ألقت السلطات الأمريكية القبض على ستيف بانون، المستشار السابق للرئيس دونالد ترامب، ووجهت إليه تهمة الاحتيال على حملة تهدف إلى جمع تبرعات لبناء جدار عازل على الحدود الأمريكية المكسيكية.

وقالت وزارة العدل الأمريكية إن بانون وثلاثة آخرين احتالوا على مئات الآلاف من المانحين ممن تبرعوا لحملة "نبني الجدار"، التي جمعت نحو 25 مليون دولار.

وأضافت الوزارة أن بانون حصل على أكثر من مليون دولار، واستخدم بعضها لتغطية نفقات شخصية.

وكان بانون مديرا رئيسيا لفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2016، وعززت أيديولوجيته اليمينية المناهضة للهجرة حملة ترامب "أمريكا أولا".

وأشارت أنباء إلى اعتقاله على متن يخت في ولاية كونيكتيكت الأمريكية، بوساطة أفراد من خدمة التفتيش البريدي، التي تحقق في قضايا الاحتيال.

ويعد بانون سادس مساعد بارز سابق لترامب توجه إليه اتهامات جنائية، بعد رئيس حملة ترامب السابق، بول مانافورت، والمستشار السياسي المخضرم، روجر ستون، ومحامي ترامب السابق، مايكل كوهين، ونائب مدير الحملة السابق، ريك غيتس، ومستشار الأمن القومي السابق، مايكل فلين.

وقال ترامب، ردا على اعتقال بانون، إنه شعر "بسوء شديد" لذلك، وأضاف أنه لم يكن له أي علاقة بحملة "نبني الجدار".

وقال: "قلت هذا للحكومة هذا ليس للأشخاص العاديين وبدا لي وكأنه يستعرض، أعتقد أنني تركت رأيي مذكورا بقوة في ذلك الوقت".

ما هي التهم الموجهة لبانون؟

كانت حملة "نبني الجدار" قد تعهدت باستخدام التبرعات لبناء أجزاء من الجدار الحدودي، الذي كان تشييده بمثابة وعد من ترامب أثناء انتخابات عام 2016.

بيد أن أودري ستراوس، القائم بأعمال المدعي العام الأمريكي للمنطقة الجنوبية لنيويورك، قالت إن بانون وبريان كولفاغ وأندرو بادولاتو وتيموثي شي "احتالوا على مئات الآلاف من المتبرعين، مستفيدين من اهتمامهم بتمويل جدار حدودي، وجمعوا ملايين الدولارات بحجة كاذبة أن كل هذه الأموال ستُنفق على البناء ".

وقالت وزارة العدل إن بانون حصل على أكثر من مليون دولار عن طريق منظمة غير ربحية يديرها، واستخدم بعضها على الأقل لتغطية "نفقات شخصية بمئات الآلاف من الدولارات".

كما أشار البيان إلى أن كولفاغ، مؤسس حملة "نبني الجدار"، حصل سرا على 350 ألف دولار لاستخدامه الشخصي.

وقالت ستراوس: "على الرغم من أن المتبرعين أكدوا مرارا أن بريان كولفاغ، مؤسس (حملة) نبني الجدار، لن يحصل على سنت واحد، خطط المتهمون سرا لتمرير مئات الآلاف من الدولارات إلى كولفاغ، واستخدمها لتمويل أسلوب حياته المسرف".

وقال فيليب آر بارتليت، مفتش مسؤول بالمنطقة الجنوبية لنيويورك، إن المتهمين الأربعة "زوروا فواتير وفتحوا حسابات وهمية لغسل التبرعات وإخفاء جرائمهم، دون اعتبار للقانون أو الحقيقة".

وأضاف: "يجب أن تكون هذه القضية بمثابة تحذير للمحتالين الآخرين بأنه لا أحد فوق القانون، حتى لو كان الشخص محاربا قديما يعاني من إعاقة أو استراتيجيا سياسيا مليونيرا".

وكان بانون والثلاثة الآخرون قد أطلقوا الحملة في ديسمبر/ كانون الأول عام 2018

وقالت وزارة العدل، إن كولفاغ قال خلال الحملة إن جميع الأموال المتبرع بها ستُنفق على البناء، بينما قال بانون علنا: "نحن منظمة تطوعية".

