أصدر الرئيس السوري بشار الأسد قانوناً جديداً في أبريل/نيسان 2018، يحمل رقم 10 الذي بموجبه يُسمح للحكومة بإنشاء مناطق تنظيمية في جميع أنحاء سوريا، مخصصة لإعادة الإعمار.
خلفية
لا يحدد القانون جدولاً زمنياً لتحديد المناطق التي سينطبق عليها، بل يتعين على السلطات المحلية لمنطقة ما أن تقدم قائمة بأسماء أصحاب العقارات صادرة عن الهيئات العقارية الحكومية العاملة في تلك المنطقة في غضون 45 يوماً. وإذا لم تظهر ممتلكات مالكي المنطقة في القائمة، فسيكون لديهم 30 يوماً فقط لتقديم إثبات الملكية. وإذا تعذر ذلك، فسيحرمون من حقوق ملكية عقاراتهم وتصبح ملكيتها تابعة إلى البلدة أو الناحية أو المدينة الواقع فيها العقار.
وفي حال إظهار المالكين ما يثبت امتلاكهم للعقار فسيحصلون على حصص في المنطقة وليس بملكيتها ككل ويصبح اسم المواطن "مساهم" بدلاً من " مالك".
أزمة اللاجئين السوريين في لبنان بين التعاطف والتذمر
الشتاء القارس يزيد محنة اللاجئين السوريين في المخيمات
ويُمنح المساهمون أحد الخيارات التالية:
- تسجيل العقار بأسمائهم والحصول على حصة من أرباح إعادة الإعمار.
- بيع حصصهم في مزاد علني.
- إنشاء شركة مساهمين للاستثمار وإعمار الأرض التي كانت عليها عقاراتهم.
وبموجب القانون، على كل شخص مقيم في هذه المناطق المغادرة فوراً، وتعوضه السلطات المحلية بمبلغ يكفي لإستئجار مسكن لعامين، أما الذين يحق لهم مسكناً بديلاً، فعليهم أن ينتظروا فترة تتراوح بين عام وأربعة أعوام. وسيحصلون على بدل إيجار حتى استلام مسكنهم الجديد.
عراقيل
في مناطق النزاع، تعرضت أغلب سجلات الأراضي والعقارات للتلف ، كما أن نسبة الأراضي المسجلة أصلاً لدى الحكومة كانت 50 في المئة فقط. ويعد النازحون الذين هربوا من مناطق المعارضة السورية أكثر عرضة لمصادرة عقاراتهم بموجب هذا القانون.
ووفقاً لمفوضية شؤون اللاجئين لدى الأمم المتحدة، فقد تجاوز عدد النازحين داخل سوريا واللاجئين إلى الخارج الـ 11 مليوناً.
لن يتمكن هذا العدد الهائل من اللاجئين السوريين من العودة إلى سوريا في غضون 30 يوماً فقط لتقديم أوراقهم الثبوتية، وبحسب "المجلس النرويجي للاجئين" يفتقر 30 في المئة من اللاجئين السوريين للوثائق الضرورية اللازمة لتقديم طلب إثبات ملكية أو حتى تعيين وكيل معترف به قانونياً. وحسب احصاءات عام 2017، فقد دُمر ثلث المنازل في سوريا، ولا يوجد هناك أي قانون ينص على تعويض المتضررين. هذا عدا عن شرط الموافقة الأمنية والتي لن تمنحها الحكومة للمعارضين أو الذين يشك بولائهم.
وسبق للحكومة السورية أن هدّمت مبانٍ في في منطقتين في ريف دمشق وحماه، وأعتبرتها منظمة هيومن رايتس ووتش انتهاكاً ومعاقبة للمدنيين المعارضين للنظام، بينما بررت السلطات السورية تلك العملية بمرسوم رسمي تحت اسم " إعادة إعمار مناطق السكن العشوائي والمخالفات العشوائية".
