إيلاف من دبي: مع سيطرة حركة طالبان على الأراضي الأفغانية، استولت الحركة على معدات عسكرية أميركية تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، بعدما سيطرت قبل أيام على مطار قندوز شمال البلاد، وفقًا لتقرير نشره موقع "الشرق" الإخباري.

وذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية أن من بين المعدات العسكرية مركبات مصفحة مضادة للألغام، وطائرات بدون طيار، وعربات من طراز همفي أميركية الصنع.

ونشر الصحافي بصحيفة "بيلد" الألمانية جوليان روبكة، صوراً للمعدات التي استولت عليها طالبان، عبر حسابه على موقع تويتر، من بينها صور لعربات مصفحة مضادة للألغام من طراز International M1224 MaxxPro أميركية الصنع، وطائرات بدون طيار من طراز ScanEagle، التي تنتجها شركة "إنسيتو" التابعة لشركة بوينج لصناعة الطائرات.

وانتقد الصحافي الألماني "الانسحاب المتسرع لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من دون تأمين اتفاق سلام أو مهمة متابعة"، مضيفاً أن مليارات الدولارات من التي أنفقها دافعو الضرائب الأميركيون، أصبحت تحت سيطرة "المتشددين" بسبب قرار الانسحاب.

ونقلت "إندبندنت" عن متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" قوله إن الأسئلة بشأن المعدات العسكرية الأفغانية يجب أن توجه للمسؤولين الأفغان.

وظلت القوات الحكومية الأفغانية محاصرة لمدة شهرين، في مقاطعة قندوز شمال البلاد، وبسبب نقص الإمدادات من الغذاء والسلاح، وجد العديد من الجنود أن "القتال لم يعد مجدياً"، حسبما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

استثمار تريليون دولار

ودافع الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، عن قرار الانسحاب من أفغانستان، وأكد أنه "على مدار حربنا في أفغانستان التي استمرت 20 عاماً، أرسلت أميركا أفضل شبابها، رجالاً ونساءً، واستثمرت نحو تريليون دولار، ودربت أكثر من 300 ألف جندي وشرطي أفغاني، وزودتهم بأحدث المعدات العسكرية، وحافظنا على قواتهم الجوية في إطار أطول حرب في التاريخ الأميركي"، وفقًا لـ "الشرق".

وقال بايدن إن "الوجود العسكري الأميركي لسنة أخرى، أو لخمس سنوات، ما كان ليُحدث فرقاً إذا كان الجيش الأفغاني غير قادر، أو لن يقدر على السيطرة على بلاده. والوجود الأميركي اللانهائي في صراع أهلي في بلد آخر، لم يكن أمراً مقبولاً بالنسبة لي".

تفاخر بالغنيمة

وانتشرت خلال الأيام الماضية بشكل واسع على مواقع إلكترونية موالية لـ"طالبان"، مقاطع فيديو تُظهر مقاتلين من الحركة يصادرون شحنة أسلحة هنا وهناك، ومعظمها مقدَّم من قوى غربية. وفي صور أخرى لجنود يستسلمون أمام مقاتلي "طالبان" في مدينة قندوز شمال شرقي البلاد، تظهر آليات مصفّحة ومجهّزة بقاذفات صواريخ بين أيديهم.

وفي مدينة فرح الغربية، يسيّر مقاتلون دوريات في الشوارع على متن آلية رُسم عليها نسر يهاجم أفعى، وهي الشارة الرسمية لأجهزة الاستخبارات الأفغانية.

وقالت جوستين فليشنر من مؤسسة بحوث التسلح أثناء النزاعات "كونفليكت أرمامنت ريسرتش"، إنه على الرغم من أن القوات الأميركية أخذت معها أثناء انسحابها المعدّات المتطورة، فإن مقاتلي طالبان استحوذوا على "مركبات وآليات هامفي وأسلحة خفيفة وذخيرة".

ويرى الخبراء أن هذه "الغنيمة" غير المتوقعة ساعدت إلى حدّ بعيد مقتلي طالبان، الذين بإمكانهم أيضاً الاعتماد على مصادرهم الخاصة للحصول على أسلحة. واتُّهمت باكستان خصوصاً بتمويل مقاتلي الحركة وتسليحهم، وهو ما نفته إسلام أباد على الدوام.

واعتبر الخبير في كلية "إس. راجاراتنام" للدراسات الدولية في سنغافورة، رافايلو بانتوتشي، أنه مع الانسحاب شبه الكامل للقوات الأميركية، يجد مقاتلو طالبان أنفسهم يملكون عدداً كبيراً من المعدّات الأميركية من دون الحاجة إلى إنفاق أي مبلغ للحصول عليها. وقال بانتوتشي إنه "أمر خطير جداً. من الواضح أنها نعمة سقطت عليهم".

