إيلاف من الرباط: أظهر استطلاع للرأي أعده مختبر الدراسات والأبحاث والتدريب التابع لحكومة الشباب الموازية في المغرب ، تمحور حول "رأي المغاربة إزاء علاقات المغرب –إسبانيا"، وشارك فيه 4224 شخصا، أن "المغاربة لا يأتمنون إسبانيا ولا ثقة لهم في مستقبل العلاقات معها"، ويرون أن "عليها أن تراجع نفسها وتتعامل بحكمة ونضج لأن معطيات اليوم تختلف عن تلك التي كانت في تل أمس".
وحسب تقرير تركيبي، من إنجاز رشيد عربوش وإسماعيل الحمراوي وهشام أوباها، فقد طرح الاستطلاع، الذي حمل عنوان "استقراء رأي المغاربة تجاه علاقات المغرب- إسبانيا على خلفية استقبال هذه الأخيرة لابراهيم غالي أمين عام جبهة البوليساريو الانفصالية ، والذي يشكل "مبادرة هي الأولى من نوعها من خلال التفاعل مع المعطيات الجيوسياسية والدبلوماسية"،عشرين سؤالا موزعة على ثلاثة أقطاب تربط بينها علاقة تأثير؛ فالأزمة تؤثر في الثقة، والثقة تؤثر على المستقبل، والمستقبل رهين بالماضي والحاضر".
وتوزع التقرير التركيبي للاستقراء على ثلاثة محاور، ركزت على "أصل الأزمة" و"الثقة في الميزان" و"سؤال المستقبل".
سكيزوفرينيا سياسية
على مستوى "أصل الأزمة" رأت نسبة 93 بالمائة من المستجوبين أن "إسبانيا ارتكبت خيانة عظمى في حق المغرب عندما استقبلت غالي وأدخلته إلى ترابها بوثائق مزورة".
وزاد التقرير أنه "في سؤال يقلب المعادلة وفعل التموقع، حول إن قامت المملكة المغربية باستقبال أحد زعماء الانفصال في إسبانيا في التراب المغربي، كان رأي المغاربة، بنسبة 59.5 بالمائة أن إسبانيا ستحتج بقوة على المغرب ولربما تذهب إلى أبعد من ذلك من خلال قطع العلاقات مع المغرب، حسب تقدير 33.5 بالمائة من المستجوبين مما يعكس ومن دون أدنى شك حالة السكيزوفرينيا السياسية التي تتخبط فيها عن وعي أو دونه".
ورأت نسبة 67.3 بالمائة من المستجوبين أن إسبانيا "لا تزال تتعامل مع المغرب بمنطق القرن الماضي متناسية أن موازين الضغط تغيرت وأن المغرب أصبح قوة وازنة إقليميا ودوليا".
وفيما يخص توتر العلاقات بين البلدين الجارين، رأى التقرير أنه "قد تصح الفرضية التي مفادها أنه من المحتمل وجود أطراف خارجية تسعى لخلق التوتر بين البلدين في رأي 44.2 بالمائة، ولكن الواقع والممارسات والسلوكات تؤكد فرضية تحمل المسؤولية لإسبانيا حسب توجه 42.5 بالمائة. وهو ما يشير إلى مطالبة وإلحاح فئة واسعة من المستجوبين تقدر بـ 89.8 بالمائة، بـ"تقديم إسبانيا لاعتذار رسمي للمغرب على ما أقدمت عليه من غدر حينما استقبلت الانفصالي غالي بوثائق مزورة، وبذلك تكون هي الخاسر الأكبر من هذا التوتر برأي 38.3 بالمائة، لأنه في المقابل هي الرابح الأكبر من استمرار العلاقات الجيدة بين البلدين خاصة على مستوى التنسيق الأمني بتعبير 64.9 بالمائة والذي قد يؤدي انقطاعه إلى غرقها بآلاف المهاجرين السريين من جنسيات مختلفة الشيء الذي سيعري عن وضعها الحقوقي تجاه المهاجرين في عدم احترامها للمواثيق الدولية ذات الصلة أو تعاملها بمنطق تمييزي مع المهاجرين حسب جنسياتهم حسب ما ذهب إليه 56 بالمائة من المشاركين".
فقدان الثقة
بخصوص مسألة "الثقة"، أظهر الاستقراء أن "87.4 بالمائة من المغاربة فقدوا الثقة في الحكومة الإسبانية الحالية و86.9 بالمائة لا يثقون في الشراكة مع إسبانيا". وفي هذا الصدد، أوضح التقرير التركيبي أن "الأزمات بطبيعتها تؤدي إلى فقدان الثقة حتى بين الأفراد فما بالك بين الدول وهو الأمر الذي استشعره المغاربة بعد أزمة "الانفصالي غالي" وقبل ذلك مع أزمات سابقة، إذ فقدوا الثقة في الحكومة الإسبانية الحالية بمنسوب مرتفع بلغ 87.4 بالمائة بل امتد الشك حتى فيما يتعلق بمختلف الشراكات التي تجمع البلدين، حسب ما ذهب إليه 59.5 بالمائة ومن بينها الجانب الاقتصادي بنسبة 49.4 بالمائة، ومن ثم فإن الأزمة السياسية لها تداعيات على ما هو اقتصادي، وبالتالي فحجم الاستثمارات الإسبانية بالمغرب قد يتأثر إذا ما تشبثت بـمواقفها العدائية تجاه المغرب".
عقلية استعمارية
بخصوص "سؤال المستقبل" أكدت نسبة 74.3 بالمائة من المستجوبين أن "الاقتصاد الإسباني لا يستطيع إحداث قطيعة مع الاقتصاد المغربي"، فيما رأت نسبة 61.9 بالمائة أن "مستقبل العلاقات بين المغرب وإسبانيا سيعرف تراجعا وتوترا كبيرا"، وذلك أمام تفاؤل بهدوء مستقبلي بنسبة 25 بالمائة، مقابل نسبة ضعيفة في حدود 13.1 بالمائة ذهبت إلى رجوع الهدوء إلى علاقة البلدين، وبالتالي، يضيف التقرير، فـ"إسبانيا مطالبة بتصحيح أخطائها، عبر تجردها من عقليتها الاستعمارية عوض أسلوب المناورة الذي أصبح مكشوفا" حسب ما ذهب إليه 57.7 بالمائة من المشاركين، و"أن تُمكن المغرب من باقي أراضيه المحتلة (سبتة ومليليه والجزر الجعفرية) التي أصبح استرجاعها أمرا بديهيا"، وذلك حسب رأي 84.7 بالمائة، و"أن تسعى بكل السبل إلى كسب ود أهم شريك اقتصادي لها بإفريقيا لأن اقتصادها لا ولن يقوَ على إحداث القطيعة مع الاقتصاد المغربي" ، حسب 74.3 بالمائة.
حسن الجوار
بالرغم من كل ما سبق، يخلص التقرير التركيبي، الى أن " المغاربة عبروا عن حسن نواياهم وأبدوا رغبتهم في زيارة إسبانيا مستقبلا تكريسا لمبادئ حسن الجوار ، وتعبيرا عن قيمهم الإنسانية العالية، بحيث أن 45 بالمائة من المشاركين أكدوا ذلك".
التعليقات