ستيباناكرت: استمر القصف المدفعي العنيف المتبادل بين المقاتلين الأرمن والجيش الأذربيجاني الخميس، فيما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن نشر مقاتلين جهاديين في ناغورني قره باغ يعد تطوراً "جديداً خطيراً".

وجددت روسيا والغرب الدعوات إلى وقف القتال المتواصل منذ عدة أيام في الجيب الانفصالي والذي أسفر عن مقتل أكثر من 130 شخصاً.

وفي دعوة مشتركة، حض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب وماكرون الطرفين على العودة إلى المفاوضات الهادفة إلى تسوية هذا النزاع القديم.

وأعلن ماكرون بشكل منفصل أن جهاديين سوريين نقلوا عبر تركيا للانضمام إلى القتال في قره باغ ووصف الأمر بأنه تطور "خطير للغاية، يغير الوضع".

ورفض كل من رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف فكرة عقد محادثات.

وفي مارتوني، القرية الصغيرة الواقعة على بعد 25 كلم من خط الجبهة، أرغم القصف الشديد السكان على الهرب من شراسة الهجمات عبر الاحتماء في الأقبية تحت بيوتهم.

وتعهد أرتاك ألويان وهو عامل بناء يبلغ من العمر 54 عاماً، احتمى في قبو منزله مع مسن يقطن في حيه، بالبقاء في قره باغ رغم المعارك التي لم تشهد المنطقة مثيلاً لها منذ سنوات.

وقال لفرانس برس "بنيت هذا البيت بيدي. لن أذهب إلى أي مكان. الأمر محسوم. سأموت هنا في المعركة الأخيرة".

وكان صحافيون بينهم فريق من فرانس برس يجرون مقابلات مع السكان حين وقع قصف قرب مارتوني ما أدى إلى إصابة مراسل ومصور من صحيفة "لوموند" الفرنسية بجروح. ولم يصب أي من صحافيي فرانس برس.

ودخل البلدان الخصمان في القوقاز في نزاع مرير بشأن منطقة قره باغ منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عندما انفصلت المقاطعة ذات الغالبية العرقية الأرمنية عن أذربيجان.

والأحد اندلعت أعنف اشتباكات بين القوات الأرمنية والأذربيجانية منذ سنوات بشأن المنطقة الانفصالية وتأكد مقتل نحو 130 شخصا بينما تواصل القتال لليوم الخامس على التوالي.

وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية الخميس إن قواتها شنت "ضربات مدفعية ساحقة على مواقع القوات الأرمنية في الأراضي المحتلة" طوال الليل.

ونفت أذربيجان ما أعلنته يريفان عن إسقاط مروحية أذربيجانية ووقوعها في إيران. وأضافت أن المقاتلين الأرمينيين "أرغموا على التراجع من مواقع كانوا يسيطرون عليها على طول خط الجبهة".

ويزعم الطرفان أنهما ألحقا خسائر فادحة ببعضهما البعض وتجاهلا الدعوات المتكررة من زعماء دوليين لوقف القتال.

ويخشى إذا ما اندلعت حرب مباشرة بين أذربيجان المسلمة وأرمينيا ذات الغالبية المسيحية أن تُستدرج إلى النزاع قوتان إقليميتان هما روسيا وتركيا اللتان تدعم كل منهما طرفا في النزاع.

ودعا بوتين وماكرون وترامب إلى "وقف فوري للأعمال العدائية" في بيانهم الخميس، وحضوا الطرفان على الالتزام بالمحادثات.

وقال الزعماء الثلاثة "ندعو أيضاً قادة أرمينيا وأذربيجان إلى الالتزام دون تأخير باستئناف المفاوضات الجوهرية". والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا ضمن مجموعة مينسك التي شكلتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والمعنية بإيجاد حل للنزاع منذ التسعينات.

وتنضوي يريفان في تحالف عسكري لجمهوريات سوفياتية سابقة بقيادة موسكو واتهمت تركيا بإرسال مرتزقة من شمال سوريا لدعم القوات الأذربيجانية في النزاع الدائر في قره باغ.

كما أفادت في وقت سابق هذا الأسبوع أن طائرة تركية من طراز اف-16 كانت تحلق لدعم قوات باكو أسقطت طائرة حربية أرمينية من طراز سو-25 ، لكن أنقرة وباكو نفتا هذا الادعاء.

وكرر باشينيان التأكيد على انضمام مرتزقة للنزاع، مشيراً إلى أن أذربيجان وتركيا تقاتلان "بمساعدة وتدخل مقاتلين إرهابيين أجانب".

من جهته، دعا حليف أذربيجان، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي سبق أن أكد دعم بلاده الكامل لباكو، الخميس القوات الأرمينية إلى مغادرة قره باغ.

وقال إردوغان "الطريقة الوحيدة لوقف إطلاق نار مستدام في المنطقة تعتمد على انسحاب الأرمينيين من كل شبر من الأراضي الأذربيجانية".

سجلت أرمينيا مقتل 104 عسكريين و8 مدنيين. لم تفد أذربيجان من جهتها عن أي ضحايا عسكريين، لكن أكدت مقتل 19 مدنياً بالقصف الأرميني.

لكن صحافيًا في وكالة فرانس برس في منطقة بيلاغان في جنوب البلاد شهد تشييع جنازة جندي قتل في الاشتباكات.

وأثار إعلان استقلال قره باغ عن أذربيجان حربًا في أوائل التسعينيات أودت بحياة 30 ألف شخص، لكن لم تعترف أي جهة بعد ولا حتى أرمينيا، باستقلال الإقليم.

وأعلنت أرمينيا وقره باغ الأحكام العرفية والتعبئة العسكرية العامة الأحد، فيما فرضت أذربيجان الأحكام العسكرية وحظر التجول في المدن الكبرى.

والمحادثات الهادفة لتسوية النزاع، والتي بدأت مع تفكك الاتحاد السوفياتي في 1991، متعثرة بشكل كبير منذ اتفاقية لوقف إطلاق النار عام 1994.