم، حتى تسابق الأدباء والفنانون وسواهم إلى رفضه والاحتجاج بأصوات عالية مع التهديد بمقاطعة الحكومة ومجلس النواب.&

سحب الترشيح وإلا المقاطعة
وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعبير عن استغرابها من أن تمنح وزارة الثقافة إلى شخص لا علاقة له بالثقافة، ووصفوا الحكومة بأنها لا تحترم الثقافة، ولا توليها أي اهتمام، مؤكدين تنديدهم بمنهج الحكومة المشابه لمنهج الحكومات السابقة التي قدمت وزراء ثقافة سيئين، وجاءت الأصوات تحت كلمة (رافضون) ليكون لها دوي في قاعة مجلس النواب، مما اضطر الحكومة لسحب تسميته، وإعلان ترشيح آخر حتى إشعار آخر.

فقد طالب الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق البرلمان العراقي بعدم التصويت على مرشح وزارة الثقافة حسن طعمة كزار الربيعي. وقال إبراهيم الخياط: "إننا في اتحاد الأدباء نرفض رفضًا قاطعًا تداول اسم وزير الثقافة الجديد، وقد أبلغنا رئاسة البرلمان أننا مقاطعون لوزارة الثقافة في حال مرُر المرشح الحالي". أضاف: "نطلب من الكتل السياسية أن ترشح شخصية ثقافية أو فنية معروفة لموقع وزارة الثقافة".

إلى ذلك هدد اتحاد الأدباء ونقابة الفنانين في بيان مشترك بمقاطعة وزارة الثقافة، ورئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي، إذا مرر مرشح للوزارة غير معروف.

"الثقافة" للمثقفين
وقال المتحدث باسم اتحاد الأدباء عمر السراي إن "اتحاد أدباء العراق ونقابة الفنانين العراقيين يقاطعان وزارة الثقافة والحكومة المقبلة ورئيسها وحتى البرلمان، إذا تم تمرير مرشح وزير للثقافة، لا يعرفه المشهد الثقافي العراقي".

من جانبه أيّد الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي مطالب المثقفين. وقال: "هنالك وزارات مهمة، ولها خصوصية كوزارة الثقافة، ينبغي أن يعتني بها رئيس الوزراء بشكل جيد، مع الإشارة إلى أن الوسط الثقافي لم يكن راضيًا عن أحداث يوم أمس المتعلقة بالوزارة وتقديم المرشحين لها، لذا لا بد من أخذ ذلك بعين الاعتبار في الأيام المقبلة، خصوصا وأن جانب الثقافة يحتل جزءًا من برنامجه الحكومي.

وفي الوقت الذي جددت فيه الكاتبة عالية طالب رفضها لأي وزير من خارج الوسط الثقافي، عبّرت عن تهنئتها للمثقفين المعبّرين عن رفضهم للوزير الجديد. وقالت: "المثقفون يسقطون وزيرًا طارئًا.. انتصرت إرادة اتحاد الأدباء ونقابة الفنانين، واستبعد البرلمان المرشح المجهول والجاهل لوزارة الثقافة". أضافت "شعارنا دومًا: وزارة الثقافة للمثقفين".

لسنا عبيدًا
أما الروائي شوقي كريم حسن، فقد استغرب أن يكلف شخص لا علاقة له بالثقافة بشؤون الثقافة، وقال: "ليس من الصحيح أن تعطى الوزارة إلى غير أهلها، خاصة أن في العراق شخصيات على مستوى رائع من الثقافة".

أضاف: بعثت رسالة مختصرة إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قلت فيها إن الثقافة ليست سقط المتاع أو ليست كما يقول المثل الشعبي العراقي (حايط نصيص) وبإمكان أي شخص أن يصعده، لذلك لا نريد أيًا كان تأتون به ليكون وزيرًا!".

من جهته أكد الكاتب علي حسين أن نظرة السياسي للمثقفين على أنهم عبيد إحساناتهم مرفوضة، وقال: "الحكومة قررت في صحوة "مفاجئة" أن تُكرّم الثقافة والمثقفين، ولهذا كان لا بد أن تضع لهم وزيرًا كلّ مؤهلاته أنه ناشط في مجال حقوق الإنسان، وكأننا نقول لكل المثقفين العراقيين ومعهم ملايين الشباب من العراقيين إنكم لاتستحقون وزيرًا تختارونه بأنفسكم".

أضاف: "للأسف كلّ القوى السياسية، من دون استثناء، تنظر إلى المثقفين، كمجموعة من عبيد إحساناتهم، بل أدنى من ذلك. فالمثقف كائن غريب، لا يحق له الاعتراض. والمثقفون في نظر القوى السياسية مجرد مجموعات من الأسرى والتابعين، مطيعين ومستجيبين ومنفّذين لكلّ ما يطلب منهم".

وتابع: "للأسف سياسيونا يضعون أصابعهم في آذانهم حين تعلو أصوات المثقفين مطالبة بالاهتمام بالثقافة، لأنّ وحوش المحسوبية والبيروقراطية والمحاصصة الطائفية دائمًا ما تجهض أحلام العراقيين".

&
&