بمناسبة بلوغه عامه التسعين اليوم، تستعيد "إيلاف" القليل من سيرة ميخائيل غورباتشوف، آخر شيوعيي الساحة الحمراء، وعلاقته بزوجته الراحلة رايسا، وحياته العابرة للستار الحديدي.

إيلاف من لندن: منذ جوزيف ستالين، لم يدخل زعيم سوفياتي التاريخ من أوسع أبوابه كما دخل ميخائيل غورباتشوف. فستالين بنى الاتحاد السوفياتي بالحديد والنار، ووسعه ليهيمن على أرجاء أوروبا الشرقية، ورسّخ الزعامة السوفياتية بـ "النصر الكبير على الفاشية" ودخول الجيش الأحمر إلى برلين، وبناء الجدار فيها، ليأتي غورباتشوف، بعد نصف قرن تقريبًا، ليهدّ الجدار، ويعلن التغيير خلف الستار الحديدي بأقنومي "بيريسترويكا" و"غلاسنوست"، ولينهي الاتحاد السوفياتي، مطلقًا العنان لسلسلة "دومينو" تنهار جارتها في أرجاء أوروبا الشرقية استقلالات متتالية.

بعد نحو ثلاثة عقود من وقوف غورباتشوف معلنًا استقالته من منصب أمين عام الحزب الشيوعي السوفياتي، وتنحيه عن زعامة الاتحاد، وفي مناسبة ميلاده التسعين، تستعيد "إيلاف" القليل من سيرة هذا الرجل الذي هزّ أركان الثنائية القطبية في العالم، وأنهى بسرعة هائلة حربًا باردة طال أمدها.

ربما ما يميز غورباتشوف من الزعماء السوفيات الآخرين هو صغر سنّه حين تولى مسؤولية الإمبراطورية السوفياتية. فالآخرون كانوا يصلون هذا المنصب وهم في أرذل العمر. لهذا، نظر إلى المسؤولية بعين مختلفة.

فهو، بخلافهم جميعًا، لم ينأى بنفسه عن عائلته، عن زوجته رايسا تحديدًا، بل كانت مرافقته الدائمة، وأمينة سرّه، ومستشارته. حتى إن بعضهم في كواليس السياسة السوفياتية اتهمه بـأنه يقف على رأيها أكثر مما يقف على رأي "اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي". ربما تكون تهمته الأساس أنه بقي على حبه لرايسا، فكرهه كهول السوفيات على ذلك.

لم يكن "الرفيق غورباتشوف" سوفياتيًا صرفًا، ولا روسيًا صرفًا، إنما كان أمميًا فعليًا. وهذا يظهر جليًا في آراء استنزلها منه عثمان العمير، ناشر إيلاف ورئيس تحريرها، حين كان رئيسًا لتحرير "الشرق الأوسط"، وذلك في 10 يونيو 1992، في أحوال "الروسيا" والعرب والعالم والقضايا الأممية الكبرى... والقضايا الشخصية الصغرى.

في الغرب، ما كان "غوربي" بطلًا فحسب، إنما كان فانوسًا سحريًا، أخرج مارد الحرية من قمقم الكرملين، ومن كتاب ذكريات "ربيع براغ" وغزوات أوكرانيا وجورجيا وغيرها. أشاد الغربيون فيه، ونوّلوه جائزة نوبل للسلام في 1990، ومنحه الرئيس الأميركي جورج بوش وسام الحرية الأميركي في عام 2008.

في هذا الملف، تقدم "إيلاف" قليلًا من كثير يُقال في ميخائيل غورباتشوف، استذكارًا لرجل حرّر مئات الملايين من عبودية "عبادة الشخص"، ويقبع اليوم وحيدًا في منزل صغير، تحاصره أعوامه التسعين، جائحة كورونا، وانتقادات يوجهه إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذ يلومه لأنه صدّق الغرب حين وعده أن الأطلسي لن يتوسّع شرقًا.

ترقبوا في إيلاف: تسعون غورباتشوف
بيريستوريكا وغلاسنوست و بيلوفجسكويه بوشا
غوربي... رجل التحولات الذي أربك الحتمية التاريخية
خوضًا في تفاصيل علاقة حررت العالم
مسرحة البيريسترويكا: غورباتشوف على خشبة
ثلاثة عقود على انهيار الستار الحديدي
غورباتشوف محاصرًا: شيخوخة وكورونا وانتقادات بوتين