بكين: مددت بكين الخميس العمل باتفاقها التاريخي المبرم العام 2018 مع الفاتيكان حول تعيين أساقفة رغم تحذيرات الولايات المتحدة التي تندد بالقمع الذي يتعرض له الكاثوليك في الصين.

وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية جاو ليجيان للصحافيين "بعد مشاورات ودية، قرر الفاتيكان والصين تمديد العمل بالاتفاق الموقت حول تعيين أساقفة لمدة سنتين".

وكان الفاتيكان وبكين وقعا في سبتمبر 2018 اتفاقا يهدف الى انهاء خلاف يعود الى 70 عاما ويتمحور على تعيين أساقفة. وكانت مدة الاتفاق الموقت سنتين ويتضمن بندا لتمديده.

وعبر تقاربه مع بكين، يكون الفاتيكان تجاوز انتقادات الولايات المتحدة التي طلبت منه عدم تجديد الاتفاق الثنائي.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو رأى الشهر الماضي أن "الاتفاق بين الصين والفاتيكان لم يؤمن حماية للكاثوليك من ممارسات الحزب" الشيوعي الصيني.

وحتى قبل تمديد العمل بالاتفاق مع بكين، أعلن أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين الأربعاء لصحافيين أن الفاتيكان "راض" عن الاتفاق.

وأضاف "بالتأكيد، ثمة الكثير من القضايا التي لم ينص الاتفاق على حلها" رافضا في الوقت نفسه الحديث عن "اضطهادات" يتعرض لها الكاثوليك الصينيون.

فرض الثقافة الصينية

وعلى مدى عقود، انقسم الكاثوليك الصينيون البالغ عددهم حوالى 12 مليوناً، وهم أقلية في البلد الذي يعدّ قرابة 1,4 مليار نسمة، بين كنيسة "وطنية" يسيطر عليها النظام الشيوعي وكنيسة "سرية" تعتبرها بكين غير شرعية، وتعترف بسلطة البابا وغالباً ما تُضطهد بسبب ذلك.

وأبرم الفاتيكان في 22 سبتمبر 2018 اتفاقاً "موقتاً" تاريخياً مع النظام الشيوعي في بكين، جاء ثمرة محادثات طويلة وبطيئة.

بموجب الاتفاق، اعترف البابا فرنسيس بثمانية أساقفة صينيين عيّنتهم بكين من دون موافقته. في المقابل اعترفت بكين باسقفين سابقين على الاقل من الكنيسة "السرية".

في موازاة ذلك، يعاني الكاثوليك الصينيون على غرار اتباع ديانات أخرى، منذ سنوات عدة من سياسة فرض الثقافة الصينية ادت الى هدم كنائس أو إزالة صلبان وضعت على أسطحها، وكذلك إغلاق دور حضانة طائفية.

رغم ذلك، يسعى البابا فرنسيس الذي تحدث في السابق عن "حلمه" بزيارة الصين، الى إعادة العلاقات مع النظام الشيوعي التي قطعت على الصعيد الدبلوماسي في 1951.

وأكد المتحدث الصيني أن بكين والكرسي الرسولي "سيتابعان التواصل واجراء مشاورات وثيقة وسيواصلان الدفع قدما بعملية تحسين العلاقات".

وقُطعت العلاقات الدبلوماسية بين بكين والكرسي الرسولي العام 1951، بعد عامين من وصول الشيوعيين إلى السلطة.

والفاتيكان هو من بين 15 دولة في العالم تعترف بحكومة تايوان، الجزيرة التي يديرها نظام منافس لبكين منذ 1949، وتعتبرها الصين جزءا لا يتجزأ من أراضيها.

"لا تحسن" في الوضع

لكن التنازلات التي قدمها الفاتيكان لم تسهل حياة أتباع الكنيسة الكاثوليكية "السرية".

ومنذ 2018 وجد أتباع هذه الكنيسة أنفسهم تحت ضغط متزايد للانضمام الى الكنيسة "الوطنية" بحسب عدة إفادات.

وقال كاهن من الكنيسة "السرية" في اقليم جيانغكسي (وسط) لوكالة فرانس برس قبل اعادة العمل بالاتفاق، إن "الوضع لم يتحسن أبدا" بالنسبة للكنائس "السرية". وأضاف أن احتمال إعادة العمل بالاتفاق يترك الكاثوليك "يائسين".

وفي دليل آخر على التوتر، استقال اسقف من الكنيسة "السرية" يدعى فنسنت غو شيجن من أبرشية ميندونغ في فوجيان (شرق).

وكتب لأبرشيته "أشعر أن الزمن تجاوزني، لا أريد أن أصبح عقبة أمام تقدم عصرنا".

وأفاد مصدر مقرب منه أن الأسقف الذي سبق أن وضع قيد الاعتقال، كان يتعرض لضغوط من أجل الانضمام الى الكنيسة الرسمية وفضل الاستقالة تعبيرا عن احتجاجه على ذلك.

ولم يشأ الكهنة من الكنيسة الوطنية الرد على اسئلة وكالة فرانس برس.

لكن أحدهم الاب بول هان كينغبينغ من مقاطعة هيبي (شمال) كتب على مدونة في نهاية سبتمبر انه يؤيد تجديد الاتفاق مع الفاتيكان.

وكتب "مع رفع العراقيل، بات بإمكان أساقفة الصين الاجتماع أكثر بهدف حل مشاكل الكنيسة" معترفا في الوقت نفسه بأن قسما من الكهنة في الكنيسة السرية يبدون معارضة.