يتجه المغرب إلى جمع 2500 من الكفاءات المغربية في الخارج، والذين سبق أن استفادوا من الجامعات الشبابية التي تنظم في المغرب خلال كل صيف لفائدة الشباب المغربي المولود في الخارج خلال السنوات الماضية، وذلك بهدف تشكيل شبكة من الكفاءات والأطر المغربية التي يمكن للبلد أن يستفيد منها في رفع تحدياته التنموية.

إيلاف من الرباط: قال عبد الكريم بن عتيق، الوزير المكلف المغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، إن هذه الشبكة ستجتمع مرة في السنة في إحدى المناطق المغربية لتناقش قضايا المغرب والقضايا العالمية، وستشكل قوة ضاربة في خدمة بلدها المغرب.

وأوضح بن عتيق، الذي كان يتحدث الاثنين خلال ملتقى لمغاربة العالم نظم في الرباط في إطار الاحتفال بعيد العرش (عيد الجلوس) العشرين للعاهل المغربي الملك محمد السادس، أن مشروع الجامعة الصيفية للشباب المغربي المولود في المهجر انطلق كمشروع استراتيجي في جامعة سنوية واحدة في تطوان، وانتقلت إلى خمس جامعات في السنة. وكان عدد المستفيدين منها لا يتجاوز 120 شخصًا، وارتفع حاليًا إلى 560 شخصًا في السنة. وتقام خلال هذه الجامعات الصيفية أوراش للنقاش والحوار المفتوح والصريح من تأطير الجمعيات المغربية، إضافة إلى تنظيم زيارات ميدانية خلال أسبوع إلى أوراش تنموية ومشاريع كبرى ومناطق سياسية لفائدة الشباب المشاركين.

أضاف بن عتيق أن الكفاءات والأطر المغربية في الخارج تحظى باهتمام كبير في الاستراتيجية الحكومية اتجاه مغاربة العالم. وقال "نحن مهتمون بالكفاءات المغربية في الخارج، لأن مغرب الغد لا يمكننا أن نتصوره من دونكم"، مشيرًا إلى أن التحدي الملكي للارتقاء بالمغرب إلى مكانة متميزة بين الدول لا يمكن أن يتحقق إلا بمساهمة الكفاءات المغربية في الخارج، إما بشكل مباشر عبر قدومها إلى المغرب، أو من خلال مساعدتها على نقل التكنولوجيا الدقيقة، أو عبر تقديم خبرتها وتجاربها المكتسبة في مؤسسات وهيئات عالمية في الخارج.

قال بن عتيق، الذي كان يتحدث في الملتقى الذي حضرته نحو 200 شخصية مغربية يعيشون في 65 دولة، بينهم أكاديميون وسياسيون ورجال أعمال ومثقفون وإعلاميون، "نعيش اليوم في العالم يعرف مشاكل صعود اليمين المتطرف، الذي لا يرى من أجوبة إلا اعتبار المهاجرين سبب المشاكل. نعيش في عالم أصبح فيه الاستقرار قليلًا في مجموعة من المناطق، بخلاف ما ينعم به المغرب"، داعيًا المشاركين في الملتقى، ومن خلالهم مغاربة العالم، إلى مواجهة هذه التحولات انطلاقًا من القيم المستمدة من انتمائهم المغربي بهدوء وحكمة، وإلى أن يكونوا مثالًا ونموذجًا للتسامح والتعايش، وخير ممثل للإسلام الوسطي المعتدل الذي اختاره المغرب.&

وطلب الوزير بن عتيق منهم عدم الخضوع للابتزاز والاستفزاز، وأعلن أنه في صدد إطلاق شباك إداري موحد متنقل، والذي سيقوم بجولة في بلدان المهجر بهدف حل المشاكل التي يعاني منها المهاجرون المغاربة، بدلًا من انتظار عطلتهم وقدومهم إلى اللمغرب. وأشار إلى أن الشباك سيضم 14 قطاعًا حكوميًا، من بينهم 4 قضاة، مشيرًا على الخصوص إلى كثرة مشاكل الأحوال الشخصية التي يعاني منها المهاجرون.

خلال الملتقى قدمت محاضرتان، الأولى لأحمد العبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية لعلماء المغرب، حول مقومات الإسلام المغربي الوسطي المعتدل، والثانية لمحمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية.

وأشار العبادي إلى ارتباط الحس النقدي الذي ميّز المغاربة في تعاملهم مع التيارات القادمة من الخارج طيلة تاريخهم، ورفضهم لكل هيمنة وسيطرة أجنبية. ولفت إلى أن منظومة الإسلام المعتدل في المغرب تقوم على ست مؤسسات، وهي إمارة المومنين، التي تشرف على باقي المؤسسات وتقودها، والمجلس العلمي الأعلى المكلف الإرشاد والإفتاء في القضايا التي يحيلها عليه أمير المومنين، والمؤسسة المحمدية لعلماء المغرب، التي تتولى قضايا البحث والدراسة عبر اللجوء إلى كفاءات علمية عالية في شتى الميادين وخبراء ومهندسين، وجامعة القرويين، التي تكون الأطر الضرورية لكل ذلك، ووزارة الأوقاف التي تتولى المسائل اللوجستيكية.

من جانبه، أشار بنحمو إلى التحوّل الكبير الذي عرفته قضية الصحراء في إطار التوجّه الدبلوماسي الجديد للمغرب في عهد الملك محمد السادس، لافتًا إلى أن 71 دولة راجعت موقفها من الاعتراف بـ"الجمهورية الصحراوية"، التي أعلنتها جبهة البوليساريو في الأراضي الجزائرية. وربط بنحمو قيام "بوليساريو" بالحرب الباردة وانتماء الجزائر إلى المعسكر الشرقي، حيث جعل حكامها من معاداة المغرب عقيدة سياسية.&

وأشار بنحمو إلى أن حصول "الجمهورية الصحراوية" على اعتراف 88 دولة في ذلك الوقت كان أساسًا بسبب مواقف أيديولوجية. ولفت إلى أن عدد المعترفين اليوم بـ" الجمهورية الصحراوية " لا يتجاوز 17 دولة بفضل الاستراتيجية الديبلوماسية الجديدة للمغرب، المعتمدة على الرؤية الواضحة للملك محمد السادس ومقاربة متنوعة ومتعددة الأبعاد لتحصين المصالح المغربية والدفاع عنها وترسيخ مكانة المغرب بين الدول.&

وأشار إلى أن المغرب عزز علاقاته القديمة، وفي الوقت نفسه نوع علاقاته الدولية في اتجاه شركاء جدد. وخلص إلى أن المشروع الانفصالي أصبح من الماضي، لافتًا إلى الترحيب الدولي الذي لقيه المقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء، وإلى تغير لهجة تقارير الأمم المتحدة وقراراتها في هذا الصدد.