طرابلس: تبدأ ليبيا مرحلة انتقالية جديدة السبت غداة انتخاب سلطة تنفيذية موحدة وموقتة يتعين عليها تشكيل حكومة والتحضير للانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في كانون الأول/ديسمبر وإنهاء عقد من الفوضى.

وسيحاول أربعة قادة جدد من المناطق الثلاث في ليبيا إعادة توحيد مؤسسات بلد يعاني انقسامات مع وجود سلطتين متنافستين في غرب البلاد وشرقها.

ففي الغرب، حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج التي تتّخذ طرابلس مقرّا وتعترف بها الأمم المتحدة وتدعمها تركيا، وسلطة بقيادة المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق البلاد مدعومة من روسيا والامارات خصوصا.

وتم الترحيب بهذه الانتخابات في كل أنحاء العالم.

في نيويورك، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "أعتقد أن ذلك يمثل اختراقا"، مضيفا أنها "أخبار جيدة جدا في بحثنا عن السلام" بعد اتفاق لوقف إطلاق النار.

وانضمت حكومات المانيا وفرنسا وايطاليا وبريطانيا إلى الولايات المتحدة في الترحيب بالحكومة الانتقالية الليبية الجديدة، لكنها مع ذلك حذرت من أن الطريق "لا يزال طويلا".

وانتخب المهندس عبد الحميد محمد دبيبة (61 عاما) الجمعة رئيسا للوزراء للفترة الانتقالية في ليبيا، وذلك من جانب المشاركين في الحوار الذي أطلق في تشرين الثاني/نوفمبر بين الأفرقاء الليبيين في سويسرا برعاية الأمم المتحدة.

وحصدت قائمة عبد الحميد دبيبة 39 صوتا من أصل 73.

وسيكون أمام هذا المهندس المتحدر من مصراتة 21 يوما كحد أقصى لتشكيل حكومته. وبعد ذلك سيكون أمامه 21 يوما آخر لنيل ثقة البرلمان، أي بحلول 19 آذار/مارس على أبعد تقدير.

وبهذه الانتخابات، طويت صفحة مرحلة انتقالية مع اتفاق الصخيرات في المغرب الموقع عام 2015 برعاية الأمم المتحدة والذي أفضى إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني (مقرها طرابلس) برئاسة فايز السراج.

لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.

كما تم تعيين مجلس رئاسي موقت الجمعة يضم ثلاثة أعضاء.

وفاز محمد يونس المنفي برئاسة المجلس الرئاسي، وللمنفي نائبان هما موسى الكوني، المنتمي إلى الطوارق، وعبد الله حسين اللافي الذي يشغل عضوية مجلس النواب عن مدينة الزاوية (غرب).

ورئيس الوزراء الجديد بعيد كل البعد عن الإجماع خصوصا أنه شغل مناصب مهمة في ظل نظام معمر القذافي الذي سقط عام 2011 بعد 42 عاما في السلطة. وهو كان ينتمي إلى دائرة الأشخاص الموثوق بهم للديكتاتور السابق.

كذلك، كان قريبه علي دبيبة، وهو أيضا رجل أعمال ناجح، رهن تحقيقات في ليبيا وأماكن أخرى بتهمة الاختلاس. وهو كان مشاركاً في المنتدى الذي صوت للسلطة التنفيذية الجديدة الجمعة.

وبعد عشر سنوات من الانتفاضة الشعبية، ما زالت ليبيا غارقة في أزمة سياسية كبرى.

وبالنسبة إلى الحكومة الجديدة، فإن التحدي كبير بعد أكثر من أربعين عاما من حكم سلطة لا منافس لها، أفسح المجال أمام العنف والصراعات على السلطة والتدخل الأجنبي.

وبعد فشل هجوم شنّته قوّات حفتر في نيسان/أبريل 2019 للسيطرة على طرابلس، توصّل طرفا النزاع إلى اتّفاق على هدنة دائمة في تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي واستأنفا الحوار السياسي ما ساهم في عودة انتعاش إنتاج النفط، وهو قطاع رئيسي للاقتصاد.

هل تملك السلطة التنفيذية الجديدة الوسائل لإخراج البلاد من أزماتها؟

رأى الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية فولفرام لاخر "سيكون لديها القليل من القوة على الأرض. ستجد صعوبة كبيرة في ممارسة أي نفوذ في شرق ليبيا، وحتى في غربها، وستواجه معارضة قوية. ليس في قدرة سلطة تنفيذية توحيد ليبيا".

ولم يكن متوقعا فوز قائمة دبيبة أمام القائمة التي تشمل وزير الداخلية القوي في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا ورئيس البرلمان عقيلة صالح.

وأوضح لاخر "الطريقة التي شكلت من خلالها هذه الحكومة تعني أن الأشخاص الأربعة المنتخبين (الجمعة) ليس لديهم في الحقيقة مصلحة مشتركة أو مصلحة سياسية مشتركة إلا الوصول إلى السلطة والبقاء فيها".

بالنسبة إلى طارق مقريزي المحلل السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية "أنتجت عملية الأمم المتحدة سلطة جديدة لم يكن يتوقعها أحد بصراحة".

وتابع "يمكن قراءة هذا التصويت على أنه تصويت ضد المرشحين المفضلين".

ويستمر الليبيون في التنديد بعدم تجدد النخب السياسية في البلاد والفساد ونقص في السيولة والوقود وانقطاع التيار الكهربائي والتضخم.

وعبّر العديد من الليبيين على وسائل التواصل الاجتماعي عن شكوكهم بإمكانية نجاح الحكومة الجديدة إذ ان العديد من الاتفاقات التي تم التوصل إليها في السنوات الأخيرة بقيت حبرا على ورق.