إيلاف من لندن: حذرت لجنة برلمانية ذات تأثير بالغ على السياسة البريطانية، من أن النظام القانوني في المملكة المتحدة والأجهزة الأمنية كانت غير مهيأة لمواجهة خطر التدخل الروسي المحتمل في الديمقراطية البريطانية.

وكشف تقرير طال انتظاره، كشفت تفاصيله، اليوم الثلاثاء، لجنة الاستخبارات والأمن في مجلس العموم عن مزاعم التدخل الروسي في الشؤون البريطانية، كما اعتمد التقرير، على مواد استخبارية سرية من وكالات تجسس بريطانية، وعلى مساهمات من خبراء محايدين، وكشف بالتفصيل عن نطاق التجسس والتخريب الروسي ضد بريطانيا وحلفائها.

وجاء نشر التقرير، المكتوب في 50 صفحة، والذي جاء بعد تحقيق برلماني استغرق 18 شهرا، ليزيد الضغط على رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لاتخاذ موقف أكثر تشددا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورجحت مصادر أن يساهم التقرير أيضا في إنعاش الأصوات الحكومية الرافضة لإجراء استفتاء جديد لانفصال اسكتلندا.

قنبلة متفجرة
وأكد التقرير الذي اعتبرت تفاصيله بمثابة "قنبلة متفجرة" أن هناك أدلة "موثوقة" على أن موسكو حاولت التأثير على نتيجة استفتاء الاستقلال الاسكتلندي 2014.

كما كشف التقرير عن أنه "من شبه المؤكد" أن روسيا سعت للتدخل في الانتخابات في بريطانيا العام 2019. وكانت الحكومة البريطانية قالت إنه من شبه المؤكد أن روسيا سعت للتدخل في الانتخابات البرلمانية في المملكة المتحدة في عام 2019، وذلك من خلال وثائق حصلت عليها بشكل غير قانوني.

تلاعب بالديموقراطية
جاء هذا في بيان لوزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، قال فيه إن أي محاولة للتلاعب بالديمقراطية في المملكة المتحدة "غير مقبولة على الإطلاق".

وإذ ذاك، قالت اللجنة إنها لم تحصل على أي دليل على أن الكرملين سعى للتأثير على تصويت خروج بريطانيا عام 2016 للخروج من الاتحاد الأوروبي، لكنها ألقت باللوم في ذلك على فشل واضح من جانب الحكومة في إجراء أي تحقيق رسمي في مثل هذه المزاعم حيث طالب مركز الدراسات الدولي الوزراء بإجراء تحقيق رسمي في حملة استفتاء الاتحاد الأوروبي.

وقالت اللجنة في موضوع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إنه "سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، إثبات" التأثير الفعلي "لأي تدخل روسي ولكن يجب إجراء تحقيق مماثل للتحقيق الذي أجري في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016 لتحديد مدى أي تدخل محتمل.

أوليغارشيا روسيا
وانتقد التقرير السياسيين والمحامين والممولين البريطانيين الذين زعموا أنهم ساعدوا الأموال الروسية على مدى العقد الماضي في التدفق إلى الاقتصاد البريطاني وخاصة لندن.

كما قال التقرير إن الأوليغارشيا الروس وأموالهم قد تم الترحيب بهم في المجتمع البريطاني من قبل الحكومات المتعاقبة "بأذرع مفتوحة". وقال التقرير إن هذا قد وفر للأوليغارشية وسيلة لإعادة تدوير التمويل غير المشروع من خلال "مغسلة" لندن وكذلك "اتصالات على أعلى المستويات مع إمكانية الوصول إلى الشركات البريطانية والشخصيات السياسية".

وأوصى التقرير، السلطات البريطانية لـ"تشديد الرقابة على الموارد المالية القادمة من روسيا، وكذلك وجه انتقادات للحكومات البريطانية الأخيرة لسياستها اللينة تجاه موسكو".

وقالت لجنة الاستخبارات والأمن في التقرير إن بريطانيا "استهانت" منذ فترة طويلة بالتهديد الذي يشكله الكرملين ونتيجة لذلك يتعين على المملكة المتحدة الآن "اللحاق بالركب" لأنها "هدف واضح للتضليل الروسي".

وقالت اللجنة إنها "تتساءل عما إذا كانت الحكومة ترفع الكرة عن روسيا"، محذرة من أن "النفوذ الروسي في المملكة المتحدة هو الوضع الطبيعي الجديد".

نفي روسي
يشار إلى أن روسيا أكدت باستمرار أنها "لا تحاول التدخل في العمليات السياسية في بلدان أخرى". وقال السفير الروسي في بريطانيا، أندريه كيلين، في مقابلة مع "هيئة الإذاعة البريطانية" يوم الأحد 19 يوليو 2020، إنه "لا يرى فائدة في التدخل في انتخابات 2019، حيث أن روسيا مستعدة للعمل على تحسين العلاقات الثنائية مع كل من المحافظين البريطانيين ومع العمال".

كما تحدث التقرير عن التجسس بالطرق التقليدية، والتجسس الإلكتروني، واستعداد روسيا لملاحقة أعدائها في الخارج، حتى وإن كان ذلك بقتلهم.

وكان تسميم الجاسوس السابق سيرغي سكريبال بغاز للأعصاب في مدينة سالزبري البريطانية في مارس 2018 مثالا واحدا من عدة حوادث ذات صلة بموسكو حدثت في الفترة الأخيرة في بريطانيا وفي مناطق أوروبية.