إيلاف من الرباط: أعلن عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية المكلف، الأربعاء، عن أحزاب الغالبية الحكومية، التي ستتشكل من "التجمع الوطني للأحرار" و"حزب الأصالة والمعاصرة" و"حزب الاستقلال"، وهي الأحزاب الثلاثة التي احتلت المراتب الأولى والثانية والثالثة، خلال انتخابات 8 سبتمبر، وذلك تأكيدًا للخبر الذي كان "ايلاف المغرب" سباقا الى نشره قبل عدة ايام، ومفاده ان الغالبية الجديدة ستقتصر على 3 أحزاب هي تجمع الاحرار، والاصالة والمعاصرة، والاستقلال.
وتحدث أخنوش، في مستهل كلمته خلال اللقاء الرسمي للإعلان عن الغالبية الحكومية، في حضور عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ونزار بركة الأمين العام لـحزب الاستقلال، عن المشاورات التي أجراها مع غالبية الأحزاب الوطنية الممثلة في البرلمان، وذلك "وفق منهجية ديمقراطية تحكمها مقتضيات الدستور وثوابت الأمة الجامعة والمتمثلة في الإسلام دين الدولة والوحدة الوطنية متعددة الروافد والملكية الدستورية والاختيارات الديمقراطية".

توازن الأغلبية والمعارضة
أشار أخنوش إلى أن تشكيل الأغلبية الحكومية جاء في وقت وجيز، وذلك "حفظا للزمن السياسي والتنموي"، مشددا على أنه جرى الحرص على استحضار تحديات المرحلة التي تتسم بضرورة التسريع بإخراج وتنفيذ مضامين الميثاق الوطني من أجل التنمية، وكذا حجم انتظارات المواطنين التي جرى الوقوف عليها عن قرب، بعدما خلفته جائحة (كورنا) من تداعيات اقتصادية واجتماعية.
وشدد أخنوش على حرص جماعي للأحزاب الثلاثة على "التسريع بتشكيل غالبية متماسكة وفعالة في أفق عرض التشكيلة الحكومية على أنظار صاحب الجلالة وإخراجها إلى حيز الوجود لتباشر فورا عملها في انسجام تام وفي نكران للذات وتضامن كامل بين مكوناتها والتفاف جماعي حول مشروع واحد هو تمكين المغاربة من العيش الكريم".
وعبر أخنوش عن تفهمه لــ "تطلعات بعض الأحزاب السياسية للمشاركة في الحكومة المقبلة"، وقال إنها تبقى تطلعات "مشروعة ومستحقة"، مشيرا إلى أن "مبدأ التوازن ما بين الأغلبية والمعارضة يقتضي ألا يتم تركيز كل القوى في جانب دون آخر لضمان فعالية الأداء الحكومي والبرلماني سواء الأغلبي منه أو المعارض".
وأوضح أخنوش أن المنطق الذي حكم اختيار هذه الأغلبية هو، أولا، توجه الإرادة الشعبية، حيث أن هذه الأحزاب الثلاثة نجحت بغالبية كثيرة في إقناع الناخبين، كما أنها تتقاسم الشيء الكثير تاريخيا وحاضرا ومستقبلا؛ علاوة على أن البرامج الانتخابية تتقاطع بشكل كبير وتتبنى نفس الأولويات التي يطالب المغاربة بإصلاحها في الشقين الاقتصادي والاجتماعي، وهي برامج، قال إنها ستشكل "أرضا خصبة ومناسبة لإعداد برنامج حكومي قوي".
وأكد أخنوش أن النقاش سيتواصل لإخراج مقترح الهيكلة الحكومية والتشكيلة الوزارية قصد عرضها على أنظار الملك، مشددا على الحاجة إلى "اقتراح أسماء تتمتع بالكفاءة والمصداقية والأمانة لتحمل مختلف المسؤوليات"، وذلك حتى يتم الوفاء بالالتزامات والتعهدات والإجابة على انتظارات المغاربة.

