فيرفاكس (الولايات المتحدة): لجأ الصحافي نايثن مونغ إلى التأمل الذهني عندما كان في السجن بسبب تقاريره عن الانقلاب الدامي في بورما، لكنه، حتى في ولاية فيرجينيا الهادئة حيث يقيم لا يمكنه نسيان الذين تركهم خلفه ومن بينهم زميلاً لا يزال تحت رحمة سجانيه.

في آذار/مارس، عندما شن المجلس العسكري حملة استهدفت التظاهرات المطالبة بالديموقراطية في شوارع بورما، وصل قرابة 45 جندياً إلى مكتب مونغ في العاصمة الاقتصادية رانغون، كما أكد في مقابلة مع وكالة فرانس برس.

وفيما شقت الفرقة طريقها بقوة عبر البوابة وباب موصد، كان مونغ يبلغ أصدقاءه في رسائل بأنه على وشك أن يُقبض عليه، حسبما قال.

ولدى اقتحام الجنود المكتب شاهرين أسلحتهم "قلت أرجوكم لا تطلقوا النار علينا".

تشهد بورما تظاهرات عارمة منذ شباط/فبراير عندما أطاح جنرالات الجيش بالزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي وحكومتها.

ورد الجنرالات مستخدمين القوة، من إطلاق النار على المتظاهرين واعتقال معارضين مفترضين وتوقيف صحافيين وإغلاق مواقع إخبارية.

وراح نايثن وزميله هنثار نيين يراقبان الفرقة التي كانت "تأخذ كل شيء من مكتبنا"، مبالغ مال ومجوهرات وحتى أحذية، قبل أن يُقتادا إلى مركز استجواب في شمال رانغون.

انقطاع الطعام والماء

وهناك أوقف "لأربعة أيام" قال إنه حُرم خلال ثلاثة منها الطعام وليومين من الماء.

وتابع "بقيت أمارس رياضة التأمل الذهني حسب طريقة فيباسانا لأكون متيقظا". ومونغ مواطن أميركي مولود في بورما.

ومع أول رشفة ماء جاء الأمل.

وأوضح "بعدما شربت أول رشفة من الماء، قلت في نفسي بأنني سأبقى على قيد الحياة" مضيفا "لن اُقتل".

قُتل أكثر من 880 شخصا واعتُقل 6500 تقريبا في حملة القمع، بحسب مجموعة رصد محلية، علما بأن "مجلس إدارة الدولة"، كما يطلق المجلس العسكري على نفسه، يعترض على تلك الأرقام.

وتقول مجموعة أخرى هي "ريبورتينغ آسيان" إن 89 صحافيا اعتقلوا منذ الانقلاب.

في آذار/مارس قام صحافي ببث مباشر (لايفستريم) صور فيه وقائع اعتقاله على الصفحة الرسمية لصاحب العمل على فيسبوك، وسُمع في التسجيل المتسم بالفوضى طَرق مدوي على مدخل المبنى الذي يقيم فيه.

ووُجهت إلى المؤسسة الإعلامية "كامايوت ميديا"، التي أسسها مونغ، اتهامات مماثلة بموجب قانون يعود لفترة الاستعمار يجرّم التشجيع على معارضة الجيش.

وإضافة إلى استخدامه القوة الغاشمة، أعاد الجيش صياغة قانون من الحقبة الاستعمارية يعتبر نشر "الأخبار المضللة" جريمة، مع إحكامه قبضته على المعارضة.

عواقب وحشية

سرعان ما أدرك مونغ ما ستكون العواقب الوحشية لتوقيفه.

وقال "ضربوا طبلة أذني بأياديهم عدة مرات، سددوا لي الضربات في الوجه والكتفين".

أضاف "ركلوا ... جانبيّ".

ومع وصوله إلى المركز كان هاتفه قد كسر، ولم يعد ذي فائدة للمحققين الذين كانوا يبحثون عن أرقام معارضين وصحافيين آخرين.

لكن هنثار نيين كان لا يزال يزاول عمله، وطلبوا كلمة السر الخاصة به.

وقال مونغ، "وضعوا ساقيه على ألواح ثلج لساعات، أحرقوا جلده بسيجارة".

ورفض أن يكشف عن كلمة السر إلى حين هددوه بالاغتصاب، بحسب مونغ، وعندما عثروا على صور له مع سو تشي وشخصيات سياسية أخرى، أوسعوه ضربا مجددا.

ويقول فريق الإعلام التابع للمجلس العسكري إن جميع التحقيقات والاستجوابات تُنفذ طبقا للقانون.

الديبلوماسية الأميركية

يعتقد مونغ أن الدبلوماسية الأميركية لعبت دوراً في إسقاط جميع التهم ضده وإطلاق سراحه في حزيران/يونيو.

وهي حرية حرم منها حتى الآن مواطنه الأميركي الصحافي جاني فينستر، الموقوف منذ 24 أيار/مايو، وهو الصحافي الأجنبي الوحيد الذي لا يزال في سجون المجلس العسكري.

في فريدريكسبرغ بولاية فيرجينيا، قال مونغ إنه مصمم على مواصله عمله والتوصل إلى "بورما حرة"، والسعي للإفراج عن صحافيين مسجونين آخرين كزميله هنثار.

وحتى يتحقق ذلك تتواصل معاناته.

وقال "اتصلت بمحامينا لدى وصولي الولايات المتحدة، وأُبلغت بأنه كان يبكي في المحكمة عندما تركته وغادرت".

أضاف "ذلك حطم قلبي ... لا أستمتع بحريتي على الإطلاق".