غزة: تبادل الجيش الإسرائيلي وحماس القصف مساء الثلاثاء على الرّغم من الوساطة التي تقودها مصر لوضع حدّ لأكثر من عشرة أيام متتالية من التصعيد العسكري بين الحركة التي تسيطر على قطاع غزة والدولة العبرية.

والثلاثاء أطلقت من القطاع بالونات حارقة وصاروخ باتجاه إسرائيل التي ردّت قبيل منتصف الليل بغارات شنّتها "طائرات مقاتلة" و"طائرات أخرى"، أي على الأرجح طائرات مسيّرة، استهدفت "مواقع لحماس" في قطاع غزة، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان.

من جهتها أكّدت مصادر أمنية وشهود عيان في القطاع وقوع الغارات، مشيرين إلى أنّها لم تسفر عن سقوط إصابات. وأتت هذه الغارات بعد توجيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مساء الثلاثاء تحذيراً إلى حماس من مغبّة "ارتكاب خطأ كبير" إذا استمرت في إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة.

وبعيد تصريح نتانياهو دوّت صفارات الإنذار إثر إطلاق قذيفة من القطاع باتجاه إسرائيل. وقال نتانياهو في حديث عبر الهاتف مع رؤساء المجالس المحلية في المناطق المتاخمة لقطاع غزة "الحريق مثل الصاروخ"، مشددا على أن حماس "سترتكب خطأ كبيرا إذا استمرت بهذا النهج". وأضاف "نحن على أهبة الاستعداد والجاهزية لاحتمال خوض جولة أو جولات قتال إذا لزم الأمر".

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنّ طائراته قصفت فجر الثلاثاء "بنى تحتية تابعة لحركة حماس" في قطاع غزة، مشيراً إلى أن الضربات الجوية جاءت بعد إطلاق "بالونات تحمل مواد ناسفة وأخرى حارقة من قطاع غزة باتجاه إسرائيل".

وأتى هذا التصعيد في وقت يقوم فيه وفد أمني مصري بوساطة بين الطرفين أجرى خلالها مباحثات مع حركة حماس في القطاع ومع السلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية المحتلة ومع مسؤولين إسرائيليين بهدف التوصل إلى تهدئة تنهي التصعيد المستمر. وأكد مصدر مقرب من الحركة الإسلامية أن "حماس ومعها الفصائل الفلسطينية تنتظر استجابة الاحتلال لمطالب إنهاء العدوان الإسرائيلي وتخفيف الحصار وإنهاء الإجراءات والقيود التي فرضها الاحتلال مؤخرا".

من جهته، أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي بيني غانتس الثلاثاء أن إسرائيل في "حالة تأهب قصوى وجاهزية عبر الحدود الشمالية والوسطى والجنوبية". وأضاف غانتس "حماس تلعب بالنار، وسأحرص على أن تُرَد نيرانها إليها وسنغير المعادلة على الفور". من جانبه، قال الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين إن إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة من قطاع غزة هو "إرهاب بكل المقاييس".

انقطاع الكهرباء

من جهة ثانية، أعلنت شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة الثلاثاء عن توقف عمل محطة توليد الكهرباء الوحيدة بعد نفاد الوقود اللازم لتشغيلها على إثر وقف إسرائيل الخميس إمدادات الوقود ضمن العقوبات التي فرضتها على غزة رداً على إطلاق البالونات الحارقة.

وكانت إسرائيل التي تحاصر القطاع منذ أكثر من عقد، فرضت سلسلة من العقوبات على قطاع غزة المحاصر مع استمرار التصعيد منذ نحو أسبوع. وتمثلت العقوبات المفروضة بإغلاق معبر كرم أبو سالم المخصص للبضائع وإغلاق البحر أمام الصيادين بالإضافة إلى وقف إمدادات الوقود.

ووصف المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم استمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة وتفاقم أزمة الكهرباء في القطاع بأنها "جريمة بحق الإنسانية" وحمّل "الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن نتائجها وتداعياتها".

وتزوّد شركة الكهرباء الإسرائيلية قطاع غزة بنحو 120 ميغاواط من الكهرباء فيما تستخدم إمدادات الوقود الآتية من إسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم لتشغيل محطة توليد الكهرباء. وقال المتحدث باسم شركة توزيع الكهرباء محمد ثابت "أبلغنا من محطة توليد الكهرباء بتوقفها عن العمل بشكل كامل، بسبب نفاد الوقود وإغلاق سلطات الاحتلال معبر كرم أبو سالم التجاري".

وأكد ثابت أن محطة توليد الكهرباء كانت تعمل جزئيا، في الوقت الذي تقدر فيه حاجة القطاع إلى حوالي 500 ميغاواط من الكهرباء. وسيتسبب توقف المحطة عن العمل "بتقليص كبير لعدد ساعات وصل الكهرباء، حيث ستفقد الشركة ما قدره 63 ميغاواط، تعادل ثلث الكمية المتوفرة داخل قطاع غزة".

وكان قطاع غزة يحصل على طاقة كهربائية تقدر بحوالي 18 ميغاواط، من الجارة مصر، لكنها "توقفت بسبب الأوضاع الأمنية في سيناء".

وأدّى القصف الإسرائيلي لمحطة توليد الكهرباء في قطاع غزة في صيف العام 2006، على إثر خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، إلى تدمير المحطة بالكامل. بعدها جرى إصلاح جزء من المحطة ما نجم عنه عجز مستمر في إمدادات الكهرباء منذ ذلك الحين.

من جهته، أشار المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أشرف القدرة الثلاثاء، إلى "التداعيات الخطيرة على حياة الأطفال حديثي الولادة ومرضى العناية المركزة والفشل الكلوي" وغيرهم من المرضى الذي يحتاج علاجهم إلى وصلهم بالأجهزة الكهربائية. ويعاني أكثر من خمسين بالمئة من سكان قطاع غزة الذي يبلغ عدد سكانه مليوني فلسطيني من الفقر، بحسب البنك الدولي. ويعتبر التصعيد بين إسرائيل وحماس خرقا جديدا لتفاهمات التهدئة التي توصلتا إليها العام الماضي برعاية مصر والأمم المتحدة وقطر.

مسيرة

على صعيد آخر أكدت الفصائل والقوى السياسية والوطنية الفلسطينية في قطاع غزة خلال اجتماع الثلاثاء على رفض "الخطوة التطبيعية بين الإمارات والكيان الصهيوني".

واعتبرت الفصائل في بيان الاتفاق الإسرائيلي-الإماراتي "طعنة غادرة لصمود الشعب الفلسطيني"، داعية إلى مسيرة جماهيرية الأربعاء "رفضاً للتطبيع".