روما: يتوجه الإيطاليون الاحد الى صناديق الاقتراع للتصويت وفق قانون انتخابي جديد جعل من الصعب التنبؤ بالنتيجة وزاد من فرص عدم نيل اي حزب للغالبية المطلقة.

وتبدو الانتخابات وكأنها سباق بين ثلاثة اطراف هي تحالف القوى اليمينية بقيادة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلوسكوني وحركة الخمس نجوم الشعبوية والحزب الديموقراطي من يسار الوسط.

اظهرت الاستطلاعات الاخيرة التي جرت قبل دخول وقف الحملات الانتخابية حيز التنفيذ ان تحالف برلوسكوني يتقدم الجميع بنسبة 37 %. لكن الاستطلاعات تنبأت ايضا بان هذا التحالف لن يتمكن من تحقيق الغالبية المطلوبة لتشكيل حكومة.

فبموجب قانون الانتخابات المعقد الذي تم تبنيه في العام الماضي فان ثلث المقاعد في مجلس النواب ستنتخب وفق النظام الاكثري اي فوز من يحقق اعلى عدد من الاصوات، بينما ينتخب الثلثان الباقيان وفق التمثيل النسبي.

يعزز القانون الجديد التحالفات ويحد من فرص احزاب، مثل حركة الخمس نجوم، التي استبعدت دخولها اي اتفاق بعد الانتخابات مع احزاب اخرى، الا انه ايضا يجعل من الصعب التنبؤ بالهوامش المطلوبة للوصول الى السلطة.

روبرتو داليمونتي الخبير في القوانين الانتخابية في جامعة لويس في روما قال ان على الحزب او التحالف الحصول على نسبة 40 % من الاصوات النسبية و70% من الاصوات الاكثرية للحصول على غالبية في المجلس المكون من 630 مقعدا.

وكتب في مقال صحافي "هذه الانتخابات مثل اليانصيب. كان الوضع كذلك سابقا، لكن ليس الى الحد الذي هو عليه اليوم". 

ومن اجل السيطرة على مجلس الشيوخ، المكون من 340 مقعدا، على الحزب او الائتلاف ان يحصل على 50% من التصويت الاكثري ومثله من التصويت النسبي. ويمتلك المجلسان النفوذ السياسي والسلطة نفسيهما لتبني وتعديل القوانين، الا انهما سيكونان منتخبان بطريقة مختلفة.

وليتمكن اي حزب من الوصول الى مجلس النواب عليه ان يفوز بنسبة 3% على الاقل من التصويت الوطني. اما الائتلاف فيجب ان يحصل على نسبة 10% منه، اضافة الى حصول كل حزب داخل الائتلاف على نسبة 3% على الاقل.

ويلعب الزعماء السياسيون في ايطاليا الشطرنج السياسي لمحاولة ايصال مرشحيهم الى البرلمان، وذلك عبر وضعهم على قوائم ترشيح متعددة في دوائر انتخابية مختلفة.

اذ يمكن للمرشحين ان يكونوا على قوائم في خمس دوائر انتخابية كحد اقصى للتصويت النسبي، لكن هذا لا يصح بالنسبة الى الصوت الاكثري، حيث يمكن للمرشح خوض المنافسة في دائرة واحدة.

وانتهت حملة الانتخابات التشريعية الإيطالية عند منتصف ليل الجمعة بعد آخر مهرجانات كبرى نظمت للشباب في روما وفلورنسا وميلانو وغيرها من المدن، وماراتون من المقابلات التلفزيونية لسيلفيو برلوسكوني.

توزع كبار القادة السياسيين على الساحات والمسارح والبرامج التلفزيونية سعيًا إلى إقناع الناخبين بعد حملة طبعتها تصريحات شديدة اللهجة، وهيمنت عليها المسائل المرتبطة بالهجرة والأمن.

إن كان القانون يلزم جميع المرشحين بالصمت اعتبارًا من منتصف ليل الجمعة، إلا أنه من المقرر أن يخرج برلوسكوني (81 عامًا) السبت في مدينة نابولي في "نزهة"، في وقت يطرح جنوب البلاد أكبر قدر من الغموض بالنسبة إلى نتائج التصويت.

ويدلي الإيطاليون بأصواتهم الأحد بموجب قانون انتخابي معقد يمزج ما بين النسبية والغالبية بدون أن يعطي أي ضمانة بإنتاج غالبية مستقرة في مجلسي البرلمان.

يشجّع هذا النظام المعقد الأحزاب والتشكيلات المتجذرة في المناطق الإيطالية، غير أنه قد لا يحسم النتائج بين الأطراف الثلاثة الكبرى المتنافسة، وهي تحالف اليمين واليمين المتطرف، وشعبويو حركة النجوم الخمس، وائتلاف وسط اليسار.

بعد ظهورهم العلني الأول والأخير معًا خلال كامل الحملة الخميس في روما، تفرّق قادة التحالف المتباين الأطراف الذي تتوقع استطلاعات الرأي الأخيرة أن يتصدر الانتخابات بحصوله على حوالى 37% من نوايا التصويت، ليدلي كل من جانبه بتصريحات.

