مونتريال: اضطر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، في الدقيقة الأخيرة، الى تعديل جدول زمني يتضمن مواعيد دولية مكثفة، للانصراف الى حل ازمة سياسية متصلة بالنفط الذي تعتبر بلاده أحد كبار منتجيه.

وسيضطر للعودة الاحد الى اوتاوا بين قمة الاميركتين التي تنتهي السبت في بيرو وجولة في فرنسا وبريطانيا تبدأ الاثنين.

وقد نجمت هذه الازمة عن زيادة الطاقة الاستيعابية ثلاث مرات لانبوب نفطي يمتد من ولاية الرمال النفطية في ولاية البرتا الى مرفا فانكوفر على المحيط الهادئ.

الا ان المتعهد الاميركي للمشروع يهدد بالانسحاب بسبب المعارضة الحادة لمقاطعة كولومبيا البريطانية، كبرى مدنها فانكوفر.

وهذه ضربة موجعة لرئيس الوزراء المتمسك بانبوب "ترانس ماونتن" الذي من المتوقع ان ينقل 890 الف برميل يوميا بدلا من 300 الف حاليا.

والمشروع البالغة تكلفته 7،4 مليارات دولار كندي (4،8 مليارات يورو) وتنفذه مجموعة كيندر مورغن الاميركية، هو في الوقت الراهن الوحيد القادر على المدى القصير، ان يتيح للصناعة النفطية في البرتا، ثالث احتياط للنفط في العالم، بيع انتاجها المتزايد، فيما تعمل شبكة الانابيب الكندية بأقصى طاقتها.

لذا، فإن مقاطعة كولومبيا البريطانية التي من المفترض تحميل النفط في مرفئها على متن سفن لنقله الى آسيا، تعارض المشروع بشدة وتنوي من جديد رفع القضية امام القضاء، يؤازرها تحالف من خبراء البيئة ومجموعات من السكان الاصليين.

وفي المقابل، تهدد البرتا هذه المقاطعة المجاورة بتدابير اقتصادية انتقامية "عدائية".

وسيستقبل ترودو الأحد في اوتاوا رئيسي وزراء المقاطعتين "لمناقشة المراحل المقبلة لدفع مشروع الأنبوب"، كما غرد المتحدث باسمه كاميرون أحمد في تويتر.

وقد علقت مجموعة كيندر مورغن التي تتخوف من تأخير جديد في المشروع الذي اقر عام 2016، اعمال التوسيع مطالبة ب"الوضوح" على صعيد الاحداث اللاحقة، وخصوصا "حول امكانية القيام بأعمال في كولومبيا البريطانية".

وأمهلت المجموعة الاميركية نفسها حتى 31 مايو للاتفاق مع "مختلف الأطراف" في هذا الملف و"السماح للمشروع بالمضي قدما".

قطع النفط؟

وقد أثار رفض كولومبيا البريطانية التي تتخوف من ان يؤدي حادث الى تلويث سواحلها غضب حكومة البرتا التي تعتمد على استغلال النفط وتفتقر الى الانابيب لارسال انتاجها الذي يشهد ازديادا مطردا.

وتسعى الصناعة النفطية الكندية الى بناء انابيب جديدة، خصوصا في اتجاه المقاطعات الشرقية (اونتاريو وكيبك والمقاطعات البحرية). واذا لم يتحقق ذلك، تجد كندا، سابع منتج للنفط في العالم من خلال 3،9 ملايين برميل يوميا، نفسها مضطرة الى ان تستورد من الخارج 670 الف برميل يوميا لتأمين الخدمات لهذه المناطق، كما كشف هذا الاسبوع المكتب الوطني للطاقة.

وبعدما قاطعت هذا الشتاء نبيذ كولومبيا البريطانية وتوقفت عن شراء الكهرباء منها، هددت ولاية البرتا بأن تقدم الاثنين مشروع قانون لوقف شحناتها من البنزين.

ولأن الحكومة الاتحادية هي المخولة وحدها السماح بتشييد انبوب بين المقاطعتين، دعا ترودو كولومبيا البريطانية الى "وقف عرقلتها" هذا "المشروع الذي ينطوي على منفعة وطنية".

وتنوي اوتاوا والبرتا ايضا المشاركة في الانبوب لطمأنة المستثمرين في كيندر مورغن.

وبعدما رفض قبل سنة ونصف السنة انبوبا آخر كان من شأنه ان يربط البرتا بساحل كولومبيا البريطانية، يدافع ترودو هذه المرة عن توسيع ترانس ماونتن ويؤكد ان الاقتصاد وحماية البيئة يمكن ان يسيرا جنبا الى جنب.

وينطوي هذا الموقف على مخاطر يمكن ان يواجهها في ضوء الانتخابات التشريعية في تشرين الأول/اكتوبر 2019: فقد انتخب بناء على وعد بخفض انبعاثات غاز الدفيئة الذي يأتي معظمه من استغلال الرمال النفطية في البرتا.

لذا، فان كولومبيا البريطانية واحدة من المقاطعات الثلاث مع اونتاريو وكيبك التي انتخبت العدد الاكبر من نواب حزب ترودو عام 2015، فيما البرتا غير ممثلة الا بثلاثة من اصل 183 نائبا ليبراليا في مجلس النواب.

ويتسم الوضع بمزيد من الخطورة لرئيس وزراء كولومبيا البريطانية جون هورغن الذي وصل الى الحكم العام الماضي من خلال تنظيم حملة ضد الانبوب. ويبقى استمرار حكومته الأقلية رهنا بدعم ثلاثة من نواب حزب الخضر، المعارضين للمشروع.