غرق لاجئة سورية وأطفالها السبعة في بحر إيجه
هل سيؤثر القانون رقم 10 على قدرة السكان النازحين على العودة؟
سيخلق القانون رقم 10 عقبة كبيرة أمام العودة. فقد قال اللاجئون في استطلاع لمؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي" إنه لا يمكنهم العودة إلى مكان لا منزل لهم فيه ولا ممتلكات، عدا عن المعارضين الذين يواجهون خطر الاعتقال إذا ما قرروا العودة وغير مرحب بهم حسبما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش.
هل تبدأ مرحلة تل رفعت وجسر الشغور بعد عفرين والغوطة؟
هل هناك حل؟
هناك حلول ممكنة إذا تدخلت روسيا وإيران وحلفاء الحكومة وحثتها على إلغاء القانون والمرسوم 66 وقانون مكافحة الارهاب الذي صدر عام 2012 والتي تشكل عائقاً أمام عودتهم.
يوفر القانون إطارا رسميا لإحالة ملكية الأراضي إلى الحكومة، التي تتمتع بسلطة منح عقود إعادة الإعمار والتطوير للشركات أو المستثمرين وتعويضهم على شكل حصص في المناطق التنظيمية.
وتحث منظمة هيومن رايتس ووتش الدول والمستثمرين في المناطق التي تستعيدها الحكومة، التأكد من أن أموالهم لا تساهم في انتهاك حقوق الملكية للقاطنين أو النازحين أو تدعم الكيانات، أو الجهات الفاعلة المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
ردود الفعل
أعربت الحكومة اللبنانية عن قلقها إزاء القانون الذي سيقضي على أي إمكانية لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم إذا ما خسروا بقايا ما تبقى لهم في البلاد.
وقد كتب وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، إلى وزير الخارجية السوري وليد المعلم، قائلا إن "شروط القانون الجديد قد تجعل من الصعب على اللاجئين إثبات ملكيتهم للعقارات وبالتالي تثبط عزيمة البعض عن العودة لسوريا وخاصة المهلة قصيرة جداً".
وقد وثقت الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وجود ما يقارب المليون لاجئ سوري مسجل في لبنان، ومغادرة نحو 49 ألفاً منهم في إطار برنامج الأمم المتحدة لإعادة التوطين في دول أخرى مثل الولايات المتحدة والسويد وفرنسا. وقد كرر المسؤولون اللبنانيون مراراً دعوتهم لعودة السوريين إلى بلادهم.
وأكدت مصادر أردنية رسمية رفضها للقانون، وقالت إنه بمثابة مصادرة أراضي النازحين السوريين واعتبرته مخالفاً لأحكام القانون الدولي. ونقلت صحيفة عمون المحلية عن مصدر مسؤول قوله إن أصحاب الحقوق يمكنهم الطعن بالقانون أمام المحاكم الدولية والأمميّة، معتبرين الأردن الأكثر تضررا من هذا القانون بسبب وجود أكثر من مليون لاجِئ سوري.
وبحسب المجلس الأعلى للسكان في الأردن، قد يصل عدد اللاجئين السوريين بحلول عام 2040 إلى 2.7 مليون إذا استمر معدل النمو كما هو الآن.
وعبرت الخارجية الألمانية عن استيائها وقلقها ووصفت القانون بـ " المريب "، وذكرت الوزارة أن نظام الأسد "يحاول تغيير الأوضاع في سوريا على نحو جذري لصالحه وداعميه وهي عرقلة عودة عدد هائل من السوريين". وطالبت الأمم المتحدة بتبني هذه القضية للحيلولة دون تطبيقها. وتعتبر ألمانيا أكبر مضيفة للاجئين السوريين في أوروبا.
بينما علق الرئيس السوري بقوله:" إن القانون لا يحرم أحداً من ملكيته، ولا نستطيع أن نحرم أي شخص من أملاكه بموجب أي قانون، لأن الدستور واضح جداً فيما يتعلق بملكية أي مواطن سوري وهذه ليست المرة الأولى لصدور مثل هذا القانون الذي يهدف إلى إعادة تنظيم المناطق العشوائية والمدمرة".
وأضاف:" أعتقد أن هناك سوء تفسير لهذا القانون، أو هناك من يتعمد خلق رواية جديدة حول الحكومة السورية من أجل إعادة إضرام النار في أوساط الرأي العام الغربي ضد الدولة السورية".
التعليقات