بدأت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، إلى سلطنة عمان، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والاستماع إلى وجهة نظرها التي تتسم بالهدوء والتوازن. ويتوجه بعدها إلى الإمارات العربية المتحدة، يلتقي خلالها بولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: في إطار جولة خليجية، وفي أول زيارة لرئيس مصري منذ تسع سنوات، بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد زيارة رسمية إلى سلطنة عمان، يلتقي خلالها السلطان قابوس بن سعيد، وعدداً من كبار المسؤولين العُمانيين على مدار 3 أيام.
ومن المقرر أن يتوجه السيسي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، ويلتقي ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ويبحثا عدداً من الملفات السياسية والاقتصادية ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، السفير بسام راضي: "من المقرر أن تشهد زيارة إلى مسقط التباحث حول سُبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، وآخر مستجدات الأوضاع على صعيد القضايا العربية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
وأضاف في تصريحات له، أن الرئيس المصري "حريص على دفع وتدعيم العلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع بين الشعبين المصري والعماني، وتعزيز التشاور والتنسيق المستمرين بين البلدين بشأن مختلف القضايا الثنائية والإقليمية بما يصب في صالح الشعبين الشقيقين والأمة العربية بأسرها"، مشيرًا إلى أن "علاقات سياسية قوية تجمع بين مصر وسلطنة عمان، فضلاً عن التشاور والتنسيق المستمر بين البلدين في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية".
وحسب تصريحات مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد إسماعيل، فإن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سلطنة عمان، تهدف إلى تعزيز أواصر الأخوة والصداقة مع الشعب العماني، مشيرًا إلى أن زيارة الرئيس المصري للسلطنة كانت مقررة في شهر نوفمبر الماضي، لكن الحادث الإرهابي الذي وقع في شمال سيناء، وأسفر عن مقتل المئات أثناء أداء صلاة الجمعة في مسجد الروضة، أدى إلى تأجيل الزيارة.
وأضاف لـ"إيلاف" أن العلاقات المصرية العمانية تتسم بالعمق والتاريخية منذ قديم الأزل، منوهًا بأن هناك روابط شعبية وسياسية واقتصادية بين البلدين.
وأوضح أن السيسي سوف يبحث مع السلطان قابوس والمسؤولين العمانيين مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومنها الحرب على الإرهاب، والأزمة في اليمن، إضافة إلى الملف الاقتصادي.
وكشف أن السيسي يصطحب معه وفدًا سياسيًا واقتصاديًا رفيع المستوى، مشيرًا إلى أن الوفد يضم رجال أعمال، ووزراء المجموعة الاقتصادية.
ونبه إلى أن جدول السيسي المعلن يضم لقاءات مع عدد من رجال الأعمال والصناعة العمانيين، في إطار السعي لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، لاستكمال اجرءات تعزيز التعاون الاقتصادي، في إطار القمة الثنائية بين الشركات في مصر وعمان استضافتها القاهرة في مايو الماضي، وضمت 25 شركة مصدرة من كبرى الشركات التجارية بالسلطنة، و95 شركة مصرية مستوردة من كبرى الشركات الحكومية والخاصة.
وحسب تصريحات مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق ورئيس اتحاد المستثمرين العرب، السفير جمال بيومي، فإن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لعمان تأتي من منطلق حرصه علي دعم العلاقات مع الدول العربية الشقيقة.
وأضاف لـ"إيلاف" أن السياسة العمانية تتسم بالصوت الهادئ والمتفهم للقضايا، مشيرًا إلى مواقف عمان السياسية متوازنة.
ولفت إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين محدود، ولا يتجاوز 50مليون دولار، منوهًا بأن هناك 142 شركة مصرية تعمل في عمان بمجالات التجارة العامة والمقاولات والتمويل والأوراق المالية.
وذكر أن زيارة السيسي سوف تعمل على زيادة التبادل التجاري، مشيرًا إلى أن مسئولون عمانيون يتوقعون أن تحدث الزيارة تغيرات جذرية في العلاقات الاقتصادي بين القاهرة ومسقط.
وحسب تقرير الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، فإن سلطنة عمان تمثل حالة خاصة في الوجدان المصري على مر العصور منذ 3500 عام، حين كانت الملكة المصرية "حتشبسوت" ترسل أساطيلها التجارية إلى مدينة "ظفار" العمانية لتحمل بالسلع التي استخدمت في تعطير المعابد الفرعونية .
وأضاف التقرير الذي صدر بمناسبة زيارة السيسي إلى مسقط، أن موقف العمانيين من الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، حيث أعلن سلطان بن أحمد (1792-1804) استياءه من هذه الحملة، وأوقف المفاوضات الفرنسية العمانية التي تمهد لعقد معاهدة بين الدولتين، واعلن احتجاجه الرسمي على اعتداء فرنسا على دولة عربية مسلمة.
فيما اتسمت علاقة البلدين بقدر من الدفء في زمن سعيد بن سلطان ووالي مصر "محمد علي" باشا، وقد عبرت الرسائل التي بعث بها السيد سعيد بإعجابه بالبناء الحديث للدولة التي اقامها محمد علي في مصر، كما عبرت عن وجود رغبة لدى سعيد في اقامة علاقات أوثق مع والي مصر.
بينما أعلنت سلطنة عمان تأييدها لمصر خلال العدوان الثلاثي في عام 1956، فحين عرف العمانيون بأمر العدوان الثلاثي على مصر انفجرت مشاعر الغضب في كل أنحاء عمان، وعبر المئات من العمانيين عن استعدادهم للمشاركة في نضالها الوطني ضد المعتدين .
كما تذكر مصر العديد من المواقف المشرفة للسلطان قابوس حيث أطلق مبادرة تاريخية حينما أصدر مرسومًا أثناء حرب أكتوبر 1973 بالتبرع بربع رواتب الموظفين لدعم مصر مع إرسال بعثتين طبيتين عُمانيتين لمصر.
كما أن مواقف الدولتين من قضايا الصراع العربي الإسرائيلي، والتطورات التي لحقت بالقضية الفلسطينية، تظهر تطابق مواقف الدولتين، ويكفى الإشارة هنا إلى أن سلطنة عمان كانت إحدى الدول العربية التي احتفظت بعلاقتها بمصر في أعقاب زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للقدس عام 1977، وما ترتب على ذلك من توقيع اتفاقيات معاهدة كامب ديفيد، التي نجم عنها مقاطعة عربية شاملة لمصر.
التعليقات