الرباط: "كلما حاول الخروج من أزمة إلا ووجد نفسه داخلة أخرى" هذا هو حال حزب العدالة والتنمية المغربي، ذي المرجعية الإسلامية، منذ حدث إعفاء أمينه العام السابق عبد الإله ابن كيران، من تشكيل الحكومة في 15 مارس 2017، وتعيين سعد الدين العثماني خلفا له، الذي شكل ضربة موجعة لم ينجح الحزب في تجاوز تداعياتها حتى اليوم.
وبعد انتخاب العثماني أمينا عاما جديدا عقب نقاش صاخب حول الولاية الثالثة لابن كيران، راهن القائد الجديد ومعه تيار الوزراء على فتح نقاش داخلي لتجاوز الخلافات المطروحة بين أعضاءه، لكن هذا الرهان يبدو أنه سقط في أول اختبار جدي واجهه، حيث أعلن عبد العلي حامي الدين القيادي المحسوب على تيار ابن كيران تعليقه المشاركة في أعمال لجنة الحوار الداخلي، احتجاجا على نشر رده في الجلسة مبثورا من السياق الذي وردت فيه، والذي تضمن كلاما قويا بشأن المؤسسة الملكية.
وتعليقا على الموضوع، أستغرب مصدر قريب من حامي الدين في حديث مع "إيلاف المغرب"، إقدام إعلام الحزب على "نشر رد حامي الدين على المداخلات من دون نشر المداخلة الرئيسية التي قدمها ولا التعقيب الذي قدمه محمد يتيم عليه"، معتبرا أن هذا الأمر "غير مفهوم ويطرح علامات استفهام".
وأضاف المصدر،الذي فضل عدم ذكر اسمه، بأن الندوة الوطنية الاولى من الحوار الداخلي لحزب العدالة والتنمية شهد "مداخلات وتعقيبات ومناقشة عامة ثم الردود"، مشيرا إلى أن عددا من المداخلات جرى نشرها بشكل عادي، إلا في حالة حامي الدين، وذلك في إشارة إلى وجود نية مبيتة لدى القائمين على قسم الإعلام للنيل من حامي الدين واستهدافه بسبب مواقفه المعارضة للعثماني وحكومته.
وزاد المتحدث ذاته مبينا أن حامي الدين قرر "تعليق مشاركته في الحوار الداخلي وطالب بفتح تحقيق في الموضوع حتى يتم كشف حقيقة من نشر رده على المداخلات من دون استشارته"، وأكد أن "هناك فرق في كلام يقال في إطار نقاش داخلي، والكلام الذي يمكن أن يقوله حامي الدين وينشر للعموم"، لافتا إلى أن فرضية تصفية القيادي الشاب داخل الحزب واردة من خلال نشر هذا المقطع الذي يظهره معارضا شرسا للنظام والمؤسسة الملكية.
ويعتقد مقربون من حامي الدين، أنه في حال ما إذا كان نشر رده في الندوة الأولى من الحوار الداخلي ناتج عن خطأ تقني، فإن الواقعة تؤكد أن من يتحمل مسؤولية قسم الإعلام "لا يستحقونها"، حيث توجه أصابع الاتهام إلى مصطفى بابا، المسؤول الجديد عن القسم والمعروف بقربه من عزيز الرباح والعثماني، ورفضه للولاية الثالثة لابن كيران.
وما يؤكد أن الأزمة اشتعلت داخل بيت حزب العدالة والتنمية بسبب الفيديو المثير، لحامي الدين، والذي اعتبر فيه أن المؤسسة الملكية بشكلها الحالي "لا تساعد على التطور الديمقراطي"، هو إقدام الحزب على حذف جميع الفيديوهات من قناته الإلكترونية في موقع يوتيوب، صباح اليوم الأربعاء.
وفي اتصال لـ"إيلاف المغرب" مع مصدر قيادي بالحزب، حول هذا الموضوع، نفى بشكل قاطع ان تكون هناك أي نية لاستهداف حامي الدين من طرف الأمانة العامة أو قسم الإعلام، معتبرا أن ما حدث " خطأ تقني محض لا أقل ولا أكثر".
وأكد المصدر الذي لم يرغب في ذكر اسمه، أن التقني الذي كلف بإدراج المداخلات في قناة الحزب، وقع له خلط بين "شرائح التسجيل وعوض أن يدرج المداخلات الرئيسية حمل الردود عوضا عنها عن طريق الخطأ"، معتبرا أن هذا الخطأ "عادي وتسقط فيه العديد من القنوات".
وأشار المصدر المطلع على الملف، إلى أن الخطأ الذي وقع فيه التقني المذكور، لم يشمل حامي الدين لوحده، بل طال كل من عبد العزيز أفتاتي ومصطفى الرميد، قبل أن يتم تدارك الأمر، مبينا أن سبب التركيز على حامي الدين في هذا الموضوع مرتبط بطبيعة الكلام الذي جاء في رده وتناقله النشطاء بشكل سريع في وسائل التواصل الاجتماعي.
التعليقات