تجربة فريدة ومسؤولية كبيرة
قال وهبي إن "المسؤولية كبيرة جدا"، لأن "انتظارات المواطنين كبيرة جدا" على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والحريات ،الشيء الذي يفرض "تقديم نموذج لحكومة قوية منسجمة تشتغل على جميع الواجهات لإخراج المغرب من أزمته، بمساعدة المغرب والتعاون معهم لبناء مستقبل أفضل".
وشدد وهبي على "حكومة منسجمة تتعامل بمسؤولية مشتركة تتواجه مع الملفات ولا تؤخرها، ثم تبني للمغاربة آمالا مستقبلية".
وأشار وهبي إلى الانسجام الحاصل بين الأحزاب الثلاثة على مستوى هيئات القرب، من مجالس جهوية وجماعية، متمنيا أن يتجسد الانسجام أيضا على مستوى الحكومة المقبلة.
ووعد وهبي بالتعامل بــ"حسن نية وصدق ونزاهة وجرأة وبصراحة ووضوح طيلة مدة عمل الحكومة"، متمنيا نجاحها في "خلق الأمل للمغاربة ورفع كثير من الظلم الاقتصادي والاجتماعي على كثير من المغاربة".
وبعد أن عبر عن ارتياحه لما جرى الاتفاق عليه على مستوى الخطوط العريضة لعمل الحكومة المقبلة، تحدث وهبي عن الخلاف الديمقراطي والحوارات التي كانت تعلو وتنخفض والتي حدثت بين الأحزاب الثلاثة خلال الحملة الانتخابية، مشيرا أنها تعبر عن السمة الديمقراطية للعمل السياسي.
وختم وهبي كلمته بالتشديد على أن "الإرادة المشتركة والنقية والشجاعة والجريئة ستعطي للمغرب تجربة فريدة للعالم وللعالم العربي، مؤداها أن "المغرب يعالج قضاياه بشكل ديمقراطي وليس بشكل تعسفي".

بديل سياسي وديمقراطي
من جهته، قال بركة إن حزبه يرحب بانضمامه للتحالف الحكومي الذي أفرزته صناديق الاقتراع، والذي يشكل اليوم، حسب قوله، "البديل السياسي والديمقراطي المنتخب لقيادة المرحلة المقبلة".
وأضاف بركة أن حزب الاستقلال يتطلع إلى أن تنبثق عن هذا التحالف "حكومة قوية منسجمة يطبع أداءها التجانس والتعاون والنجاعة والرؤية المستقبلية والإرادة القوية للتغيير والقطع مع السياسات التي وصلت إلى مداها"، كما يتطلع إلى أن "ينعكس الانسجام الحكومي على التدبير الترابي بشكل يكون للبرنامج الحكومي وقعه وتأثيره الإيجابي في العمق الترابي بما يلبي مصالح المواطنين"، لافتا إلى أن التنسيق الجاري بين الأحزاب الثلاثة في انتخابات الأجهزة المسيرة للجهات والجماعات والمقاطعات والعمديات يخدم هذا التوجه، للتفاعل إيجابيا مع تطلعات وانتظارات المواطنين، واستعادة الثقة في المؤسسات وبناء المستقبل انطلاقا من توجيهات النموذج التنموي الجديد.
وقال بركة إنهم في حزب الاستقلال عملوا على تطوير هذا المنحى،وأنهم سيعملون من أجل "صنع البديل الخلاق والرؤية الواضحة للمستقبل"، وتعبئة كل قدرات الحزب ورصيده الفكري ومرجعيته التعادلية وتجاربه التي راكمها في تدبير الشأن العام المحلي والوطني من أجل إنجاح هذه الحكومة وهذه المحطة الأساسية بالنسبة للمغرب، للمساهمة في التطور الديمقراطي وبلورة وإنضاج الاختيارات والتصورات والبرامج والسياسات الكفيلة بإنجاح أوراش الإصلاح التي يقودها الملك محمد السادس.
وتحدث بركة عن عمل الأحزاب الثلاثة لتشكيل الغالبية الحكومية: "إننا كأحزاب كحرصنا على تغيير المقاربة المعمول بها سابقا، بحكم أننا نعلن اليوم عن تشكيل الأغلبية الحكومية قبل الشروع في تحديد وتوزيع القطاعات الحكومية التي سيتولى تدبيرها كل حزب على حدة، لأننا اعتبرنا أن الأهم هو التجاوب مع الإرادة الشعبية، وبناء أجواء الثقة، والتركيز على التوافق حول البرنامج الحكومي انطلاقا من الالتزامات التي أخذناها على عاتقنا في البرامج الانتخابية للأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية، وانطلاقا من التوجيهات التي جاءت في النموذج التنموي الجديد".
وخلص بركة بالربط بين وعود البرامج الانتخابية وإكراهات التدبير الحكومي، فقال: "لا بد من البحث عن مواءمة خلاقة تعبئ ذكاءنا الجماعي، نابعة من التزاماتنا الواقعية كأحزاب مكونة للأغلبية الحكومية وأرادتنا المشتركة في الإصلاح وإعطاء جيل جديد من الإصلاحات تستحضر ارتفاع سقف المطالب الشعبية المشروعة والملحة التواقة للأفضل والأحسن، ولكن في نفس الوقت تأخذ بعين الاعتبار الظرفية الاقتصادية الحالية الصعبة وضيق هوامش التدخل في ظل استمرار التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة (كورونا)".
في غضون ذلك ، علم "إيلاف المغرب" ان قادة الاحزاب الثلاثة اتفقوا على الا يتم تسريب اسماء المرشحين للاستيزار تفاديا لاندلاع حروب "داحس والغبراء" بين الطامحين للاستيزار في صفوف الاحزاب الثلاثة.