بانغي: ادلى الناخبون في جمهورية إفريقيا الوسطى الأحد بأصواتهم في انتخابات رئاسية وتشريعية في بلد يشهد حربا أهلية مستمرة وتحت تهديد المتمردين على نظام الرئيس المنتهية ولايته فوستان أرشانج توايرا المرشح الأوفر حظا للفوز في الاقتراع.

وبقيت المجموعات المسلحة التي كانت تسيطر فعليا على ثلثي أراضي البلاد وأقسمت قبل تسعة أيام على "السير إلى بانغي" لمنع الاقتراع، بعيدة عن عاصمة هذا البلد الذي يعد من أفقر دول العالم.

لكن ذلك يعود إلى تعزيزات من مئات الجنود للقوات الخاصة الروسية وجنود روانديين وقوات حفظ السلام التابعة لبعثة الأمم المتحدة في جمهورية إفريقيا الوسطى (مينوسكا).

وقال المقرر العام للسلطة الوطنية للانتخابات موموكاوما تيوفيل لفرانس برس "الانتخابات جرت في شكل عام والمقترعون اتوا (...) رغم بعض القلق الامني في مناطق معينة".

واشاد الخبراء والمراقبون بهدوء العملية الانتخابية.

وتلقى المتمردون أخيرا دعما الأحد من الرئيس السابق فرنسوا بوزيزيه الذي أُبطل ترشيحه في أوائل كانون الأول/ديسمبر. وقد دعا مواطنيه إلى عدم التصويت في الانتخابات وأكد دعمه المتمردين

وقال بوزيزيه في رسالة صوتية على الإنترنت وأكد حزبه لوكالة فرانس برس صحتها، "أدعوكم إلى عدم الذهاب للتصويت. ابقوا في بيوتكم واتركوا تواديرا وحده يضع بطاقة اقتراع في الصندوق". وأضاف "أنا ادعم التحالف من أجل التغيير" الذي يضم أبرز المجموعات المسلحة التي تسيطر على ثلثي جمهورية إفريقيا الوسطى منذ سنوات.

وشهدت العاصمة بانغي هدوءا علما بان عددا كبيرا جدا من جنود قوات حفظ السلام والجنود ومن جيش البلاد سيروا دوريات في كل أحياء المدينة ووضعوا آليات مصفحة تعلوها رشاشات ثقيلة أمام مراكز التصويت.

وقالت المدرّسة أورتانس رين بحماسة "من المهم جدا بالنسبة إلي أن أكون هنا كمواطنة. أعتقد أن هذا التصويت سيغير بلدنا أيا كان الرئيس".

ووافقها الطالب روميو إلفين (24 عاما) الرأي. وقال "أريد السلام أولا وهذا يمر خلال التصويت".

لكن بعيداً عن بانغي تجري معارك متقطعة منذ تسعة أيام.

وتم الإبلاغ عن حوادث متفرقة صباح الأحد.

ففي شمال غرب البلاد على مسافة أكثر من 500 كيلومتر عن بانغي، استولى المتمردون على لوازم انتخابية في كوي وتعرض موظفون للتهديد بالقتل في نغاونداي، بحسب مسؤول كبير في الأمم المتحدة.

وفي بوكارانغا هدد المتمردون كل من يذهب للتصويت. وفي بامباري رابع مدينة في البلاد على مسافة 380 كيلومترا شمال شرق بانغي، بقيت مراكز الاقتراع مغلقة في الصباح بسبب إطلاق نار من قبل المجموعات المسلحة، حسب جانو نغيرنينجي رئيس لجنة السلام المحلية.

وفي بوسيمبيلي الأقرب إلى العاصمة (150 كيلومترا) ويبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة قالت مسؤولة في إدارة البلدة بأسف "لم نتلق بطاقات الناخبين وهذا يتعلق بحوالى 11 ألف شخص"، يأسف مسؤول كبير في المحافظة. وفي باتانغافو (380 كيلومترا شمال بانغي) قال مسؤول انتخابي "ما زلنا ننتظر مواد التصويت".

وفي رأي الخبراء والمعارضة أن شرعية المسؤولين الذين سيتم انتخابهم في الاقتراع، وهم الرئيس و140 نائبا، ستكون موضع شك إذا لم يشارك جزء كبير من السكان في التصويت، أو إذا لم يقوموا بذلك بحرية وهدوء خارج بانغي.

لذلك يشكل إجراء هذه الانتخابات الرئاسية والتشريعية رهانا رئيسيا لإفريقيا الوسطى وللمجتمع الدولي أيضا الذي يحاول مساعدتها في إعادة البناء والحفاظ على أمن نسبي منذ 2014.

وقال روبرت مساء السبت من بوالي الواقعة على مسافة 80 كيلومترا شمال بانغي إن "الجميع يفرون في الوقت الحالي وأنا ألازم بيتي". وأضاف في اتصال هاتفي كان يسمع خلاله دوي انفجارات غير بعيدة "كيف نصوت عندما لا نملك حتى بطاقات الانتخاب الخاصة بنا؟".

أرسلت روسيا التي تدعم علنا منذ 2018 حكومة تواديرا، 300 "مدرب عسكري" - في الواقع قوات شبه عسكرية من شركات أمنية روسية خاصة - لتعزيز مئات من العسكريين الآخرين الذين نشرتهم قبل أكثر من عامين.

وأرسلت رواندا جنودا من القوات الخاصة خارج إطار مشاركتها في بعثة الأمم المتحدة، يبلغ عددهم "مئات" حسب بانغي.

وتقدمت المعارضة المشتتة ب15 مرشحا على الأقل للانتخابات في مواجهة تواديرا الذي يرجح خبراء ودبلوماسيون فوزه بولاية ثانية. وتتهم المعارضة معسكر رئيس الدولة بالإعداد لعمليات تزوير واسعة للفوز في الجولة الأولى.

وقُتل آلاف الأشخاص وفر أكثر من ربع سكان إفريقيا الوسطى البالغ عددهم 4,9 ملايين نسمة منذ اندلاع الحرب الأهلية في 2013 عندما أطاح تحالف "سيليكا" ذو الأغلبية المسلمة، فرانسوا بوزيزيه.

واندلعت بعد ذلك مواجهات بين "سيليكا" والميليشيات المسيحية والإحيائية "أنتي بالاكا". وتتهم الأمم المتحدة الجانبين بارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية.

ومنذ 2018، تراجعت حدة القتال بشكل كبير وبات محوره تنافس المجموعات المسلحة للسيطرة على الموارد، مع بعض الهجمات المتقطعة وممارسات ضد المدنيين.