واشنطن: أكدت الولايات المتحدة التي تخوض سباقاً مع الزمن قبل إتمام انسحابها من أفغانستان لإجلاء الأفغان الذين عملوا مع قواتها، فتح أبوابها أمام آلاف آخرين معرّضين لمواجهة خطر الانتقام من حركة طالبان، في مهمة دونها صعوبات.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان الإثنين أنه "في ضوء ارتفاع مستويات العنف الذي تمارسه طالبان، تعمل الحكومة الأميركية على توفير فرصة لأفغان معيّنين، بمن فيهم أولئك الذين عملوا مع الولايات المتحدة، لإعادة توطينهم كلاجئين في الولايات المتحدة".

واعتبرت أن "هذا التصنيف يوسّع الفرص لإعادة توطين الولايات المتحدة بشكل دائم آلاف الأفغان وأفراد عائلاتهم المباشرين الذين قد يكونون عرضة للخطر نظراً إلى ارتباطهم بالولايات المتحدة، لكنهم غير مؤهلين للحصول على تأشيرات هجرة خاصة" تُمنح عادة لمترجمين وأشخاص عاونوا الجيش الأميركي.

وحدّد الرئيس الأميركي جو بايدن 31 آب/أغسطس موعداً نهائيّاً لانسحاب القوات الأميركية بالكامل، في محطة تسبق إحياء بلاده الذكرى العشرين لهجمات 11 أيلول/سبتمبر التي كانت سبباً في إيفاد تلك القوات إلى أفغانستان.

التقدّم سريعاً

إلا أنّ حركة طالبان استغلّت بدء الانسحاب الأميركي، لتُطلق في أيّار/مايو هجوماً واسعاً في ولايات عدّة في أنحاء البلاد وتتمكّن من التقدّم سريعاً على حساب القوات الأفغانية، ما أثار الخشية من إقدامها على أعمال انتقامية في حقّ الأفغان الذين عاونوا القوات الأميركية.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمام الصحافة "لدينا مسؤولية تجاههم. لقد وقفوا بجانبنا وسنقف بجانبهم"، معترفاً بأنّ "الخوف من الاضطهاد والانتقام" سيزداد مع رحيل الجنود الدوليين.

وبدأت الخارجية الأميركية بالفعل منح هؤلاء تأشيرات سفر خاصة. ووصلت دفعة أولى من مئتي شخص الجمعة الى الولايات المتحدة، من إجمالي 2500 شخص اجتازوا كل مراحل الحصول على تأشيراتهم وينتظرون أن يحين دورهم خلال الأسابيع المقبلة.

ومن المقرر نقل أولئك الذين ما زالت ملفّاتهم عالقة، إلى قواعد أميركية في الخارج، بانتظار حصولهم على تأشيرات الدخول.

وبحسب البيت الأبيض، طلب قرابة عشرين ألف أفغاني عملوا لحساب الجيش الأميركي، استقبالهم في الولايات المتحدة، إلا أنّ تقديرات ترجّح أن يصل عددهم إلى مئة ألف، إذا ما تمّ احتساب أفراد عائلاتهم. وجميعهم ليسوا مخوّلين الحصول على تأشيرات هجرة خاصة.

أما الأفغان الذين عملوا لصالح منظمات غير حكومية أو وسائل إعلام أميركية فلن يكونوا بدورهم في مأمن، ما لم يحصلوا على هذه التأشيرات.

وتجد حكومة بايدن نفسها عرضة لضغوط، من الجمهوريين كما من الديموقراطيين من أعضاء الكونغرس، لفعل المزيد. من هنا انبثقت فكرة جعلهم يستفيدون من أحد برامج قبول اللاجئين في الولايات المتحدة.

عملية معقدة وطويلة

إلا أن هذه العملية معقدة وطويلة، إذ يتوجّب على الطامحين بالحصول على وضعيّة اللاجئ الحصول على توصية من مشغّلهم الحالي أو السابق.

بخلاف طالبي التأشيرات الخاصة، ليست لدى واشنطن أي خطط لإجلاء هؤلاء اللاجئين المستقبليين الذين يتعيّن عليهم مغادرة أفغانستان بمفردهم. ومتى وصلوا إلى بلد ثالث، تنطلق عملية دراسة ملفاتهم، في مسار يستغرق من 12 إلى 14 شهراً.

وفي ما خص هؤلاء الأشخاص المجبرين على ترك كل شيء، قال بلينكن "إنه أمر صعب جدا".

إلى ذلك، هناك ملايين الأفغان الآخرين الذين قد يكونون عرضة للخطر إذا وصلت طالبان إلى السلطة، لكنهم لن يتأثروا بالقرارات التي أعلنتها واشنطن، وقد ذكر وزير الخارجية "النساء والفتيات" اللواتي "يشعرن بالتهديد وبالخوف على مستقبلهن".

لكن عندما سئل عن مصير هؤلاء، لم يستطع إلا تشجيعهم على الذهاب إلى المنفى ثم طلب لجوء إلى الولايات المتحدة بالطريقة التقليدية غير المضمونة.