مينسك: باشرت سلطات بيلاروسيا الخميس ادعاء قضائيا بتهمة "تقويض الأمن القومي" في حق "مجلس التنسيق" الذي شكلته المعارضة للإشراف على انتقال سلس للسلطة في البلد عقب الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل المنعقدة في 9 أغسطس.

تأسس المجلس المعارض على وقع حركة الاحتجاج التاريخية المطالبة منذ الاقتراع الرئاسي بتنحي الرئيس ألكسندر لوكاشنكو الذي عتبره "محاولة للاستيلاء على السلطة" من قبل المعارضة.

وقال المدعي العام ألكسندر كونيوك في مقطع فيديو تم بثه على تطبيق تلغرام إن "إنشاء مثل هذا المجلس ونشاطه يهدفان إلى الاستيلاء على السلطة وتقويض الأمن القومي لبيلاروسيا".

وأعلن المسؤول فتح تحقيق في "دعوات إلى تحركات تهدف إلى المساس بالأمن القومي"، وهو اتهام يعاقب عليه القانون بالسجن لمدة يمكن أن تصل إلى خمس سنوات.

من جهته، قال إيفان نوسكيفتش، رئيس لجنة التحقيق البيلاروسية المكلفة القضايا الجنائية الكبرى، إنه جرى تشكيل "مجموعة تحقيق" وإنها "بدأت العمل".

ونفت المعارضة الاتهامات، ودانت "الضغط والقمع في حق المواطنين السلميين".

وكان "مجلس تنسيق" المعارضة اجتمع الأربعاء للمرة الأولى ودعا إلى تنظيم انتخابات جديدة "تتطابق مع المعايير الدولية" و"فتح مفاوضات فورا" مع السلطات.

ومن بين أبرز أعضاء "مجلس التنسيق" الكاتبة الحائزة جائزة نوبل للآداب سفيتلانا أليكسييفيتش، والوزير والسفير السابق بافيل لاتوشكو وهو أحد أكبر المسؤولين الذين انضموا حتى الآن للاحتجاجات.

"لا ثورات"

يواجه ألكسندر لوكاشنكو تظاهرات يومية واضرابات تجري بدعوة من المعارضة الرافضة نتائج الانتخابات الرئاسية التي قادت إلى فوزه بـ80 بالمئة من أصوات الناخبين.

وقال الاتحاد الأوروبي الأربعاء إنه "يقف إلى جانب شعب بيلاروسيا" ورفض نتائج الاقتراع، خلال قمة استثنائية للدول الـ27 التي وعدت أيضا بفرض عقوبات إضافية على قادة بيلاروسيين مسؤولين عن "العنف والقمع وتزوير الانتخابات".

قبل القمة، دعت زعيمة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا، اللاجئة في ليتوانيا، الدول الأوروبية إلى رفض النتائج "المزورة"، معتبرة أن لوكاشينكو "فقد كل شرعية".

وقالت المتحدثة باسمها آنا كراسولينا لوكالة فرانس برس الخميس إنها "ممتنة جدا" للدعم الأوروبي ودعت كبار المسؤولين في النظام البيلاروسي إلى فتح حوار مع المعارضة من أجل "انتقال سلمي للسلطة".

وأضافت "سننخرط في هذه المفاوضات عقب صدور إشارة حسن نية من طرفهم والإفراج عن جميع السجناء السياسيين"، متوعدة بمواصلة التظاهرات.

ورفض لوكاشنكو (65 عاما) عدة مرات فكرة التنحي عن السلطة، وأمر الأربعاء بتشديد الرقابة على الحدود وضمان "وقف الاضطرابات في مينسك".

وعين الرئيس حكومة أبقى فيها على رئيس الوزراء رومان غولوفتشنكو ووزيري الداخلية يوري كاراييف والخارجية فلاديمير ماكاي.

وأقر ماكاي الذي يعتبر معتدلا، في تصريح نشر على موقع وزارته الخميس بأن بيلاروسيا تحتاج "تغييرات (...) ضرورية"، لكنها "لا يجب أن تكون عبر مواجهات أهلية أو ثورات".

وأعلن الجيش البيلاروسي الخميس عن مناورات عسكرية جديدة على الحدود مع بولندا وليتوانيا.

وفرقت الشرطة بعد 9 أغسطس أربع تظاهرات ليلية، ما أدى إلى سقوط أربعة قتلى على الأقل وعشرات الجرحى وتوقيف أكثر من 6700 شخص، قال كثير منهم إنهم تعرضوا للضرب أو التعذيب خلال احتجازهم.

وموقف روسيا، أقرب حليف وشريك اقتصادي لبيلاروسيا، مهم في تحديد مآل الأزمة. وركزت موسكو حتى الآن على التحذير من "التدخل الأجنبي" في "الشؤون الداخلية" لجارتها.

وتحدث غولوفتشنكو الخميس مع نظيره الروسي ميخائيل ميشوستين للمرة الثانية خلال يومين.

أما رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، فدعا مجددا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدعم "حوار سياسي جامع" في بيلاروسيا.