ووجهت إلى جميع المتهمين الأربعة تهمة التآمر لتنفيذ عملية احتيال، واتُهم واحد بالتآمر لغسل أموال، وعقوبة كل تهمة السجن لمدة أقصاها 20 عاما.

ومثل بانون، البالغ من العمر 66 عاما، أمام محكمة فيدرالية عن طريق الفيديو بعد ساعات من اعتقاله يوم الخميس، وسوف يمثل كولفاغ وبادولاتو أمام محكمتين منفصلتين في ولاية فلوريدا، وسيمثل شي أمام محكمة في ولاية كولورادو.

وسوف يُفرج عن بانون بكفالة قيمتها 5 ملايين دولار، على أن يُمنع من السفر على متن طائرات أو قوارب خاصة أو مغادرة البلاد لحين محاكمته جنائيا.

من هو ستيف بانون؟

كان المصرفي الاستثماري السابق قوة دافعة لموقع "بريتبارت" الإخباري اليميني قبل أن خدمته في البيت الأبيض في منصب كبير المستشارين الاستراتيجيين لترامب. وكان تأثيره واضحا في قرارات رئيسية مثل انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ في منتصف عام 2017.

ترك منصبه في أغسطس/ آب عام 2017 وعاد إلى "بريتبارت"، لكنه أُجبر مرة أخرى على الاستقالة بعد انتقاد قرارات ترامب، مما دفع الأخير إلى القول بأن "ستيف بانون لا علاقة له بي أو برئاستي. عندما أُقيل من منصبه، لم يفقد وظيفته فحسب، بل فقد عقله".

وأعرب بانون، منذ ذلك الوقت، عن دعمه لفكرة المجموعة اليمينية للأحزاب الشعبوية في أوروبا، وأصبح وجوده على مسرح الأحداث مثيرا للجدل، وأسقطته مجلة "نيويوركر" من أحد الاحتفالات، وانسحبت نيكولا ستيرجن، الوزيرة الأولى في اسكتلندا، من أحد الأنشطة، التي شاركت بي بي سي في تنظيمها وظهر فيها، كما أثار ظهور آخر له في اتحاد جامعة أكسفورد احتجاجات.

وقال لبي بي سي، العام الماضي، إن "الاضطرابات" الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كانت "مجرد بداية"، وقال إن الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك سيساعد مجتمعات السود والمناطق ذات الأصول الإسبانية.

ماذا يحدث للجدار الحدودي؟

قال ترامب، ردا على اعتقال بانون، إنه شعر "بسوء شديد" لذلك
EPA
قال ترامب، ردا على اعتقال بانون، إنه شعر "بسوء شديد" لذلك

ربما يكون بناء جدار على الحدود مع المكسيك أكثر وعود ترامب التي لا تُنسى خلال حملته الانتخابية عام 2016، إذ قال وقتها إنه سيبني الجدار وسوف تدفع المكسيك ثمنه.

قبل تولي ترامب منصبه ، كان يوجد جدار بطول 654 ميلا (نحو ألف كيلومتر أو يزيد) على طول الحدود الجنوبية، ووعد ترامب ببناء جدار بطول ألفي ميل على كامل الحدود، وقال بعد ذلك إنها ستغطي نصف ذلك فقط، وأن الطبيعة، مثل الجبال والأنهار، ستساعد في المسافة المتبقية.

وبدأ العمل في تمديد الجدار الحالي العام الماضي.

وتٌنفق الأموال من تمويل سابق وافق عليه الكونغرس، بالإضافة إلى أموال أخرى تمكن ترامب من الحصول عليها منذ إعلان حالة الطوارئ في فبراير/شباط 2019، في ظل الزيادة الكبيرة لأعداد المهاجرين الذين يعبرون إلى الولايات المتحدة.

كما استطاع الاستفادة من أموال الدفاع، لكنه لا يزال أقل من التقدير الأصلي المحدد بـ 12 مليار دولار، والذي بدوره أقل بكثير من أعلى تقدير للتكلفة الحقيقية.

وكانت تهدف الإدارة الأمريكية إلى أن تكون 509 أميال من الجدار جاهزة بحلول نهاية عام 2020.