كشف تقرير جديد لليونسكو عن عدم إحراز تقدّم كافٍ من أجل دمج الأطفال المهاجرين واللاجئين في نظم التعليم الوطنية عدد الطلاب اللاجئين والمهاجرين في العالم كفيل اليوم بملء نصف مليون قاعة دراسية

باريس: أصدرت اليونسكو التقرير العالمي لرصد التعليم لعام 2019 المعني بمسائل "الهجرة والنزوح والتعليم" إبان حفل رسميّ نُظّم في برلين بتاريخ ٢٠ تشرين الثاني/نوفمبر بحضور المديرة العامة لليونسكو، السيدة أودري أزولاي. ويبيّن التقرير الجديد أن عدد الأطفال المهاجرين واللاجئين في سن الدراسة في العالم اليوم قد ازداد بنسبة 26% منذ عام 2000، وأنّه يمكن استيعاب هذا العدد اليوم في نصف مليون قاعة دراسية.

ويسلط التقرير الضوء على إنجازات العديد من البلدان وأوجه العجز فيها بشأن الجهود الرامية لضمان حق الأطفال المهاجرين واللاجئين بالانتفاع بتعليم جيّد، كون هذا الحق لا يصب في صالح المتعلمين وحدهم بل كذلك في خير المجتمعات التي تستضيفهم.

وقال التقرير إنه حق هؤلاء الأطفال حظي في الحصول على تعليم جيّد باعتراف متزايد في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، إلا أنّ القاعات الدراسية وأفنية المدارس لا تزال محفوفة بتحديات يومية تعترض طريقه، ناهيك عن أن بعض الحكومات لا تزال تنكره تماماً. وقد فوّت الأطفال اللاجئون 1,5 مليار يوم دراسي في العامين اللذين انقضيا بعد اعتماد إعلان نيويورك من أجل اللاجئين والمهاجرين في عام 2016.

وتابع التقرير: "ولكن لا يمكن نكران التقدّم الذي تحرزه بعض البلدان فيما يتعلق بدمج اللاجئين والمهاجرين في نظم التعليم الوطنية، كما هو الحال في ثمانية من البلدان العشرة الرئيسية المضيفة للاجئين. وكانت بعض البلدان ذات الدخل المنخفض في مقدمة البلدان التي فتحت أبواب مؤسساتها التعليمية أمام اللاجئين، ومنها مثلاً: تشاد، وإثيوبيا، وأوغندا. &وتعدّ كندا وأيرلندا من البلدان الرائدة في إطار انتهاج سياسات تعليمية شاملة لصالح المهاجرين على مستوى العالم".

وقالت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، في هذا السياق: "يُلحق تجاهل تعليم المهاجرين الخسائر بالجميع. فإن التعليم هو العامل الرئيسي في تحقيق الاندماج والتلاحم. وإنّ زيادة التنوع في القاعات الدراسية، بالرغم من أنها تضع المعلمين أمام مزيد من التحديات، تسهم في التحفيز على احترام التنوع، وتقدّم فرصة للتعلم من الآخرين. فالتعليم هو أفضل السبل لجعل المجتمعات أقوى وأكثر مرونة وقدرة على الصمود في وجه الظروف."

اللاجئون:&

لا يتجاوز عمر نصف الأشخاص المشردين قسراً في العالم اليوم سن الـ 18. ومع ذلك، فإن العديد من البلدان لا تأخذ هذه الفئة في الاعتبار في إطار نظمها التعليمية. فإن الأطفال طالبي اللجوء والمحتجزين في بلدان مثل أستراليا وهنغاريا وإندونيسيا وماليزيا والمكسيك، محرومون من التعليم، إذ تكون فرصهم بالتعلم معدومة أو محدودة للغاية. وإن اللاجئين من جماعة الروهينغيا في بنغلاديش واللاجئين البورونديين في جمهورية تنزانيا المتحدة، ولاجئي كارين في تايلند والعديد من اللاجئين الأفغان في باكستان لا يحصلون على التعليم مع الآخرين، إذ تقدم لهم الفرص التعليمية على نحو منفصل في نظم تعليمية غير نظامية تقوم على المجتمعات المحلية أو المدارس الخاصة، التي قد تكون غير متعمدة في بعض الأحيان. وتهمل بعض البلدان المضيفة أحياناً تعليم اللغة للاجئين، بيد أنهم يحتاجونها من أجل تحقيق الإدماج الاجتماعي والحصول على فرص عمل جيدة.

وتحرص كينيا، على سبيل المثال، على انتفاع اللاجئين بالمناهج التعليمية الوطنية، ولكنها لم تصل لمرحلة دمجهم على نحو كامل في نظامها التعليمي الوطني كونهم يعيشون في مخيمات تحول دون تفاعلهم مع أقرانهم من أبناء البلد. ويستضيف لبنان والأردن أكبر حصة من اللاجئين بالنسبة لعدد سكانهما، وفي ظل شحّ الموارد اللازمة لبناء مزيد من المدارس، فقد عمدا، سعياً للتأقلم مع هذه الظروف الراهنة، إلي إيجاد نظام دوامين صباحيّ ومسائيّ بحيث يتناوب أبناء البلد وأطفال اللاجئين على الدوام في المدارس، ولكن هذا النظام يحدّ للأسف من فرص التفاعل بين المجموعتين.

