أقسم ألكسندر لوكاشنكو اليمين الدستورية رئيسًا لبيلاروسيا، على الرغم من رفض عدد كبير من الدول الأوروبية الاعتراف به، وغصرار المعارضة البيلاروسية على أنه يرتكز على انتخابات رئاسية مزورة.

مينسك: أدى الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو اليمين الدستورية الأربعاء لولاية رئاسية سادسة، في مراسم أُقيمت بشكل سري بعدما أعلن فوزه في انتخابات مثيرة للجدل اعتبرها خصومه مزورة.

ورد عدد من الدول الأوروبية ومن بينها ألمانيا على ذلك برفض الاعتراف به رئيسا شرعيا للدولة السوفياتية السابقة، فيما اقترح الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على خلفية انتهاكات لعملية التصويت وممارسة الشرطة العنف.

وكررت منافسته المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا إعلانها بأنها الفائز الحقيقي في لانتخابات وقالت في بيان إن "ما يسمى بمراسم التنصيب مهزلة طبعا".

ويواجه لوكاشنكو احتجاجات عارمة منذ إعلانه الفوز بأكثر من 80 بالمئة من الأصوات في الاقتراع الرئاسي في التاسع من آب/أغسطس. ونزل عشرات آلاف المتظاهرين إلى شوارع مينسك في التظاهرة الأخيرة الأحد.

ولم يتم الإعلان عن موعد مراسم التنصيب، لكن وكالة بيلتا الرسمية للأنباء ذكرت الأربعاء أنه "تولى مهامه رئيسا لبيلاروس".

وقالت إن المراسم تجري في قصر الاستقلال الذي يضم مكاتب الرئيس، لكن التلفزيون الرسمي لم يبث المراسم مباشرة.

وقال أليس بلياتسكي رئيس مجموعة فياسنا الحقوقية "لو تم الإعلان مسبقا عن مراسم التنصيب، لتجمع 200 ألف متظاهر أمام قصره".

وتوقع أن يؤدي تولي لوكاشنكو الرئاسة في وقت يعتبره كثيرون "رئيسا غير شرعي" إلى إطلاق شرارة "تظاهرات حاشدة أكبر حجما".

دفع إصرار لوكاشنكو على المضي قدما في مراسم التنصيب رغم اعتبار الاتحاد الأوروبي الانتخابات غير نزيهة وغير عادلة، بالعديد من الدول إلى رفض الاعتراف به رئيسا.

وأعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت أن بلاده لا تعترف بلوكاشنكو رئيسا لبيلاروسيا، قائلاً إن إعادة انتخابه تفتقر إلى "الشرعية الديموقراطية".

وأدلى مسؤولون من بينهم وزير الخارجية السلوفاكي إيفان كوركوك ونظيره الدنماركي ييبي كوفود بتصريحات مماثلة. وكذلك فعلت دول البلطيق وجمهورية التشيك.

في شوارع مينسك، عبّر الناس عن رفضهم لحق لوكاشنكو في الحكم.

وقال رجل الأعمال إيغور كوخارسكي (38 عاما) "من اليوم يحكمنا رسميا شخص استولى على السلطة".

وقالت فالنتينا سفياتسكايا، المتقاعدة البالغة 64 عاما، "لم يأخذ أحد هذا التنصيب على محمل الجد" بينما قالت الطالبة يوليا كولاكوفا (20 عاما) "إنه نكرة الآن".

وأثار ذلك التكتم سخرية الخصوم السياسيين للوكاشنكو. وكتب وزير الخارجية الليتواني ليناس لينكيفيشيوس "مهزلة، انتخابات مزورة، تنصيب مزور".

وتساءل أحد نشطاء المعارضة والوزير السابق بافل لاتوشكو على منصات التواصل الاجتماعي "أين المواطنون المحتفلون؟ أين السلك الدبلوماسي؟". ورغم عدم الإعلان عنها، اتسمت المراسم بالأبهة وبحضور عدة مئات من الضيوف، حسبما ذكرت صفحة الرئاسة على الانترنت.

نشرت وكالة بيلتا صورا للرئيس البالغ 66 عاما والذي يتولى السلطة منذ 1994، وهو يؤدي اليمين واقفا على منبر مرتديا بدلة زرقاء واضعا يده على نسخة من الدستور. وتباهى في كلمته بالتغلب على الأزمة السياسية قائلا إنه مع حلفائه "حالوا دون وقوع كارثة".

وقال إن بيلاروسيا واجهت "تحديا غير مسبوق" من أساليب "متطورة بشكل شيطاني" تدار من الخارج. لكن "لم تنجح ثورة الألوان" كما قال، مثنيا على "خيار البيلاروسيين الذين لا يريدون خسارة بلدهم". وكانت شرطة مكافحة الشغب قد اعتقلت بقسوة آلاف المتظاهرين الذين تحدثوا عن تعرضهم للتعذيب وسوء معاملة خلال توقيفهم، ما استدعى إدانات دولية والتلويح بعقوبات من الاتحاد الأوروبي.

وفي حادثة لا تخلو من الغرابة شاهد لوكاشنكو تظاهرة احتجاج من مروحيته ووصف المتظاهرين ب"الجرذان" ثم نزل من الطوافة وهو يرتدي سترة مقاومة للرصاص حاملا رشاش كلاشنيكوف.

نشرت السلطات آليات عسكرية من ضمنها ناقلات جند مصفحة واستخدمت مدافع المياه والغاز المسيل للدموع خلال تظاهرات. والمنافسة الرئيسية للوكاشنكو، تيخانوفسكايا لجأت إلى ليتوانيا، العضو في الاتحاد الأوروبي، فيما قام لوكاشنكو بسجن شخصيات معارضة رئيسية أخرى أو دفعهم للمغادرة.

في خطاب التنصيب قال لوكاشنكو "لا أستطيع، وليس لدي الحق في التخلي عن البيلاروسيين". واعتبر أن الاحتجاجات سببها "تضليل المجتمع" وشكر أجهزة إنفاذ القانون على إظهار "الصلابة". سعى لوكاشنكو للحصول على الدعم من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي وعده بمساندة أجهزة إنفاذ القانون إذا لزمالأمر، وبقرض بقيمة 1,5 مليار دولار.

وأخفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الاثنين في الاتفاق على فرض عقوبات على خلفية الأزمة السياسية، رغم مناشدة من تيخانوفسكايا لتقديم الدعم.