طالبان والقاعدة

وبحسب "الشرق"، قبل أسابيع من الذكرى العشرين لاعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، تعرض حركة طالبان بزهوّ هذه الترسانة التي هبطت عليها من السماء، وتواصل -بحسب الأمم المتحدة- إقامة روابط وثيقة مع تنظيم القاعدة الذي يقف خلف هذه الاعتداءات.

وقال جايسون أمريني، وهو عنصر سابق في القوات الأميركية الخاصة شارك في غزو أفغانستان عام 2001 لطرد طالبان من الحكم، إن الأميركيين كانوا مستعدين لفكرة أن مقاتلي الحركة سيستحوذون على بعض الأسلحة، لكن سقوط المدن بشكل سريع في أيديهم كان السيناريو الأكثر تشاؤماً لواشنطن.

وأضاف أن "الولايات المتحدة جهّزت الجيش الوطني الأفغاني مفترضةً أن الأسلحة والمعدّات يمكن أن تقع في أيدي طالبان"، موضحاً أن "الأزمة الحالية كانت السيناريو الأسوأ حين اتُخذت قرارات شراء المعدّات".

استعراض للدعاية

في مقطع فيديو التُقط داخل مطار ولاية قندوز الأفغانية يظهر مقاتل من حركة طالبان على متن دراجة نارية حمراء اللون، أثناء مشاهدته مروحية عسكرية على مدرج قريب. ويمكن ملاحظة مشهد الابتهاج ذاته في جميع الأراضي التي سيطرت عليها الحركة.

ويشير المحلل السابق في مجال مكافحة الإرهاب لدى وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)، أكي بيريتز، إلى أن "ذلك سيكون لأغراض دعائية فقط"، فالأسلحة الخفيفة أكثر فائدة، على غرار الآليات التي ستسهّل التنقلات في الأراضي الوعرة.

في يونيو الماضي، نشرت مجلة "ديفنس وان" الأميركية، المتخصصة في الشؤون الدفاعية، تقريراً عن أساليب القوات الأميركية في التخلص من العتاد والأسلحة قبل انسحابها من أفغانستان.

وأشار التقرير إلى إرسال القوات الأميركية أكثر من 1800 قطعة من العتاد إلى وكالة لوجستيات الدفاع من أجل تدميرها، بالإضافة إلى ما نُقِل بالفعل من معدات خارج أفغانستان عبر أكثر من 100 طائرة شحن من طراز "سي-17"، بحسب بيان نشرته القيادة المركزية الأميركية في مايو الماضي.

ونقل التقرير عن سمير لالواني، الباحث البارز في مركز "ستيمسون" الأميركي القول: "لا أعتقد أننا نثق ثقة تامة في الجيش الأفغاني، أو في صفوفه بالكامل على الأقل، فلطالما عرفنا أنه قوة ذات ثغرات. أضِف إلى ذلك عوامل الفساد أو ترك القوات الأفغانية لمواقعها وعتادها، فالأطراف الذين ربما نلجأ إليهم اليوم باعتبارهم شركاء موثوقين، قد يتحالفون مع أطراف خطيرة غداً".

وقال النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا مات جايتز، خلال جلسة استماع في 12 مايو الماضي، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي: "منبع قلقي هو أن الحكومة الأفغانية قد تصبح هي نفسها طالبان في وقت ما، عقب انسحابنا".

قلق في الكونجرس

قال أحد أعضاء مجلس النواب لشبكة "فوكس نيوز" الأميركية، إن "المشرعين قلقون من سقوط المعدات والأسلحة الحديثة التي قدمتها الولايات المتحدة لأفغانستان في أيدي حركة طالبان".

وأشار إلى أن "زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفين مكارثي، كان غاضباً للغاية في الجلسة، وتساءل عما إذا كانت الحدود الأميركية آمنة، خصوصاً مع اقتراب الذكرى الـ20 لهجمات 11 سبتمبر"، كما جاء في تقرير "الشرق".

في سياق متصل، قال النائب الجمهوري جيم بانكس، الذي خدم في أفغانستان كضابط في البحرية الأميركية، عبر حسابه على تويتر: "من الواضح أن إدارة بايدن بوغتت دون استعداد، ولم تتوقع هذه الكارثة. والرئيس بايدن يختبئ ونائم على عجلة القيادة".