وندد سيلفيو برلوسكوني زعيم حزب "فورزا إيطاليا" اليميني على إحدى شبكاته التلفزيونية بحركة النجوم الخمس المعادية لهيئات السلطة، فوصفها بأنها "طائفة مجنونة"، وأعلن عن "إعادة ترتيب كاملة للدولة الإيطالية".

من جهته، وجّه ماتيو سالفيني زعيم حزب "الرابطة" اليميني المتطرف من ميلانو سهامه إلى حركة النجوم الخمس، معتبرًا أن موقعها "مبالغ في تقديره" في استطلاعات الرأي، ووعد بشروط عمل أفضل لقوات حفظ الأمن.

خلافات وخصومات داخلية
ينص برنامج الإئتلاف المشترك على تخفيضات ضريبية كبرى وسياسة في غاية الحزم حيال المهاجرين، لكن القادة السياسيين لا يخفون خصوماتهم الداخلية والخلافات في الآراء بينهم، ولا سيما في ما يتعلق بمسالة أوروبا.

وأعلن برلوسكوني مساء الخميس أن الرئيس الحالي للبرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني، الذي كان من أوائل مؤيديه، سيعيّن رئيسًا للحكومة في حال فوز الائتلاف في الانتخابات، في حين أن سالفيني يطالب بهذا المنصب لنفسه، مؤكدًا أن حزب الرابطة سيتقدم على فورزا إيطاليا. غير أن الائتلاف لا يمكنه إطلاقًا أن يضمن حصوله على الغالبية المطلقة في البرلمان.

كذلك الأمر بالنسبة إلى حركة النجوم الخمس ، التي يتوقع أن تخرج من الانتخابات في موقع الحزب الأول في إيطاليا، ولكن خارج أي ائتلاف. واختتمت الحركة التي أسسها الممثل الهزلي بيبي غريلو عام 2009، والتي حققت مفاجأة كبرى في انتخابات 2013 بحصولها على ربع الأصوات، حملتها بتجمع كبير مساء الجمعة في روما.

وأكد مرشح الحركة الشاب لرئاسة الحكومة لويجي دي مايو مخاطبًا آلاف المؤيدين، ولو أن الحشود الجمعة كانت أقل حجمًا مما كان متوقعًا، أن "وسط اليسار بات خارج المعركة. هذا المساء نشهد نهاية حقبة المعارضة، وبداية حقبة الحكم" لحركته.

من جانبه، قال غريلو "تمكنا من القضاء على كل الأحزاب. الحزب الوحيد الموجود اليوم في إيطاليا هو حزبنا"، مضيفًا "خصومنا هم الحماقة والغدر والغش". وقال ثلاثيني من سكان روما يدعى ماركو بيتشي لوكالة فرانس برس "توقفت عن التصويت منذ وقت طويل، ثم بدأت أتابع الحركة عند بداياتها. أعطوني دافعًا، أملًا لأذهب وأدلي بصوتي من جديد وأؤمن بهذا البلد".

تحالف من "المتطرفين"
عرض لويجي دي مايو الخميس فريقا من 17 وزيرا، معظمهم خبراء من المجتمع المدني، يعتزم تكليفهم في حال فوز الحركة في الانتخابات الأحد.

من جهته، عمد ائتلاف وسط اليسار بقيادة الحزب الديموقراطي الحاكم، والذي تتوقع استطلاعات الرأي أن يحل في المرتبة الثالثة مع 27% من نوايا التصويت، إلى تنظيم مهرجانات انتخابية في جميع أنحاء إيطاليا. ودعا زعيم الحزب الديموقراطي ماتيو رنزي ناشطي حزبه إلى قاعة كبيرة على ضفاف نهر أرنو الذي يعبر فلورنسا، المدينة التي كان رئيس بلدية لها بين 2009 و2014.

اعلن مخاطبًا جمهورًا مؤيدا للحزب إنما ليس على الدوام لزعيمه "أقولها لناخبي اليسار الراديكالي وكذلك للمعتدلين: وحده التصويت للحزب الديموقراطي يضمن عدم ترك البلاد بأيدي ماتيو سالفيني"، محذرا من قيام تحالف "متطرفين" بعد الانتخابات بين الرابطة وحركة النجوم الخمس.

وأكدت كيارا سيردوني المتقاعدة السبعينية من السكك الحديد الإيطالية ردا على أسئلة وكالة فرانس برس "الحزب الديموقراطي هو القوة السياسية الوحيدة الجدية التي بإمكانها تحقيق نتائج ملموسة".

في المقابل، قالت فرانشيسكا روسي (32 عاما) إن ماتيو رنزي "لم يكن يجدر به ترك يسار (الحزب الديموقراطي) يغادر" وقد شكل حركة منشقة هي "ليبيري إي أوغوالي" (أحرار ومتساوون) تحظى بحوالى 6% من نوايا التصويت في استطلاعات الرأي".