ويشيد التقرير أيضاً بالاستثمارات الكبيرة التي قامت بها بلدان مثل رواندا وجمهورية إيران الإسلامية لضمان التحاق اللاجئين بالمدارس جنباً إلى جنب مع أبناء البلد. وتعهدت تركيا بدورها بدمج جميع اللاجئين في نظامها التعليمي الوطني بحلول العام 2020، وسارت على خطاها سبعة بلدان أخرى في شرق أفريقيا. أما أوغندا، فقد وفت بالفعل بهذا الوعد.

ولكن تبقى جميع الجهود المبذولة من أجل إدراج اللاجئين عقيمة في ظل عدم وجود عدد كاف من المعلمين المدربين. ففي لبنان، على سبيل المثال، -حسبما تقول اليونسكو- حصل 55% فقط من المعلمين والموظفين في مجال التعليم على تدريب متخصص لتلبية احتياجات المتعلمين المشردين في العامين الماضيين. إلا أن توفير التعليم الجيد لجميع اللاجئين يتطلب توظيف 42 ألف معلم جديد في ألمانيا، و80 ألف معلم جديد في تركيا، و7 آلاف معلم جديد في أوغندا.&

وتستضيف البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط 89% من اللاجئين ولكنها تفتقر إلى التمويل اللازم للتكيف مع هذه الظروف. ولا بدّ للجهات المانحة من زيادة التمويل الذي تخصصه لتعليم اللاجئين بمقدار ثلاثة أضعاف، وضمان تقديم الدعم على المدى البعيد.

المهاجرون:

ازدادت نسبة الطلاب المنحدرين من أصول مهاجرة في البلدان المرتفعة الدخل من 15% إلى 18% بين عامي 2005 و 2017. ويصل عددهم اليوم إلى 36 مليون طالب وطالبة، أي ما يعادل عدد السكان في سن الدراسة في أوروبا. وإذا استمر عدد الطلاب المهاجرين بالتزايد على هذا النحو، يمكن أن تصل هذه النسبة إلى 22 % بحلول عام 2030. ويجب التنويه إلى أنّ الأطفال المهاجرين لا يحصلون على فرص عادلة لتحقيق النجاح. فقد بلغت نسبة الطلاب الوافدين الذين يخرجون من المدرسة في سن مبكرة ضعفي نسبة الطلاب من أبناء البلد في الاتحاد الأوروبي في عام 2017. وكان احتمال إتقان الطلاب المهاجرين من الجيل الأول في بلدان ‏منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (OECD) لمهارات القراءة والكتابة والحساب أقل بنسبة 32 % مقارنة بأقرانهم من أبناء البلد في عام 2015.

ويقول مدير فريق إعداد التقرير العالمي لرصد التعليم، السيد مانوس أنتونينيز: "لا يجب على البلدان أن تعتقد أن المسألة قد حسمت بمجرد التحاق المهاجرين بالمدارس. فإنّ مسألة الالتحاق بالمدارس ليست سوى شكلاً واحداً من الأشكال المتعددة لاستبعاد هؤلاء الطلاب. إذ يحصلون على التعليم على نحو أبطأ من غيرهم، وينتهي بهم المطاف في مؤسسات تعليمية تفتقر للموارد اللازمة في أحياء منكوبة. لكن معظم البلدان اليوم تعد طرفاً في اتفاقيتين عالميتين بشأن اللاجئين والمهاجرين، الأمر الذي ينطوي على العديد من التزامات الرئيسية بشأن التعليم. ويمكن أن تكون هذه هي مرحلة التحول التي لطالما انتظرناها."

وتحرص كندا، بدورها وهي الدولة التي تستضيف أكبر نسبة من المهاجرين من بين أغنى البلدان الصناعية السبعة، على تثقيف الأطفال بشأن مسألة الهجرة، وذلك ابتداءً من الصف الثاني، وقد دعمت مبدأ التعددية الثقافية في دستورها. أما أيرلندا، التي تمتلك أعلى نسبة من مهاجرين الجيل الأول في الاتحاد الأوروبي، فقد نجحت في تمويل استراتيجية تعليمية متعددة الثقافات رغم مرورها بأزمة مالية خانقة.

ويخلُص التقرير في نهاية المطاف إلى مجموعة من التوصيات، هي:&

1. & &حماية حق المهاجرين والنازحين في التعليم

2. & &إدماج المهاجرين والنازحين في نظام التعليم الوطني

3. & &فهم الاحتياجات التعليمية للمهاجرين والنازحين والتخطيط لها

4. & &إدراج تاريخ الهجرة والنزوح في التعليم بدقة لتحدي الأحكام المسبقة&

5. & &إعداد مدرّسي المهاجرين واللاجئين لمعالجة التنوع والمشقة&

6. & &تسخير قدرات المهاجرين والنازحين&

7. & &دعم احتياجات تعليم المهاجرين والنازحين في المعونة الإنسانية والإنمائية&