لي كاي: تبحث فرق الإنقاذ في هايتي عن ناجين غداة زلزال بلغت قوّته 7,2 درجات وأسفر عن 724 قتيلًا على الأقلّ وأكثر من 2800 جريح في جنوب غرب الجزيرة، معيدًا إلى الأذهان الذكريات المؤلمة للزلزال المدمّر الذي وقع في 2010.

وأورد بيان للحماية المدنيّة أنّ "حصيلة ضحايا الزلزال ارتفعت بداية اليوم 15 آب/ أغسطس إلى 724 قتيلًا: 500 قتيل في الجنوب ومئة في غراند أنس و122 في نيب وقتيلان في الشمال الغربي".

وضرب الزلزال هايتي السبت قرابة الساعة 08,30 (12,30 ت غ)، على بُعد 12 كيلومترًا من مدينة سان لوي دو سود التي تبعد بدورها 160 كيلومترًا عن العاصمة بور أو برنس، وفق المركز الأميركي لرصد الزلازل.

وأدّى الزلزال إلى انهيار كنائس ومحال ومنازل ومبان علق مئات تحت أنقاضها.

وعمل السكّان على انتشال جرحى عالقين تحت الأنقاض، في جهود أشاد بها الدفاع المدنيّ، مؤكّدًا أنّ "عمليّات التدخّل الأولى(...) أتاحت سحب كثيرين من تحت الأنقاض".

وتبذل المستشفيات القليلة في المناطق المتضرّرة جهودًا شاقة لتقديم الإسعافات.

حالة طوارئ

وأعلن رئيس الوزراء أرييل هنري الذي تفقّد في مروحيّة المناطق الأكثر تضرّراً حالة الطوارئ السبت لمدّة شهر في المقاطعات الأربع المتضرّرة من الكارثة.

أرسلت وزارة الصحة موظّفين وأدوية إلى جنوب غرب شبه الجزيرة، لكن الخدمات اللّوجستية العاجلة معرّضة للخطر بسبب إنعدام الأمن الذي تشهده هايتي منذ أشهر.

ويمرّ الطريق الوحيد الذي يربط العاصمة بالنصف الجنوبي من البلاد على امتداد أكثر من كيلومترين بقليل، في حي مارتيسان الفقير الذي تسيطر عليه عصابات مسلّحة منذ أوائل حزيران/ يونيو، ما يعرقل التنقّل الحر.

وقال رئيس الوزراء مساء السبت "يجب أن تتمكّن كل المساعدات من العبور".

مساعدات عالميّة

في واشنطن، عرض الرئيس جو بايدن مساعدة "فورية" من الولايات المتحدة وكلّف مديرة الوكالة الأميركيّة للمساعدة الدوليّة للتنمية (يو إس أيد) سامانتا باورز تنسيق هذا الجهد".

من جهته، أكّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنّه "يتابع آخر تطوّرات المأساة في هايتي". وكتب على تويتر "الأمم المتحدة تعمل لدعم الإحتياجات الطارئة".

وأعرب البابا فرنسيس عن تضامنه مع هايتي ودعا الأسرة الدولية إلى "مساعدتها".

وقال خلال صلاة التبشير الملائكي الأحد "أودّ أن أعرب عن تضامني مع السكان الذين تضرّروا بشدّة من الزلزال". وأضاف "أتوجّه بكلمات تشجيع للناجين آملًا أن يتدخّل المجتمع الدولي وأن يؤدّي تضامن الجميع إلى التخفيف من عواقب المأساة".

أعلنت جمهوريّة الدومينيكان، المجاورة لهايتي والواقعة على الجزيرة نفسها، إرسال عشرة آلاف حصة غذائية عاجلة ومعدّات طبية.

كذلك، عرضت المكسيك والبيرو والأرجنتين وتشيلي وفنزويلا المساعدة، وأرسلت الإكوادور فريقاً من 34 عنصر إسعاف للمشاركة في عمليّات البحث.

وأكّد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز للهايتيين أنّ بإمكانهم "الإعتماد على مساعدة إسبانيا".

وجهّز الأطباء الكوبيّون البالغ عددهم 253 والموجودون في البلاد للمساعدة في مكافحة جائحة كوفيد-19، مستشفى في بور أو برنس لإستقبال الجرحى.

وأعلنت لاعبة التنس اليابانية ناومي أوساكا المولودة لأب هايتي، منح جميع إيراداتها التي ستحصل عليها في بطولة مقبلة لضحايا الزلزال. وكتبت في تغريدة "هذا الدمار مؤلم حقًا".

أضرار وضحايا

عند الساحل الجنوبي لهايتي، إنهار فندق "لو منغييه" الذي يتألّف من طبقات عدّة بالكامل في لاس-كايس، ثالث أكبر مدينة في البلاد.

وانتشِلت جثّة مالك الفندق العضو السابق في مجلس الشيوخ بهايتي غابرييل فورتوني، من تحت الأنقاض بحسب شهود. وأكّد رئيس الوزراء وفاته في وقت لاحق.

وشعر سكّان مجمل البلاد بالزلزال. وتعرّضت مدينة جيريمي التي يقطنها أكثر من مئتي ألف نسمة عند الطرف الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة، لأضرار كبيرة في وسطها المكوّن بصورة أساسية من منازل ذات طبقة واحدة.

وقال جوب جوزيف، أحد سكّان جيريمي "سقط سقف الكاتدرائيّة. الشارع الرئيسي مغلق".

وقالت كريستيلا سان إيلير (21 عامًا) التي تقطن قرب مركز الزلزال "كنت داخل منزلي عندما بدأ يهتز، كنت قرب النافذة ورأيت كل الأشياء تتساقط" مشيرةً إلى أنّ "قطعة من الحائط سقطت على ظهري لكنّي لم أصب بجروح خطرة".

تحدّي إعادة الإعمار

وقد تتوقّف جهود الإغاثة مع اقتراب العاصفة الإستوائية "غريس" مع خطر هطول أمطار غزيرة وحصول فيضانات سريعة، حسب إدارة الأرصاد الجويّة الوطنيّة الأميركيّة.

صوّر شهود ركام العديد من المباني الإسمنتية بينها كنيسة يبدو أنّها كانت تشهد احتفالاً دينيًا صباح السبت في منطقة تبعد 200 كيلومتر جنوب غرب بور أو برانس.

ولا يزال أفقر بلد في القارة الأميركية يذكر زلزال 12 كانون الثاني/ يناير 2010 الذي دمر العاصمة والكثير من المدن.

وقتل حينذاك أكثر من مئتي ألف شخص وجرح أكثر من 300 الف آخرين، فضلاً عن تشريد مليون ونصف مليون من السكان.

وبعد أكثر من عشر سنوات على هذا الزلزال المدمّر، لم تتمكّن هايتي الغارقة في أزمة إجتماعية سياسية حادّة، من مواجهة تحدّي إعادة الإعمار.