واشنطن: بعد أسبوع من خسارته الانتخابات الرئاسية، استمر الرئيس دونالد ترمب الثلاثاء بمحاولته الترويج لحقيقة بديلة هي انه على وشك الفوز، لكن الديموقراطي الفائز جو بايدن تجاهله وتصرف كرئيس ينتظر التنصيب عبر تلقي سلسلة من اتصالات التهنئة من كافة عواصم العالم.

والثلاثاء تحدث بايدن الى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اضافة الى رئيس وزراء ايرلندا مايكل مارتن، وكذلك مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل.

لكن ترمب لا يزال يمنع العملية الأخيرة لنقل السلطة الى بايدن في الوقت الذي يحاول فيه قلب النتيجة في المحاكم بالاستناد الى مزاعم واهية بحصول مخالفات.

وغرد ترمب على تويتر قائلا "سنفوز"، ثم أضاف في وقت مبكر الثلاثاء "راقبوا الاساءات الهائلة في عملية فرز الأصوات".

وباتت محاولة ترمب البقاء في السلطة مستنزفة للرجل الذي اعتاد السخرية بشكل علني من خصومه ووصفهم ب"الخاسرين".

وفي تأكيد على أجواء التصلب، رفض وزير الخارجية مايك بومبيو الثلاثاء الاعتراف بفوز بايدن، واعدا بعملية "انتقالية سلسة" نحو ولاية ثانية للرئيس دونالد ترمب.

ومنذ الانتخابات في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، أصبح ترمب مقلا في ظهوره العلني ونشاطه الى درجة بدا كأنه وضع مهامه الرئاسية العادية على الرف.

والنشاط الوحيد المعروف الذي قام به خارج البيت الأبيض كان لعب الغولف خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد ظهور النتائج.

اما الاحاطات اليومية التي يتلقاها من الأجهزة الأمنية فقد كانت خارج جدوله اليومي، وهو لم يشر الى تصاعد الاصابات بكوفيد-19 في جميع أنحاء البلاد.

وفجأة اختفت مؤتمراته الصحافية شبه اليومية والمقابلات مع "فوكس نيوز" وجلسات الدردشة المرتجلة مع مراسلي البيت الأبيض.

وبدل ذلك أمضى ترمب معظم وقته في التغريد، غالبا حول ما يزعم أنها انتخابات مسروقة. وفي بعض الأحيان كان يعيد تغريد تعليقات داعمة لمقدمي برامج يمينيين من "فوكس نيوز" واقتباسات من البرامج اليومية للقناة.

وكان الإجراء الرئاسي الهام الوحيد الذي اتخذه ترمب هو الاقالة المفاجئة لوزير الدفاع مارك إسبر الاثنين، والذي أعلنه ايضا عبر تويتر.

في مثل هذا اليوم الثلاثاء قبل أربعة أعوام، كان ترمب قد حقق فوزه المفاجىء على هيلاري كلينتون وقام بجولة في البيت الابيض للمرة الأولى بدعوة من الرئيس المنتهية ولايته باراك اوباما.

وهذه المجاملة للرؤساء المنتخبين تقليد قديم يشدد على الاحترام شبه المقدس للتداول السلمي للسلطة.

وترمب الذي تولى منصبه متعهدا قلب ما سماه "الدولة العميقة"، هو الآن يحطم تقليدا آخر.

فهو لم يمتنع فقط عن دعوة بايدن الى المكتب البيضوي، بل حتى منعه من الحصول على حزمة التمويل والخبرات والمرافق المخصصة لمساعدة الرئيس المنتخب للتحضير لتولي السلطة.

وتتحكم بهذه الحزمة رئيسة إدارة الخدمات العامة إميلي مورفي، التي عينها ترمب، وهي المسؤولة عن الافراج عنها.

لكن بايدن الذي فاز بعدد قياسي من الأصوات مع اقراره بأن نحو نصف الناخبين يدعمون ترمب، اختار على ما يبدو تجاهل الفوضى.

فهو نادرا ما يذكر ترمب، بل سارع الى انشاء فريق عمل خاص لمكافحة فيروس كورونا، والقى الثلاثاء أحدث خطاب له تناول فيه مصير خطة الرعاية الصحية "أوباما كير" التي طلب ترمب من المحكمة العليا تفكيكها.

وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان آخر الزعماء الدوليين الذين بعثوا بتهنئة الى بايدن بالفوز، آملا بتعزيز العلاقات بين انقرة وواشنطن.

تدور تكهنات كثيرة في واشنطن حول من سينبري من داخل دائرة ترمب الضيقة لاقناعه بالاقرار بالهزيمة، هذا ان وُجد مثل هذا الشخص.

فالرئيس الجمهوري الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة جورج بوش الابن هنأ بايدن بفوزه، لكنه ينأى بنفسه عن حزبه الذي يهيمن عليه ترمب.

والاثنين صرح زعيم الغالبية في الكونغرس السناتور ميتش ماكونيل أن ترمب "محق مئة بالمئة" بالطعن في الانتخابات في المحكمة.

لكن يبقى من غير الواضح الى متى سيستمر هذا المستوى من الدعم، أو حتى الى متى سيستمر ترمب متشبثا بالرئاسة.

اذ لا يبدو أن أيا من الدعاوى القضائية لديها القدرة على تغيير النتيجة، وحتى إعادة فرز الأصوات في ولايات مثل جورجيا أو أي مكان آخر من غير المرجح أن تغير الحساب الأساسي.

لكن ترمب أضاف سلاحا جديدا محتملا الى حملته الاثنين بعدما أعطى وزير العدل الأميركي بيل بار موافقته على إجراء تحقيقات حول احتمال حصول مخالفات في الانتخابات.

ومع ذلك أقرن بار قراره بتحذير مفاده أن "الادعاءات الخادعة أو التخمينية أو الخيالية أو بعيدة الاحتمال يجب ألا تشكل اساسا للشروع في تحقيقات فدرالية".

تدخل بار غير المعتاد أثار مخاوف من أن ترمب قد يذهب أبعد من ذلك في جهوده، ما دفع بمدعي عام جرائم الانتخابات في وزارة العدل ريتشارد بيلغر الى تقديم استقالته احتجاجا.

وسيتم تنصيب بايدن في 20 تشرين الثاني/يناير بعد 71 يوما من الآن.